زفرات حول الاندماج الأخير

28 ديسمبر، 2016

1- من الظلم للثورة أن تُختصر في الفصائل، ومن الظلم للفصائل أن تُختصر في فصيل أو اثنين، ومن الظلم الأكبر أن يُختصر كل هذا نهاية في رجل أو بضعة رجال فيوصلهم البعض إلى مرحلة القداسة؛ فلا تجوز مراجعتهم ولا تجوز مطالبتهم بالتخلي عن مناصبهم والعمل في الجندية.

2- من الإهانة الكبيرة للثورة ككل أن تكون كل عمليات الاندماج في غرف مغلقة مظلمة وتكون النتيجة إما نجحت العملية أو فشلت، وتغيب كل رقابة شعبية وكل محاسبة وكل شفافية.

3- من الإهانة للثورة ككل ولدماء الشهداء أن يُقدَّم كيان كبير -أكبر كيان في تاريخ الثورة- ليكون رئيس مجلس شوراه توفيق شهاب الدين والمؤهل العلمي للرجل صف خامس ابتدائي ومهنته قبل الثورة قصاب، وكأن الأمة عقمت والكفاءات ماتت، والسبب طبعًا هو مبدأ المحاصصة الذي دمر ثورتنا وجر عليها الويلات، فلا بد أن يستلم قائد الفصيل منصبًا قياديًّا حتى يقبل التوحد، ثم يقولون هو اعتصام بحبل الله!

4- من الظلم الشديد للثورة أن يتمسك الجولاني بالقيادة العسكرية للكيان الجديد، ووجود الرجل في منصب قيادي كالقائد العسكري وإصراره على أن تسلم إليه جميع أسلحة الفصائل وأن لا يعين مدير المكتب السياسي إلا بموافقته!

والرجل مصنف خارجيًّا ومختلف عليه شعبيًّا فلماذا الإصرار عليه!

وقد كان عمر بن الخطاب من أكثر الخلفاء عزلًا للولاة مع فضلهم ولكنه لو رأى واليًا اختلف عليه الناس عزله وقد عزل خالدًا وجعله جنديًّا.

5- من الاستخفاف بعقول الناس القول: إن التصنيف ليست فيه أية أذية على الثورة وإننا مستهدفون سواء صنفنا أو لم نصنف!

بل إن التصنيف يزيد الوبال أضعافًا ويقيد الحلفاء الذين يريدون أن يساعدونا سواء كانوا دولًا أو جماعات أو أفرادًا، بل إن التصنيف يمنع حتى السوريين المغتربين من المشاركة.

6- لا ينبغي أن نضحك على الناس ونقول: إننا نستطيع أن ننتصر في الثورة ونهزم الأسد وكل حلفائه وأسياده من دون أيّ تحالف خارجي مع أية دولة أو جهة؛ فهذا كلام لا يقبله عاقل إلا بنفخ بعض المشايخ في نفوس الشباب، وزجهم في المحارق فليتقوا الله القائل: {فَإِن يَكُن مِّنكُم مِّائَةٌ صَابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَإِن يَكُن مِّنكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ}.

أما نحن فقلة مستضعفة تريد أن تقاتل أمم الأرض بمفردها، بل وتهيجها عليها وتكفر حلفاءها، ولو أن الثمن يدفعه فقط من تصدى لهذا الأمر لهان الخطب، لكن الكارثة أن الشعب هو وقود هذه المعركة.

7- كل اندماج لا يضم في داخله المنظمات المدنية والمؤسسات الثورية العاملة ولا يكون للشعب السلطة العليا فيه والرقابة الدائمة عليه وحق مراجعته في كل مرحلة إنما هو اندماج يخرّج عصابة جديدة كبيرة تكون وصية على هذا الشعب.

بما أن الشعب هو الذي يدفع الثمن فيجب أن يتولى هو المسؤولية.

8- من الاستهانة الشديدة بدماء الشهداء والاحتقار لدموع أمهاتهم أن تفتح معارك كبرى ويزج فيها المجاهدون خيرة أهل الأرض في زماننا، ثم تنجلي المعركة بعد فترة ونخسر ما كسبناه منها، ومع ذلك لا يحاسب أحد من القادة على سوء تخطيطهم ولا تقدم اعتذارات وتبريرات، بل تفتح معركة أخرى في مكان آخر من دون إبداء أسباب الانتقال من هنا إلى هناك!

9- في ملحمة حلب الكبرى خسرنا مئات الشهداء، خسرنا ألف مجاهد اقتحامي من جيش الفتح!

وبعد أن بدأت الانتصارات تتوالى طمعت قيادات جيش الفتح بأن تحكم حلب فبدأ دعاتهم يطالبون فصائل حلب بأن ينضموا لجيش الفتح، أما قيادات فصائل حلب فكانوا ينتظرون أن تنتهي المعركة حتى يشاركوا في المرحلة التي تليها فلا يخسروا سلاحهم ضد النظام، بل يحتفظوا به ليصدوا جيش الفتح عن حكم حلب بعد النصر.

فلما تنازعوا فشلوا وعاد الحصار، بل وذهبت حلب، بل واحتفلنا عندما استطعنا إخراج المدنيين منها.

وبعد كل ذلك لا اعتذار يقدم ولا قيادات تستقيل ولا مراجعات تتم!

وكأن دماء المجاهدين ماء، وكراسي القادة وُلدت معهم.

10- من المغالطات الدارجة هذه الأيام أن يظن البعض أن مانع التوحد هو التصنيف فقط، بل هو سبب من أسباب عديدة فلماذا لا تتوحد الفصائل غير المصنفة!

بل هنالك الداعم، وهنالك حظوظ النفس، وهنالك تقاسم النفوذ وغير ذلك.

ولو أن فصيلًا خشي على وجوده لأقبل مسرعًا مشمرًا ليتوحد مع غيره، وقد حصل هذا مرات كثيرة.

11- ما لا يريد أن يصدقه الكثير أننا دائمًا نهرب في حل مشاكلنا إلى الأمام، فالأحرار لم يعالجوا بعد الشرخ الذي حصل فيهم عندما انشق جيش الأحرار عنهم، ومع ذلك يظن البعض أن اندماجهم سينجح مع غيرهم، توحدوا مع بعضكم أولًا فإن عجزتم فأنتم عن التوحد مع غيركم أعجز.

12- أخيرًا سيقول البعض إنني متشائم…

وجوابي نعم أنا لا أعول على أيّ دور إيجابي لقادة الفصائل في هذه المرحلة، والمعول الوحيد بعد الله سبحانه على الشعب إما أن يأخذ دوره ويرفض وصاية من لم يستطع أن يقوم بمسؤولياته، أو أن يبقى صامتًا ويتحمل التبعات.