واشنطن تتوسع في قوائمها السوداء في سورية


مصطفى السيد

أعلنت الولايات المتحدة يوم الجمعة الماضي، إضافة عدد من الوزراء السوريين الجدد، بينهم وزير المالية مأمون حمدان، ومسؤولين في “مصرف سورية المركزي” على لائحة العقوبات الاقتصادية السوداء؛ بسبب “دورهم في أعمال العنف التي ارتكبها نظام بشار الأسد ضد المدنيين العُزّل”، وأدرجت -أيضًا- الحاكم الجديد للمصرف دريد درغام، ووزير النفط السوري علي غانم، وكذلك وسّعت عقوباتها على شركة “أجنحة الشام للطيران”؛ ما يعني تجميد الأصول المملوكة لهم في الولايات المتحدة وعزلهم ماليًا.

جاء محمد مخلوف، واثنان من أولاده، على رأس قائمة داعمي الإرهاب، واستهدفت وزارة الخزانة أيضًا شركتين يملكهما رامي مخلوف، ابن خال بشار الاسد، علمًا أن رامي مخلوف مُدرج على القائمة الأميركية السوداء منذ 13 شباط/ فبراير 2008، إضافة إلى أن القوائم السوداء الأميركية تحوي اسم أخيه، العقيد في المخابرات السورية حافظ مخلوف، الذي أُدرِج في 1 آب/ أغسطس2007، واسم أبيه محمد مخلوف الذي أُدرِج في 1 كانون الأول/ ديسمبر2011.

وقال مساعد وزير الخزانة المُكلّف بالعقوبات المالية، آدم سوبين: إن “الهجمات اليومية التي تشنها حكومة بشار الأسد على المدنيين يجب الردّ عليها، ويجب عزل الحكومة والمتعاونين معها ومحاسبتهم على أعمالهم الهمجية”.

الأسد: “لم يستطع بوش الابن كسر ذراعي، ولن يستطيع أوباما أيضًا”

عدّت السلطات الأميركية الأفراد والشركات التي استهدفتها العقوبات دعموا “الحكومة السورية” وتحركوا باسمها، أو سهّلوا برنامج “أسلحة التدمير الشامل” الذي تُطوّره دمشق.

يَذكر بعض أهالي حي جوبر الدمشقي، الذين التقاهم بشار الأسد بداية أيار/ مايو 2011 أن الأسد أخبرهم: “لم يستطع جورج بوش الثاني كسر ذراعي، فلا تظنوا أن باراك أوباما سيستطيع”.

تعقيب الأسد يومها جاء بعد إصدار أوباما أمره التنفيذي رقم 13572 في 29 نيسان/ إبريل عام 2011، الذي نص :”أنا، باراك أوباما، رئيس الولايات المتحدة الأميركية، أنشر توسيع نطاق حالة الطوارئ الوطنية المُعلنة في الأمر التنفيذي 13338 من 11 أيار/ مايو 2004، والاعتماد عليها لخطوات إضافية في الأمر التنفيذي 13399 الصادر بتاريخ 25 نيسان/ إبريل 2006، و في الأمر التنفيذي 13460 في 13 شباط/ فبراير 2008، وجدت أن الحكومة السورية، بارتكابها انتهاكات لحقوق الإنسان في سورية، بما في ذلك تلك المتعلقة بقمع الشعب السوري، الذي تجلى أخيرًا باستخدام العنف والتعذيب والاعتقال والاحتجاز التعسفي للمتظاهرين المسالمين على أيدي الشرطة وقوات الأمن، وغيرها من الكيانات التي تعمل في مجال انتهاكات حقوق الإنسان، تُشكّل تهديدًا غير عادي واستثنائيًا للأمن القومي والسياسة الخارجية واقتصاد الولايات المتحدة”.

ماهر الأسد، مملوك، نجيب على رأس قوائم العقوبات

جرى يومذاك إدراج ثلاثة اسماء لمسؤولين عسكريين واستخباراتيين، في مقدمتهم العقيد ماهر الأسد، المولود عام 1968، وهو من ملاك الفرقة الرابعة/ حرس جمهوري، التي تضم قوات النخبة في الجيش السوري، وتدخلت منذ بداية الثورة السلمية؛ لقمع المتظاهرين في درعا وحمص وريف دمشق، وتضم الفرقة الرابعة أحد اسوأ المعتقلات في سورية، يعاني المعتقلون فيه من أسوأ الأوضاع الإنسانية.

وجاء اسم اللواء علي مملوك المولود عام 1947، والذي كان يومئذ مديرًا للمخابرات العامة (أمن الدولة) التي أسهمت إسهامًا كبيرًا في القمع الدموي لحركة المطالب السلمية للمتظاهرين السوريين، كما أسهمت -وما تزال- في اعتقال السوريين ضمن أوضاع إنسانية مروعة على مدى السنوات الست السابقة.

فيما جاء اسم العميد عاطف نجيب، رئيس فرع الأمن السياسي في درعا آنذاك ثالثًا بعد دوره الرئيس في اعتقال أطفال درعا، الذين كتبوا على جدار مدرستهم عبارات تطالب بالحريات، فاعتقلهم عاطف نجيب، ونكّل بهم، ووجّه إهانات لفاعليات المجتمع المحلي، الذين طالبوه بإطلاق سراح الأطفال، وفقًا لرواية أحد أعضاء “مجلس الشعب” السوري. وضمّت القائمة يومئذ هيئتين اتُهمتا بقمع المظاهرات السلمية، وهما مديرية المخابرات العامة في سورية، والحرس الثوري الإيراني/ فيلق القدس.

أقرباء الأسد يُشكلون أغلبية أسماء القائمة السوداء

بدأت قائمة العقوبات الأميركية على المسؤولين الحكوميين السوريين عام 2004، بإدراج اسم العميد “ذو الهمة شاليش” المولود في اللاذقية عام 1956، والضابط في الحرس الجمهوري، وقائد كوكبة المرافقة الرئاسية منذ أيام حافظ الأسد، وذلك لدوره الرئيس في تبييض الأموال ونهب حصة من النفط العراقي الذي كان يُهرّب إلى سورية.

وما يلفت النظر في القوائم السوداء الأميركية أن إدراج اسم ذو الهمة شاليش جاء قبل اسم وزير الدفاع العراقي سلطان هاشم الطائي، في عهد الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين.

وضمت القائمة السوداء الأميركية الأولى ايضا اسم الدكتور آصف عيسى شاليش ابن شقيق ذو الهمة شاليش، المُقيم في دمشق، والمولود عام 1959 ويحمل جواز سفر سوري برقم 4713277 صادر من دمشق.

وكانت السيدة روعة الأسطى، المولودة في دمشق عام 1982 أول سيدة سورية يُدرج اسمها في القوائم السوداء لوزارة الخزانة الأميركية في 16 أيلول/ سبتمبر 2008 وقامت الإدارة الأميركية بتجميد أموالها وحسابات قناة “الرأي” التلفزيونية التي كانت مسجلة باسمها وفقًا  لـستيوارت ليفي، مساعد وزير الخزانة الأميركية لشؤون الاستخبارات المالية، الذي أصدر بيانًا في أيلول/ سبتمبر 2008، اتهم فيه روعة الأسطى بأنها تدير القناة بالنيابة عن زوجها العراقي مشعان الجبوري الذي كان لاجئًا في سورية آنذاك بعد الاحتلال الأميركي للعراق.

وشملت العقوبات الأميركية الأولى، وفقًا للقسم 311 من “قانون باتريوت” لحماية الأمن الوطني الأميركي، الصادرة بتاريخ 11/ 5/ 2004، وقف التعامل بين الهيئات الحكومية السورية والشركات الأميركية، وعلى رأسها “المصرف التجاري السوري” أكبر البنوك السورية، بوصفه المؤسسة المالية الأولى في سورية المُتهمة بغسيل الأموال، إضافة إلى فرعي البنك التجاري السوري اللبناني، الذي يملك فيه البنك التجاري السوري نسبة 84 بالمئة من اسهمه.

تشير المعلومات الأميركية آنذاك، إلى أن التجاري السوري استُخدم غسّالة لتنظيف الأموال المستخدمة من إرهابيين ومتعاطفين معهم، وكانت بمنزلة قناة لغسل العائدات الناتجة من البيع غير المشروع للنفط العراقي. وحُوّل عبر التجاري السوري أكثر من 1 مليار دولار أميركي تحويلًا غير قانوني من واردات برنامج النفط مقابل الغذاء الذي فرضته الأمم المتحدة على العراق.

ويضيف الأمر التنفيذي الأميركي، أن الحكومة السورية لم تتخذ خطوات لنقل حسابات التجاري السوري الذي يحتوي على العائدات الناتجة من البيع غير المشروع للنفط العراقي إلى صندوق تنمية العراق (DFI)، كما هو مطلوب بموجب قرار مجلس الأمن 1483.

أرسلت الخزانة الأميركية إلى السجل الاتحادي الأميركي إشعارًا، اقترح “وضع قواعد من شأنها حظر أي تاجر عمولة في الولايات المتحدة، والوسيط، والتاجر، والعقود الآجلة، وإدخال وسيط، أو صندوق تعاوني من فتح، أو المحافظة على حساب مراسل، أو من ينوب عنه، شبكة التجاري السوري، وإن الحسابات المراسلة على شبكة التجاري السوري يتعين إنهاؤها دون استثناء.

يُعدّ “المصرف التجاري السوري” أكبر المصارف السورية، ويتخذ من دمشق مقرًا له، ويملك ما يقرب من 50 فرعًا في المحافظات والمدن السورية، ويوظف نحو 4500 شخصًا.

تأسس المصرف عام 1967، ويعد، والبنوك المملوكة للحكومة، وحدة متخصصة في خدمة التجارة الخارجية والخدمات المصرفية التجارية، بما في ذلك معاملات الصرف الأجنبي، ويحتفظ التجاري السوري بمراسلات مع البنوك في جميع أنحاء العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة.

وأُدرج اسم بشار حافظ الأسد في القائمة الصادرة بتاريخ  18 أيار/ مايو 2011، فيما أدرج اسم الحكومة السورية في قائمة العقوبات الأميركية، بموجب الأمر التنفيذي 13582، تاريخ 18 آب/ أغسطس 2011، الذي يُجمّد كل الأصول التابعة للحكومة السورية، ويمنع الأشخاص الأميركيين من الانخراط في أي معاملات مع الحكومة السورية، ويحظر الواردات الأميركية من النفط أو المنتجات النفطية ذات المنشأ السوري، ويمنع الأشخاص الأميركيين من إجراء أي تعاملات في النفط، أو المنتجات النفطية السورية، أو لها علاقة بهما، كما يحظّر على الأشخاص الأميركيين العمل أو الاستثمار في سورية.

ويقوم “مكتب مراقبة الأصول الأجنبية” في الولايات المتحدة، بوضع اليد على جميع الأصول والممتلكات للأسماء الواردة في القوائم السوداء الواقعة تحت سيطرة الولايات المتحدة الأميركية.




المصدر