النظام يتلاعب بالقانون لتمليك الإيرانيين واللبنانيين


 

 

تمكّن نظام الأسد خلال سنوات الثورة السورية من إيجاد ثغراتٍ قانونية تحت مسمياتٍ مختلفة، بغية تجريد المواطنين السوريين المناهضين لنظامه من منازلهم ومنحها لميليشيات أجنبية أو سورية موالية له، وذلك في اعتداءٍ على ملكية السوريين وقوانين دولية تحظر استخدام الأملاك كوسيلة ضغط سياسية من الأنظمة على المواطنين مالكين المساكن والعقارات.

في هذا التقرير توثّق “صدى الشام” أبرز الطرق التي يستخدمها النظام في انتزاع منازل السوريين سواء فيما يخص عمليات التوطين الآن، أو الخطط المستقبلية لإحداث تغييرٍ ديموغرافي.

 

صندوق

في منتصف عام 2014، صدر تعميم من وزارة العدل التابعة لحكومة النظام بهدف “الحفاظ على المنازل التي هجرها أصحابها”، ويقضي التعميم بفتح البيوت التي تركها أصحابها وتأجيرها تحت إشراف لجنة قانونية، على أن تُحفظ الأموال التي تُجنى من تأجير هذه المنازل في صندوق تشرف عليه محكمة النقض التابعة لوزارة العدل.  بحسب نص القانون

وقال محامي سوري يعيش في تركيا لـ “صدى الشام”: “إن هذا الإجراء هو قاعدة للتملّك لكنه لا يٌعتبر تملّكاً بالمعنى القانوني للكلمة”.
واعتبر المحامي الذي رفض الكشف عن اسمه أن هذا القانون يُعتبر مخالفاً للدستور السوري والذي ينص على أن الملكية الفردية حق مقدس ومُصان بموجب الدستور، ولا يمكن لأية جهة في سوريا الاعتداء على الملكية الفردية، لافتاً إلى أن تنفيذ القانون يؤدي لضياع حقوق المالكين الأصليين لهذه المنازل، والذين قد يكونون معارضين للنظام. ولفت المحامي إلى أن النظام يتحرّك في عمليات “تمليك الموالين له من السوريين وغيرهم عبر أطر قانونية بحتة من خلال التلاعب بها”.

 

إسقاط الجنسية

تُعتبر الجنسية واحدةً من الثغرات التي يستخدمها نظام الأسد في عمليات انتزاع منازل السوريين ومنحها لأجانب موالين له، لكن بطرقٍ خبيثة في اللعب على القوانين السورية.

وذكر المحامي أن النظام يلجأ لقانون الجنسية السوري لإسقاط حق المواطنة السورية عن المعارضين له، مستخدماً بذلك الفقرة القائلة بأن “من حصل على جنسية دولة معادية يتم شطبه منها” وبالتالي فإن عملية الشطب تترافق مع تجريده من حقوقة وأمواله المنقولة وغير المنقولة.

بالمقابل فإن القانون ذاته يتيح للنظام أن يمنح الإيرانيين واللبنانيين أو حاملي أي جنسية أخرى إمكانية الحصول على الجنسية السورية وذلك “إن أبدى خدمة تفيد سوريا” بحسب القانون ذاته.

وأضاف المحامي أن هناك معلوماتٍ مؤكّدة لديه مصدرها “القسم الإداري التابع لوزارة الداخلية” الواقع قرب شارع الثورة وسط دمشق، بأن أكثر من 45 ألف شخص من جنوب لبنان وإيران حتى نهاية عام 2014 تم منحهم كِنى من عائلات في محافظة السويداء، ما دفع هذه العائلات لإصدارِ بيانٍ رفضوا فيه عملية التوطين، كما رفضوا حصول المستوطنين الجدد على ذات أسماء كناهم.

 

 

تنظيم المدن

منذ انطلاق الثورة في سوريا قرّر النظام البدء بمخطّطاتٍ تنظيمية لعدد من المناطق والقرى، بهدف القضاء على المباني المخالفة وتنظيمها حسب ادعاءاته.

لكن عملية التنظيم استهدفت مناطق ثائرة وذلك في وقتٍ توجد فيه عشرات المناطق الموالية للنظام والتي تحتاج ذلك أكثر من غيرها بكثير. واستهدفت عمليات التنظيم منطقتي “بساتين خلف الرازي” القريبة من السفارة الإيرانية بالعاصمة دمشق من جهة، وحي “بابا عمرو” الذي كان أول الأحياء المدمّرة في سوريا من جهةٍ أخرى.

يتساءل “يحيى” وهو مواطن سوري يقيم في العاصمة دمشق “بما أن النظام جادٌ بتنظيم المناطق العشوائية في سوريا فلماذا لم ينظم منطقتي عش الورور أو حي المزة 86  المواليتين له، علماً أن هذين الحيين يشهدان أكبر تجمّعٍ للمخالفات في العاصمة دمشق”.

يعتبِر المحامي أن أسلوب تنظيم المدن يهدف لاقتلاع المواطنين من مناطقهم ونقلهم إلى مناطق أخرى بشكلٍ مشروع وتحت مسميات النهضة والإصلاح والتنظيم.

ولفت إلى أن الانتهاك الأكبر يتمثل بأن معظم المناطق التي خضعت للتنظيم بقرارات النظام حساسة بطبيعتها، إضافةً إلى عدم وجود تعويضٍ حقيقي للسكّان الذين جرى تهجيرهم من مناطقهم بمنحهم مبلغ 15 ألف ليرة كآجارٍ شهري ولمدة ثلاثة سنوات، علماً أن العاصمة دمشق وضواحيها المحيطة بها جميعها لا يوجد فيها منطقة يمكن الحصول فيها على آيجار بمبلغ 15 ألف ليرة “30 دولار أمريكي شهرياً”.

 

المرسوم رقم 12

أصدر رئيس النظام بشار الأسد المرسوم رقم 12 لعام 2016، القاضي بأتمتة السجل العقاري، وما إن صدر المرسوم حتى تعالت أصوات قانونيين وحقوقيين لتنديد به كونه يسمح بانتزاع منازل السوريين من مالكيها.

واعتبر المحامي في لقائه مع “صدى الشام” أن المرسوم سيقوم بتحويل السجل العقاري وفق الدفاتر الموجودة من ورقي إلى الكتروني، ومن ثم يقوم بتحويل ما لديه من إلكتروني إلى ورقي واعتمادها بشكلٍ دائم دون الأخذ بالاعتبار السندات والسجلات التالفة نتيجة القصف والمعارك في المناطق الساخنة.

وما يزيد هذا المرسوم قدرةً على انتزاع العقارات هو فتحه لباب الاعتراضات على العقارات الموجودة في السجل العقاري، وهي سابقة تعد الأولى من نوعها عالمياً، لأن العقارات المثبّتة في السجل نظامية وموثوقة وفقاً لما يشير المحامي الذي تساءل: “على أي أساس يفتح النظام باب الاعتراض على عقارٍ مثبتٍ لديه في السجل؟”.

ولفت إلى أن أية عملية سياسية ستتم في سوريا يجب أن تنطوي على إعادة النظر بكل القوانين التي وضعها النظام منذ 15 آذار من عام 2011 وحتى الآن، لأنها قوانين تم وضعها لخدمة النظام في حربه.

 

 



صدى الشام