الراديكالية


جيرون

يُعدّ مُصطلح “الراديكالية” من المُصطلحات المتشعبة في المعنى، ولا سيما أن استخدامه اختلف بين بلد وآخر، وتوجهات أصحابه تفاوتت أيضًا بين فترة وأخرى، ما جعل الإشارة إليه تحمل كثيرًا من المعاني.

اشتُق مصطلح الراديكالية من كلمة “Radix” اللاتينية، وتعني في اللغة العربية “الأصل”، وبحسب معجم الوسيط، فإن الراديكالية تعني -اصطلاحًا- “نهج الأحزاب والحركات السياسية الذي يتوجه إلى إحداث إصلاح شامل وعميق في بنية المجتمع”.

ويضيف المعجم أن “الراديكالية نزعة تقدمية تنظر إلى مشكلات المجتمع ومعضلاته ومعوقاته نظرة شاملة، تتناول مختلف ميادينه السياسية والدستورية والاقتصادية والفكرية والاجتماعية، بقصد إحداث تغير جذري في بنيته، لنقله من واقع التخلف والجمود إلى واقع التقدم والتطور”.

وتعود نشأة الراديكالية إلى الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر، حيث كانت تشير حينئذ إلى المذهب القائم على اللّيبراليّة الاقتصاديّة والمُبادرَة الفرديّة المُعتمدة على التّعقّل، ودعا حينذاك المذهب إلى الإصلاح السياسيّ الجذريّ.

وبحسب قاموس “ميريام ويبستر”، فإن الراديكالية تعني ميل مجموعة من الأشخاص والآراء والأساليب إلى التغييرات الجذرية، خصوصًا في البُنى الحكومية.

وعن تطور المفهوم، يورد موقع “ويكيبيديا”: “خلال القرن التاسع عشر عَدَّ كثير من الراديكاليين الأوروبيين الثورة الفرنسية أنموذجًا لهم، وسعوا بذلك إلى تأسيس جمهوريات في بلدانهم، وأسس عدد من الراديكاليين الأوروبيين الحركة الاشتراكية، وطالبوا بإعادة البناء الكامل للمجتمع. وخلال السنوات الأخيرة من القرن التاسع عشر، انقسمت الحركة إلى قسمين: قسم معتدل وقسم متطرف. وسعى الاشتراكيون المعتدلون إلى التغيير من خلال الإصلاح التدريجي، أما الاشتراكيون الراديكاليون فقد أصرّوا على أن الثورة وحدها هي الكفيلة بإصلاح المجتمع. ففي روسيا أُطلق على المعتدلين “المنشفيك”، وعلى الراديكاليين “البولشفيك”، وقد استولى البولشفيك على السلطة عام 1917 وأنشؤوا حكومة شيوعية”.

وبالتقادم، باتت الكلمة تُشير إلى “التطرف” أكثر مما تشير إلى “الليبرالية” والإصلاح، أي: إنها باتت تشير إلى النزعة في إحداث تغييرات “متطرفة” في مجالات الفكر وطباع المجتمع، وبدأ هذا التطور في المعنى من خلال الإشارة إلى تعنت رجال الكنيسة الأوروبية في مواجهة التحرر السياسي والفكري والعلمي.

عُدّ المُفكر وأستاذ الأدب البريطاني، هومي بابا، “الراديكالية كلمة ذات دلالات سلبية تُلصق بالعالم الإسلامي”، حيث باتت تُستخدم للإشارة إلى الحركات الإسلامية المتطرفة، والتي تحاول إرجاع أنماط المجتمع إلى عهد النبي محمد، باستخدام الأساليب والطرائق ذاتها التي استخدمها المسلمون آنذاك في إدارة المجتمع.

يعترض المفكر البريطاني على إلصاق مفهوم الراديكالية بالفكر الإسلامي المتشدد، ويقول أن هذا المصطلح “ظاهرة عالمية لا تقتصر على ما كان يسمى بدول العالم الثالث، مثل الهند ومصر، بل وجدت طريقها إلى العالم الأول حيث الراديكالية الإنجيلية على أشدّها في الولايات المتحدة الأميركية مثلاً”.

كما استخدم المفكرون العرب كلمة أخرى للإشارة إلى الراديكالية هي (الأصولية) ليعطوا صفة (العودة إلى الأصول) جوهر الإشارة، ويُخفّفوا بذلك من وطأة تفاوت المعنى وتطورات المُصطلح على القارئ، فاليوم يُمكننا القول إن تنظيم الدولة الإسلامية “أصولي” والقاعدة “أصولية”.




المصدر