‘خالد تاجا: الفنان حين يقف إلى جانب شعبه’

27 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

4 minutes

رلى العلواني

خالد تاجا، فنان مُخضرم، أحد أعمدة السينما والدراما السورية، لقّبه محمود درويش بـ “أنطوني كوين العرب”، امتلك موهبة فنية فريدة، وكانت له بصمة واضحة في الأعمال التلفزيونية السورية والعربية، وصفه كثير من الفنانين بـ “الزعيم” و”الفنان الشامل”، وعُدّ من أهم خمسين ممثلًا في العالم عام 2004، وفقًا لمجلة “تايم” الأميركية.

خالد عمر تاجا، من مواليد دمشق 1939، تخرّج من معهد الفنون التشكيلية والتطبيقية، وبدأ مسيرته الفنية في خمسينيات القرن الماضي، ثم أصبح عضوًا في نقابة الفنانين عام 1968.

شخصيته الحادة وصوته الرجولي الخشن جعلاه يُبدع في الأدوار الدرامية الجادة، حيث أضحى من أبرز الممثلين العرب، واختاره المخرج اليوغسلافي، يوشكو فوتونوفيتش، للعب دور البطولة في أول فيلم سينمائي تُنتجه المؤسسة العامة للسينما وهو (سائق الشاحنة) عام 1966.

شارك خلال مسيرته الفنية في عدد كبير من المسلسلات النوعية، مثل “الزعيم”، “التغريبة الفلسطينية”، وقدّم أيضًا مجموعة من الأعمال المسرحية، مثل “بيت للآجار”، “حرامي غصب عنه”، وغيرها كثير من الأعمال.

أجبرته أوضاعه الصحية على الابتعاد عن التمثيل لفترة من الزمن، ليعود بعدها إلى الشاشة الصغيرة بقوة، وليُقدّم من خلالها أدوارًا متنوعة، فشارك في مسلسلات اجتماعية مُعاصرة، وأخرى تعكس البيئة الشامية، كما شارك في أعمال تاريخية وكوميدية وناقدة.

لا يؤمن تاجا بالفنان النمطي، ويعتقد أن الفنان الحقيقي هو من يُقدّم تنوعًا من خلال الشخصيات التي يُجسّدها، وانطلاقًا من هذا الفهم، قدّم أعمالًا أثرت التلفزيون السوري والعربي، فاستحق التكريم وشهادات التقدير، ونال منها الكثير جدًا خلال حياته المهنية، مثل جائزة مهرجان بودابست بلجيكا عام 2010، وجائزة أدونيا عام 2005، والميدالية الذهبية في مهرجان دمشق السينمائي التاسع وغيرها العديد من الجوائز المحلية والعربية.

أيّد الثورة السورية منذ أيامها الأولى، ولم يتردد في التعبير عن رأيه المُناهض لسياسة النظام السوري وقمعه واستبداده، وكان يتوق إلى الحرية لكل السوريين، وشارك في عدد من المظاهرات مع مجموعة من الفنانين والمثقفين السوريين، مُعبّرًا عن رفضه لسياسة النظام وتعامله الوحشي تجاه المدنيين والمتظاهرين العُزّل، وطالب بوقف التعاطي الأمني مع مطالب الشباب السوري، فجرى اعتقاله من أحد الأفرع الأمنية، وتعرض للإهانة الشديدة وللتعذيب، على الرغم من مرضه الشديد، وفق ما نقله بعض المعتقلين معه، ليُنقل في إثرها إلى أحد مستشفيات دمشق، وليعلن النظام وفاته بمرض السرطان عن عمر ناهز 73 عامًا.

كان تاجا فنانًا مرموقًا وإنسانًا صادقًا. ستبقى ذكراه في ضمير السوريين والعرب، مثالًا للفنان الحقيقي، الذي قارب وجسّد تطلعات شعبه في الحرية والديمقراطية، في حين سقطت في مثل هذا الاختبار أسماء كبيرة في عالم التمثيل، وكان رحيله في 5 نيسان/ أبريل 2012. عن عمر ناهز الثالثة والسبعين عامًا، خسارة حقيقية للفن الهادف الذي يُمثّل ضمير المجتمع.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]