دونالد ترامب .. صعود المهرج


أكرم الأغا – ميكروسيريا

إن الصعود المذهل والفجائعي لدونالد ترامب، يذكرنا كثيراً بما كتبه نيتشه في كتابه العظيم هكذا تكلم زرادشت ( اذ نزل زرادشت من الجبل الى القرية. ليجد أهل القرية متجمعين في الساحة، مشدوهين، ينظرون إلى الأعلى حيث البهلوان يمشي على حبل مشدود بين برجين، بهدوء وثقة وهو يحمل عصا التوازن … وفجأة يخرج من نافذة البرج المهرج ويعدو وراء البهلوان ويصيح به ابتعد عن طريقي أيها الأعرج ثم يقوم بقفزته الخارقة من فوق البهلوان. يرتبك البهلوان وتسقط عصا التوازن من يديه ويهوى الى الارض ميتاً..)

ترامب هو المهرج الذي فاجأ وأربك اوباما وكلينتون المحترفين الذين يمسكان عصا السياسة بإتزان ، فأسقطهما وسط ذهول الجمهور. و لعلنا نذكر انه تهكم على أحد المعوقين بشكل علني و كأنه صدى لصيحة مهرج نيتشه ( ابتعد عن طريقي ايها الاعرج) كما أنها إشارة عنصرية إلى أوباما…

كان نيتشه يبشر من خلال زرادشت بالإنسان الأعلى وتجلى ذلك في صعود النازية التى اعتبرت الإنسان الأعلى هو العرق الجرماني الصافي في حين ان امريكا راعية الديموقراطية والمساواة في العالم، كما تدعي. تبنت موقفاً مختلفاً من نظرية الإنسان الأعلى وحاربتها. الأمريكان لم يستطيعوا تطويع نظرية الانسان الاعلى لصالحهم كونهم مجموعة من الأعراق و حتى البيض منهم هم خليط غير صاف من الأجناس الأوربية لذلك مثلوا الانسان الاعلى بشخصية سوبرمان القادم من كوكب بعيد و ليس من سلالة البشر. ليصبح تفوق الأمريكي يعتمد بالدرجة الاولى على انتمائه و ليس على صفاء عرقه فهذا الانتماء يوفر له الثروة و التفوق التكنولوجي، و هي صفات يمثلها الرجل الوطواط بامتياز فهو لا يمتلك قدرات خارقة بالولادة بعكس سوبرمان، بل من خلال التدريب و الثروة و التكنولوجيا أصبح خارقاً.و ليس غريباً أن تتسلل الفلسفة الى الثقافة الشعبية الأمريكة فقد ظهرت سلسلة الرجل الوطواط في عام 1939 قبيل الحرب العالمية الثانية لتواجه صعود هتلر النازي الذي كان مهرجاً أيضا كمهرج نيتشه. وتعتمد السلسلة على مغامرات المليونير بروس واين الذي يرتدى بزة الرجل الوطواط ويستخدم التكنولوجيا وفنون القتال لمحاربة الأشرار. وهو هنا يمثل البهلوان الذي يتقن عمله ويحافظ على التوازن بواسطة عصا التوازن التي تمثل التكنولوجيا. في حين ان العدو الأساسي للرجل الوطواط هو الجوكر (المهرج) الذي يحاول السيطرة على مدينة جوثام بالتعاون مع مختلف انواع الاشرار حتى انه في احد اجزاء السلسلة يستعين بالمافيا الروسية. وهذا يفسر الذعر الذي يشعر به الامريكان من وصول ترمب الى سدة الرئاسة. حتى انه قبيل الانتخابات الامريكية انتشرت ظاهرة المهرج الشرير في عدد من الولايات الامريكية اذ كان يظهر و يثير الذعر بين الناس في اشارة الى فوز المهرج على الرجل الوطواط والذي يسمي ايضا (الفارس الداكن) في اشارة الى بشرة اوباما الداكنة. يببقى ان نقول ان الرجل الوطواط لن يحارب المهرج في فيلمه القادم بل سيكون ضمن فريق من الابطال الخارقين في و المثير ان هذا الفريق سيحارب احد الالهة الالمانية القديمة و يدعى ابن اوى و اخته الكبرى المسيطرة عليه و تدعى ( هجرة).