إيران وروسيا وتجريد الأسد من نفوذه.. القصة الكاملة لما حدث في فرع أمن الدولة بحمص

25 ديسمبر، 2016

على الرغم من التنسيق الروسي الإيراني في سوريا، والعمل المشترك لدعم الأسد تحقيقاً لمصالحهم، إلا أن تنافسا بين الجانبين يطفو على السطح بين الحين والآخر كلما باتت مصالح الطرفين في طريقها للتصادم، ليبقى الخاسر الأكبر رئيس النظام بشار الأسد الذي يجرده الطرفان نفوذه شيئاً فشيئاً.

ويتجلى هذا التنافس بشكل واضح في محافظة حمص، في مسعى من الطرفين لتثبيت نفوذهما في إحدى أهم المدن السورية والتي يقطن فيها أغلبية مؤيدة للنظام، وتعد منطقة جغرافية هامة لتوسطها البلاد.

وتعد الفروع الأمنية إحدى أهم الساحات التي يتسابق الروس والإيرانيون فيها لوضعها تحت نفوذهم، نظراً للدور الكبير المنوط بتلك الفروع والصلاحيات الواسعة الممنوحة لها في المناطق التي يسيطر عليها.

تحجيم الدور الإيراني

وفي هذا السياق، شهد فرع “أمن الدولة” في محافظة حمص تغييراً على مستوى رئاسة الفرع والضباط الرئيسيين فيه، وبحسب معلومات حصلت عليها “السورية نت” من مصادر خاصة -طلب بعضها عدم الكشف عن هويته – فإن التغيير جاء انطلاقاً من رغبة موسكو  في قطع العلاقة بين آخر فرع أمني في حمص وميليشيا “الدفاع الوطني” المدعومة من إيران، بقصد الحد من  دور الأخيرة في عرقلة المصالحات التي تسعى إليها روسيا خاصة في حي الوعر وريف حمص الشمالي.

وكانت صفحات موالية للنظام، أكدت مطلع الشهر الجاري أنه تم عزل العميد  عقاب عباس من رئاسة “أمن الدولة”، وتعيين العميد إبراهيم درويش الذي كان يشغل منصب رئيس فرع أمن الدولة في محافظة حماة  بدلاً عنه.

وفي البحث عن خلفيات عزل العميد عباس، والأسباب ورائه، توصل مراسل “السورية نت”، في حمص، يعرب الدالي، إلى أن العميد عباس هو عضو اللجنة الأمنية في حمص، والتي لها دور في “المصالحات” مع المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.

وتتألف اللجنة الأمنية، من الفروع الأمنية الرئيسية، وهي: “الأمن العسكري، والسياسية، والجوية، وأمن الدولة”، وكان العقيد عقاب عباس معروف بقربه من قيادات ميليشيا “الدفاع الوطني”، حتى أنه أشرك قائد الميليشيا في في اللجنة الأمنية وكان هذا قبل التدخل الروسي في سوريا نهاية سبتمبر/ أيلول 2015، والمستمر للآن.

“روسيا والمصالحات”

ومع بداية الحملة الروسية، أسست موسكو مركز “حميميم للمصالحات الوطنية” بريف اللاذقية، ووفقاً للمصادر فإن روسيا كلفت في حمص الأمن العسكري، والأمن الجوي رسمياً لإدارة ملف المصالحات مع المناطق التي تخضع لسيطرة المعارضة، في استثناء واضح لفرع “أمن الدولة” الذي كان على رأسه ضابط مؤيد لإيران.

وفي ذات الوقت، أبعدت موسكو ميليشيا “الدفاع الوطني” عن اللجنة الأمنية كونها تتلقى تمويلها من إيران، وتعرقل بشكل مستمر مشاريع المصالحات أو أي اتفاق يبرمه مركز “حميميم”، وذلك بحسب ما تحدث به “جمال” الذي كان أحد أعضاء وفد المعارضة الذي زار الفروع الأمنية من أجل إتمام اتفاق التهدئة في مناطق جواليك، وسنيسل في ريف حمص الشمالي، في مارس/ آذار الماضي، وحينها وصف الإعلام الروسي هذه “المصالحة” بـ”الهامة”.

ويضيف جمال في تصريح لـ”السورية نت” أن رئيس فرع الأمن العسكري، قال لهم أن “الروس شخصياً يضعون ثقلهم في المصالحات، وهم كلفوا الفروع الأمنية بشكل مباشر في إتمام الأمر”، لافتاً أن ضباط روس كانوا يحضرون اجتماعات الوفد مع فرع الأمن العسكري.

وأشار “جمال” إلى أنهم توجهوا لرئيس “الأمن العسكري” بسؤال حول ميليشيا “الدفاع الوطني” ودورها في منع إدخال المساعدات وتعطيل الاتفاق، قال: “رد رئيس الفرع بأن الدفاع الوطني لن يبقى في مواقعه وسوف يتم إبعاده إلى ريف حمص الشرقي والأطراف الشرقية من ريف حمص الشمالي”، مضيفاً: “وهذا ما يؤكد الخلاف بين الفروع الأمنية والدفاع الوطني”.

مفاوضات الوعر

التنافس الروسي الإيراني، ظهر أيضاً، خلال مفاوضات في حي الوعر،  وحينها تسبب العميد عقاب عباس وكان دائماً يعرقل أي اتفاق يتم التوصل إليه بخصوص الوعر.

فعلى سبيل المثال كان يضع حواجز عسكرية، ويمنع دخول السيارات إلى الحي، وينفذ حملات اعتقال عشوائية ضد المدنيين، وبحسب الناشط عمار الحمصي الذي تحدثت لـ”السورية نت”، فإنه سمح لميليشيا “الدفاع الوطني” باستخدام رشاشات عيار 23 على حي الوعر، وصواريخ الفيل أثناء فترة الهدن.

وأضاف عمار أنه بعد تغيير رئيس فرع “أمن الدولة”، عباس، وتعيين إبراهيم درويش، حصل اجتماع بين لجنة التفاوض من حي الوعر، وبين لجنة تفاوض من النظام، لافتاً إلى وجود ك 3 ضباط روس، يترأسهم رئيس “مركز المصالحة الوطنية” في حمص، التابع لقاعدة حميميم العسكرية.

ولفت الناشط أيضاً إلى أن مهمة روسيا في إجراء المصالحات أصبحت أسهل من تغيير قيادة الفرع المؤيدة لإيران.

من هو إبراهيم درويش؟

والضابط الذي تولى حديثاً إدارة فرع “أمن الدولة” بحمص، كان رئيساً لذات الفرع في حماه، ويبدو أن روسيا اختارته لمعرفتها بعدائه المطلق لميليشيا “الدفاع الوطني”.

وأشار مراسل “السورية نت”، الدالي، إلى أنه سُجل منتصف العام الماضي اشتباك مباشر بالأسلحة الثقيلة بين فرع “أمن الدولة” وميليشيا “الدفاع الوطني” بقيادة خير لله الشيخ علي، وآخر يدعى حسن حمرة، وهما من المؤيدين للتدخل الإيراني بسوريا، حتى أن الشيخ علي زار إيران مع بدء الثورة بسوريا.

ولم يكن هذا الصدام الأول من نوعه، بين العقيد إبراهيم درويش وميليشيا “الدفاع الوطني”، إذ تكررت مراراً بسبب تجارة المحروقات، ونقلها إلى مناطق المعارضة بريف حمص مقابل مبالغ مالية كبيرة.

تنافس واضح

التنافس الواضح بين إيران وروسيا في حمص، تحول إلى حديث علني بين الموالين للنظام في حمص، عبروا عنه في صفحاتهم على وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينها صفحة “تجمع شباب حمص”، التي يتابعها عشرات الآلاف، وصفحات أخرى تعود إلى ميليشيا “الدفاع الوطني”.

وتحدث هؤلاء عن تضيق تتعرض له ميليشيا “الدفاع الوطني”،  مشيرين أن “استمرار التضييق سيؤثر سلباً على أمن حمص”.

وخلال معارك تدمر الأخيرة وريف حمص الشرقي  التي سيطر فيها “تنظيم الدولة” على المدينة، وحقول نفط أخرى، تحدث صفحات النظام أن “الروس كانوا أول من انسحب من المعارك وأن الطيران لم يؤازر ميليشيات النظام، ومن بقي ليدافع عن الحقول، عدد من عناصر الدفاع الوطني، مع عناصر آخرين من قوات جيش النظام”.

وتأتي هذه الممارسات من الفروع الأمنية في حمص ومن خلفها روسيا ضد “الدفاع الوطني”، بقصد تهميش دورهم وإخراجهم من سلطة إيران. وربما يكون ذلك من خلال تشكيل “الفيلق الخامس اقتحام”، والذي يتألف من المتطوعين، بقصد الضغط على العناصر من أجل ترك “الدفاع الوطني” والالتحاق بالفيلق، وبذالك يكونوا تحت سيطرة الفروع الأمنية و”جيش النظام” والذي تسيطر عليه روسيا.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]