بين حلب وبيرل هاربور
28 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016
النهار
يرثي معلقون أميركيون كبار الزعامة الأميركية للعالم. يعلنون نهاية ما سمي طويلاً القرن الأميركي. يتحسرون على أيام كان قادة العالم يحجون الى واشنطن آملين في خلع خصم أو تنصيب حليف.
ولم يكتفِ الكاتب الأميركي ريتشارد كوهين بإعلان نهاية الزعامة الأميركية، وإنما حدد تاريخاً لهذه النهاية، في 20 كانون الأول 2016. في ذلك اليوم غير البعيد التقى وزراء خارجية روسيا وإيران وتركيا للبحث في الخطوات اللاحقة في سورية بعد سقوط حلب في يد قوات النظام. وخلافاً للاجتماعات المهمة التي ناقشت مصير سورية ومستقبلها، لم تُدعَ واشنطن إلى اللقاء.
يعتبر كوهين هذا اليوم موازياً للسابع من كانون الأول 19411، تاريخ الهجوم على بيرل هاربور واليوم الذي قال عنه الرئيس الأميركي الراحل فرانكلين روزفلت إنه سيظل “محفوراً في ذاكرة الخزي والعار”.
يؤذن اجتماع موسكو بمرحلة جديدة في العملية السياسية في سورية، بعيداً من محادثات جنيف التي أدارتها واشنطن ولم تغير في المسار الدموي للنزاع. ومع ذلك قد يكون من المبالغة المقارنة بين هذا الاجتماع وذلك الهجوم الذي غير مسار التاريخ، لكنّ توصيف كوهين يعكس شعوراً واسعاً في أميركا بأن واشنطن خسرت كثيراً من هيبتها تحت ركام سوريا، خصوصاً أن الرئيس أوباما أصر على وجوب رحيل الأسد واختبأ خلف ذريعة عدم إرسال قوات إلى سورية، في وقت كان قادراً على وضع حد لإراقة الدماء لو أقام مناطق حظر طيران ومناطق آمنة للاجئين.
يسود انطباع في وسائل الإعلام الأميركية بأن أميركا أخفقت في سورية، وأن الروس حققوا هناك ما عجزت عنه إدارة أوباما.
هذا الشعور بالخيبة يقابله شعور روسي بالنشوة والفرح. شعور بالنصر على رغم المأساتين الكبيرتين اللتين حلّتا بالبلاد في الأيام الأخيرة، بمقتل السفير في تركيا وتحطم طائرة التوبوليف ومقتل 94 شخصاً كانوا على متنها في سفرهم إلى سورية.
خلافاً لما يعتبر لعنة حلب في الحادثين، أطل دميتري كيزيلزف الإعلامي الذي عينه بوتين عام 20133 رئيساً لوكالة الأنباء “روسيا” في الحلقة الأخيرة من برنامجه التلفزيوني لهذه السنة ليعلن أن سنة 2016 حملت الكثير من الإنجازات لروسيا، وآخرها “تحرير حلب”. هذا قبل أن يستعيد محوراً وهو الأعز على قلبه عن “انهيار أوروبا”.
حصلت تطورات كبيرة في 2016، وها هي 20177 تؤذن ببدء مرحلة جديدة تطوي الصفحة على ربع قرن تلا انتهاء الحرب الباردة. وليس مبالغاً القول إن الصراع في سوريا وعليها كان ميداناً رئيسياً في المعركة على النظام العالمي الجديد.
(*) كاتبة لبنانية
[sociallocker] [/sociallocker]