‘لن يعود كما كان.. لماذا سيفشل الأسد في إدارة سوريا حتى لو حقق تقدماً عسكرياً؟’

28 كانون الأول (ديسمبر - دجنبر)، 2016

6 minutes

فتحت استعادة نظام بشار الأسد لمدينة حلب بالكامل بدعم روسي وإيراني، باباً للتحليلات حول ما إذا كان هذا التقدم العسكري من شأنه أن يمكن النظام من استعادة جميع ما خسره بسوريا، وتفاءلت أقلام المحللين الموالين للنظام بأن السيطرة على حلب بداية مرحلة جديدة عنوانها “الحسم”.

لكن هذا التفاؤل المشوب بتعظيم إعلامي لاستعادة النظام السيطرة على مدينة منكوبة قتل فيها الآلاف، تواجهه تحديات كبيرة تجعل من مهمة النظام في امتلاك زمام المبادرة من جديد، وإدارة البلاد كسابق عهده أمراً شبه مستحيل، وهو ما عبّر عنه الكاتب والباحث السوري، حايد حايد، وهو “زميل مشارك في معهد تشاتم هاوس” البريطاني.

ويرى حايد أن نظام الأسد لن يكون قادراً على إدارة سوريا، حتى وإن تمكن من السيطرة عسكرياً، ويشير بحسب ما نشرته شبكة “سي ان ان” الأميركية، اليوم الأربعاء، إلى أن الحل في سوريا لن يأخذ طابعاً عسكرياً.

ويشير حايد إلى أن “انتصارات” النظام الأخيرة، أثارت العديد من الأسئلة حول تأثير تلك المكاسب على ما يجري في سوريا ومصير الدولة.

ويعتقد الباحث أن استعادة النظام السيطرة على ما تبقى من سوريا إلى جانب ثلث المساحة التي يسيطر عليها حالياً، تواجها تحديات هائلة داخلياً وخارجياً.

ولا يتفق الباحث حايد مع أن مصير مدينة حلب سيكون عاملاً حاسماً في الملف السوري، ويقول: إذ “سيستمر المقاتلون والمدنيون الذين غادروا حلب، بمقاومة النظام في المناطق الجديدة التي انتقلوا إليها”.

ويُقدر عدد المعارضين السوريين الذين ما زالوا يقاتلون النظام بقرابة 150 ألف شخص. وفقاً لـ حايد، الذي يعتقد أيضاً أن “القوى الإقليمية وهي المملكة العربية السعودية وقطر وتركيا، لا تزال تستثمر في معارضة الأسد وتبقى نشطة ضد أي حل يسمح له باستعادة سلطته على الدولة”.

حكم الدولة؟

والدعم الذي تلقاه نظام بشار الأسد من روسيا، وإيران وميليشياتها الإرهابية التي قاتلت بحلب ومناطق أخرى، سيكون أثر سلبي عليه، وفقاً لما يرى حايد.

ويقول إن النظام “اعتمد لفترة طويلة على القوى العاملة والدعم من حلفائه، وهما روسيا وإيران، لكيلا ينهار. استعادة باقي الدولة والحفاظ عليها من شأنه أيضاً أن يعتمد بشكل كبير على الدعم الذي يتلقاه النظام منهما”.

ويضيف أن من المشكلات الكبرى التي تواجه النظام كيفية السيطرة على الميليشيات المحلية والأجنبية – التي ترعاها إيران – والتي وإن ساعدت في استعادة النظام السيطرة على أجزاء من البلاد فإنها في ذات الوقت تخلق تحدياً أمنياً، “ومن المرجح أن يخلق ذلك حكومة ضعيفة” وفقاً لحايد.

ويدلل الباحث على وجهة نظره هذه بالإشارة إلى عجز الحكومتين العراقية واللبنانية في السيطرة على ميليشيا “الحشد الشعبي”، في العراق،  و”حزب الله” في لبنان، ويقول: “هذا يعطي لمحة عما يمكن أن يحدث في سوريا”.

وفي السياق ذاته، يواجه النظام تحدياً كبيراً في الضعف الذي يتغلغل بأداء مؤسسات الدولة، وباتت معظمها عاجزة عن تقديم الخدمات للمواطنين.

ويشير الحايد في هذا الإطار، إلى أن العديد من “الدول الإقليمية والدولية ستعارض التبرع بالمال للنظام السوري لإعادة بناء الدولة وتحسين الخدمات، الأمر الذي سيؤدي إلى تهميش نسبة كبيرة من البلاد وستؤثر سلباً على قدرة النظام في الحكم”.

ماذا عن اللاجئين؟

يجيب الحايد على هذا التساؤل بقوله إنه “من المتوقع أن يثبط الوضع الأمني ​​الهش ونقص الخدمات والفرص من رغبة اللاجئين السوريين في العودة إلى دولتهم. وسيستمر الخوف من الاعتقال والمطاردة من قبل الأجهزة الأمنية والميليشيات الموالية للأسد بسبب مغادرة البلاد أو لمعارضة الأسد، في منع الكثير من اللاجئين من العودة، ولن يساعد ذلك في حل أزمة اللاجئين السوريين”.

ويرى حايد أن “هذا الوضع سيصب في مصلحة تنظيم داعش وغيره من الجماعات المتطرفة مثل جبهة فتح الشام، التابعة لتنظيم القاعدة والذي كان يُعرف سابقاً بجبهة النصرة، والذي سيستمر في استخدام معارضة قيادة الأسد كأداة للتجنيد”.

ويضيف أن تجاه النظام للقضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية التي أدت لنشوب الثورة ضده، فذلك سيؤدي إلى انقسامات محلية، وفوضى، وتظلمات، وبالتالي يعطي فسحة لـ”الجماعات المتطرفة” بالصعود مرة أخرى، “وهذا بالضبط ما حدث في العراق مع داعش”، يقول حايد.

ويختم حايد رأيه بالقول: “لسنوات نصح الخبراء في قضية سوريا، حتى عندما كان النظام السوري ينهار، بعدم إنهاء النزاع السوري عسكرياً. هذه النصيحة لا تزال سارية المفعول، الآن أكثر من أي وقت مضى، لأن إصلاح الدولة يصبح ممكناً فقط عبر حل سياسي مقبول على نطاق واسع، يسمح لمختلف الأطراف السورية بتقاسم السلطة”.

ويضيف: “حل مثل هذا فقط يمكنه أن يعطي الناس حافزا للتعايش والعمل معاً بنشاط في إعادة بناء البلاد. أي حل آخر سيتعامل فحسب مع الأعراض ويتجاهل المرض حتى فوات الأوان لمعالجته، وتتحول سوريا إلى دولة فاشلة بشكل دائم”.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]