‘فيسبوك ماسنجر: نسخة أخرى من سناب شات’
27 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
لمدة عشر سنوات، صاغ فيسبوك شَكل شبكة الإنترنت وتطبيقات الهاتف. استطاعات مؤسسة مارك زوكربرغ أن تفرض أسلوبها وأنماطها بفضل ما تمتلكه من كم ضخم لانهائي من المعلومات، فضلًا عن حسابات ملايين الأشخاص وخصائص الـ”لايك” والمشاركة والتعليق والإعلانات. أمام كل ذلك، اكتفت غوغل بتقديم نسخة باهتة من هذا النوع من المواقع، هي Google+.
لكن انتهت هذه المرحلة من السُلطة الأخلاقيّة التي مارسها فيسبوك على شبكة الإنترنت. يوم الخميس الماضي، أعلن الموقع عن تحديث لتطبيق الرسائل، الماسنجر، الذي يستخدم، بلا أي خجل، مزايا وتصميم تطبيق سناب شات. هذه الإضافات ستمكّن مستخدمي التطبيق من إرسال الصور لبعضهم بطريقة أسهل، وإضافة الملصقات وتأثيرات الوجوه عليها: كل شيء مَنسوخ تمامًا من سناب شات، حتى أماكن الأزرار.
إن تحديث تطبيق الماسنجر يوضّح لنا التغيّر الذي طرأ مؤخرًا على هذه الفترة. لم تَعُد الريادة لفيسبوك، بل انتقلت لسناب شات. في هذا التحديث، أصبح التطبيق يُعطي مكانةً مهمة للكاميرا، إذ يُمكن استخدام خصيصة الحكايات “Stories” لسَرد أحداث يومه أو لمشاركة ما يريده. كما يمكن للمستخدم أن يتجوّل في منصة “اكتشف” “Discover” حيث يجد العديد من المحتويات الحصريّة. ويشمل التطبيق أيضًا على نظارات متصلة بالإنترنت “Spectacles”.
إن النجاح الذي حققه سناب شات، ولا سيّما بين أوساط الشباب، يسبّب قلقًا لفيسبوك منذ البداية. حاول زوكبرغ شراء مؤسسة إيفان شبيغل، ثم أطلق بعد ذلك عدة تطبيقات منافسة لسناب شات. لكن زوكبرغ هذا العام انتهج إستراتيجيّة جديدة، ألا وهي إدخال خصائص سناب شات في تطبيقاته الأكثر شعبيّة؛ وهو يُخاطر بتغيير نمط عمل هذه التطبيقات.
قبل ماسنجر، تعرّض تطبيق إنستاغرام أيضًا لمثل هذا “التَرميم”. إذ أصبح مُتاحًا لمستخدميه مشاركة حكاياتهم والرسم على صورهم. أدّت هذه التطويرات إلى نجاح لا يمكن إنكاره. تخطّى إنستاغرام لتوّه حاجز الـ 600 مليون مستخدم نشط، وهو ضعف العدد بنهاية 2014. بدأ فيسبوك في إجراء اختبارات للـ”حكايات” في تطبيق واتساب ويعمل على تصميم نظام مشابه من Discover للشبكة الاجتماعية فيسبوك.
كل هذا التقليد وضع فيسبوك في موقف أصبح فيه هو التابع، وهو موقف لم يعتاده من قبل. إن مؤسسة مارك، وهي تتمتع بحِس إداري ممتاز، تفضّل أن تَسير على الاتجاهات الحديثة في الوقت المناسب، مثلما فعلت بالضبط مع خاصية البث المباشر للفيديو، كما تفضّل أن تجعل مئات الملايين من مستخدميها يتنقلون بين تطبيقاتها المختلفة؛ فمنتجاتها الأخيرة الأكثر تأثيرًا (واتساب، إنستاغرام، أوكولوس) إما مشتراة وإما مجرد نسخ مُقَلّدة.
مَن يفرض أسلوبه هو أيضًا الذي يوظّف أفضل المواهب ويجد نفسه دائمًا مغمورًا بالأفكار الحديثة المبدعة. هل هناك استفادة تُذكر من إعادة إنتاج، بلا أي خيال أو إبداع، خصائص تم تطويرها بالفعل قبل عدة أشهر من قبل سناب شات؟ مؤسسة مارك زوكربرغ الذي أطلق الفيسبوك منذ عشر سنوات يمتلك الإجابة على هذا السؤال.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]