‘واشنطن بوست: “أوقفوا تسمية النزاع السوري “حربًا أهلية” إنه ليس كذلك.”’
24 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
أحمد عيشة
بتسميته حربًا أهلية نمنح نظام الأسد قدرًا من الشرعية، كما أن لها تأثيرًا خطرًا على المساءلة الدولية.
سكان حلب، سورية، يهربون من تقدم القوات الحكومية يوم 13 كانون الأول/ ديسمبر2016. (سترينغر/ وكالة الصحافة الفرنسية/ صور غيتي)
في السنوات الخمس الماضية، تحولت سورية إلى عدد من الأشياء: أزمة لاجئين، ومستنقع إقليميّ، وكابوس غربيّ، وملاذ للإرهابيين، ولعبة السلطة الروسية، وجوهر طموحات إيران.
بالنسبة إلى المجتمع الدولي، على أيّ حال، فهي حربٌ أهلية، حيث تشير الأمم المتحدة والحكومات الغربية ووسائل الإعلام والاتحاد الأوروبي جميعهم، إلى الصراع السوري بهذه الطريقة.
في كانون الأول/ ديسمبر 2015، أكّدَ وزير الخارجية جون كيري على ضرورة “إنهاء الحرب الأهلية في البلاد”، وفي أيلول/ سبتمبر من هذا العام، نشرت صحيفة نيويورك تايمز تفسيرًا طويلًا عن الصراع، وعن الحلّ، من بين أسئلة أخرى، كان السؤال: “ما الحرب الأهلية السورية”؟
هذه التبسيطات غير دقيقة وخطِرة، فهي تعفي المجتمع الدولي من المسؤولية، وتمنح بشار الأسد قدرًا من الشرعية، كما أنها تعفي روسيا وإيران -المشاركتين بفاعليةٍ مع القوات في الصراع- من الذنب، وتسمح للجماعات الإرهابية الداخلية بتبرير مشاركتها، وتبرير العنف.
لا يوجد شكٌ في أنَّ الحرب الأهلية هي واحدةٌ من الطبقات الكثيرة في الصراع السوري، حيث تقاتل الفصائل المحلية بعضها بعضًا، لكن، على الرغم من ذلك وحقيقةً، فهذه حربٌ على الشعب السوري، يقوم بها نظام الأسد وحلفاؤه.
ونحن نرى ذلك في أعمال العنف. وفقًا للشبكة السورية لحقوق الإنسان، فإنَّ قوات الأسد قتلت 95 في المئة من الضحايا السوريين. إضافة إلى ذلك، يسيطر الأسد على الجيش، بما في ذلك الدبابات والطائرات والبرميل المتفجرة، وقد قصف المناطق التي شهدت احتجاجات سلمية، واستخدم الأسد الأسلحة الكيماوية ضد شعبه، ويسيطر على أجهزة المخابرات والأمن والجيش التي عملت بشكل منتظم، وبلا كلل منذ عام 2011، في اعتقال وتعذيب وقتل كل الناشطين السلميين.
كما أطلق الأسد سراح الإسلاميين الخطرين من السجن، وسمح لهم بتنظيم الجماعات المسلحة وبنائها، فهو لم يفعل ذلك من قبيل المصادفة، ولكن كجزءٍ من استراتيجيةٍ لخلق حربٍ أهلية، ويجبر ما تبقى من الثورة على التطرف، وكانت إستراتيجيته لتحويل القصة من الإصلاح إلى الطائفية من خلال التأكيد على الإرهاب الإسلامي، وتقديم نفسه على أنه شريكٌ في الحرب العالمية على الإرهاب.
من الصعب أن تعادل بين ادعاء الحرب الأهلية، والكمّ الهائل من التدخل الخارجي، الذي يواجه مقاومةً قوية من جماعات المعارضة المسلحة، حيث سمح الأسد لكلٍ من إيران وروسيا في مساعدته، وفي إبقاء نظامه على قيد الحياة.
في الواقع، يقاتل جيش الأسد بصعوبةٍ اليوم، فالقوة القتالية على الأرض هي في معظمها للميليشيات الشيعية، مع بعض كتائب الجيش العربي السوري -تشير جميع التقارير إلى حزب الله والحرس الثوري الإيراني وبمساعدة من القصف الجوي الروسي؛ فمن دون إيران وروسيا، لكان الأسد قد رحل منذ زمنٍ بعيد.
سفير الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، سامانثا باور، تحدثت بقوة في يوم 13 كانون الأول/ ديسمبر عن الوضع المتدهور في سورية، بعد أن نفى السفير السوري وجود عمليات إعدام جماعية، أو هجمات انتقامية في مدينة حلب، سألته باور: “ألا يوجد حرفيا شيء يمكن أن تخجل منه؟” (أسوشيتد برس)
كيف يمكننا أن نسمي هذا الصراع حربًا أهلية، حيث نادرًا ما تقاتل المعارضة السورية موالين سوريين، وبدلًا من ذلك يحاربون المقاتلين الأجانب في بلدها؟ هل هي حربٌ أهلية عندما تشارك كل من روسيا وإيران والمملكة العربية السعودية والولايات المتحدة، وغيرها من دول حلف شمال الأطلسي المتنوعة بطريقةٍ أو بأخرى؟
إنّ تسميتها حربًا أهلية له تداعيات خطِرة على السياسة، فهي تحمي الأسد، فقد يكون الأسد دكتاتورًا بغيضًا، وهذا غنيٌّ عن المنطق، ولكنه فرد مستقر، كما أنها تعطي الانطباع بأن هذا صراعٌ داخلي، مُتيحًا للقوى الغربية والمنظمات الدولية ألا تنحاز إلى أي جانبٍ، ونتيجةً لهذا التقاعس عن العمل، شهد العالم نزوح اللاجئين السوريين، وإعاقة جهد الولايات المتحدة من جانب روسيا وإيران والهجمات الإرهابية في المدن الأوروبية.
تحمل المساواة بين القاتل والضحية تحديًّا أخلاقيًّا، يشرعن في نهاية المطاف جرائم النظام ضد الإنسانية، كما يُخضع التاريخ الحديث لسورية الذي جلب حافظ الأسد إلى السلطة، حيث رفض حزب البعث والأسرة الحاكمة في نهاية المطاف، السماح لأيّ شخصٍ آخر في سورية المشاركة في الحياة السياسية، وقد لجأ هذا النظام دائمًا إلى الحلول العسكرية، ولم يلجأ أبدًا إلى المفاوضات بدلًا من العنف.
اليوم، حيث تقود إيران المعارك في سورية، وروسيا تفاوض المجتمع الدولي حول مستقبل سورية، ما تبقى من النظام هو صورةٌ مطلوبة فحسب، للمحافظة على مصالح دول أخرى.
هذه ليست حربًا أهلية. عندما نتوقف عن تسميتها حربًا أهلية، نكون قادرين على فهم تاريخ النظام وإستراتيجيته، وفهم الطبقات المتعددة من الشعب السوري، ومصالح أولئك الذين يتدخلون بالفعل، وأهمية المساءلة.
اسم المقالة الأصلي Stop calling the Syrian conflict a ‘civil war.’ It’s not. الكاتب* حنين غدار، Hanin Ghaddar مكان النشر وتاريخه واشنطن بوست، The Washington Post
14-12-2016
رابط المقالة https://www.washingtonpost.com/posteverything/wp/2016/12/14/stop-calling-the-syrian-conflict-a-civil-war-its-not/?utm_term=.efbb9ccadf54 ترجمة أحمد عيشة
[sociallocker] [/sociallocker]