الزبداني..ثورة مدينة وأرشيف معاناة

microsyria.com عمر محمد

تعيش مدينة الزبداني في ريف دمشق منذ قرابة الخمسة أعوام حصاراً محكماً من قبل النظام السوري، حيث منع الأخير دخول المواد الغذائية والطبية إلى المدينة كونها كانت من أولى المناطق السورية التي خرجت في تيار الثورة وهتفت للحرية وكان من أول شعاراتها إسقاط النظام السوري.

يبلغ عدد سكان مدينة الزبداني حسب الإحصائية الأخيرة لوزارة الإحصاء 40،000 نسمة يعمل أغلب السكان في الزراعة والبناء، وتعد مدينة الزبداني من المعالم والمنتجعات السياحية الصيفية وتم تصنيفها كمنطقة سياحية من قبل وزارة السياحة.

ويشتهر سهل الزبداني بنوعية الفواكه المزروعة فيه، وأهمها التفاح والإجاص والدراق والكرز ويعد سهل الزبداني الأول على مستوى القطر في إنتاج التفاح من النخب الممتاز.

ثورة الزبداني

خرجت أول مظاهرة في مدينة الزبداني من جامع الجسر الكبير في الخامس والعشرين من شهر أذار- مارس، عام 2011، هتفت لمدينة درعا وعاهدتها على المسير قدماً حتى إسقاط النظام، لم يتوقع أهالي الزبداني الذين خرجوا بالمظاهرة الأولى أن يقوم عناصر النظام باستهدافهم بالرصاص الحي الذي أدى لوقوع شهيد وعدد من الإصابات في صفوف المتظاهرين.

الحملة العسكرية الأولى على الزبداني

لم يمضي الشهر الأول على مظاهرات الزبداني التي كانت تكبير يوماً بعد يوم بشكل ملحوظ حتى أتى النظام بحملة كبيرة والتي قدرت بنحو 15 ألف عنصر أمن الاعتقال أهالي الزبداني حيث سجلت المدينة اعتقال أكثر من 1000 مدني وزجهم في معتقلاته وأفرعه الأمنية، وخرجت الحملة بعد أن عاثت فساداً وتخريباً في المدينة.

المعركة الأولى لتحرير الزبداني

في بداية شهر شباط- فبراير من عام 2012 عاد النظام بقوة جراره ليدخل إلى مدينة الزبداني مصطحباً آلياته ومجنزراته فلم يكن أمام أبناء المدينة إلا الوقف في وجه هذه الحملة والتصدي لها رغم الإمكانيات البسيطة والتي اقتصرت على البندقية والعبوات المتفجرة، فكانت آليات النظام تتساقط الواحدة تلوا الأخرى، وخسر النظام أعداداً كبيرة من عناصره معلناً عن فشل الحملة العسكرية وجاراً أذيال الخيبة والهزيمة.

الزبداني.. مدينة محررة

في منتصف شهر شباط- فبراير، من عام 2012، احتفل أهالي الزبداني في ساحة الجسر بتحرير المدينة وطرد الحملة العسكرية لتصبح المدينة من أوائل المدن التي لم يعد لنظام الأسد الحكم فيها

اقتحام مدينة الزبداني

لم يترك النظام فرصة لاقتحام المدينة إلا واستغلها، ولكن في كل مرة كانت النتيجة خسائر في العدة والعتاد في صفوف عناصره حتى بقيت المدينة صامدة لغاية عام 2015 يستهدفها النظام بالمدافع والدبابات من حدود المدينة ومن المناطق المجاورة لها، بالإضافة للصواريخ من الطيران الحربي والبراميل المتفجرة.

قصف قوات النظام السوري للأحياء السكنية

معركة الزبداني 2015

في الثاني من شهر تموز عام 2015 أستجلب النظام قوة عسكرية كبيره جداً تحالف فيها مع عناصر حزب الله اللبناني وميليشيا أبو الفضل العباس وجبهة التحرير الفلسطينية بالإضافة للشبيحة والمرتزقة وبإشراف إيراني على المعركة، وبأسلحة روسية متطورة استطاع النظام التقدم على عدة محاور في المدينة.

ولكن كان ثمن التقدم كبيراً جداً، حيث كان صمود الثوار فيها يفوق كل التوقعات موقعين الخسائر الفادحة في صفوف المقتحمين حيث خسرت ميليشيا حزب الله النخبة في صفوف كتبة الرضوان، استمرت المعركة قرابة الشهرين ونصف حتى تم الاتفاق بين جيش الفتح والمفاوض الإيراني في تركيا والذي عرف باتفاق المدن الأربعة الذي أوقف الحملة على مدينة الزبداني كي لا يقتحم جيش الفتح مديني وكفريا في ريف إدلب.

تهجير أهالي الزبداني

اعتمد النظام السوري على تهجير أهالي الزبداني في الأحياء التي كانت تحت سيطرته إلى بلدتي “مضايا وبقين” التي عمل على حصارها وزرع ألاف الألغام على محيطها ومنع دخول كافة المواد الطبية والغذائية وكل مقومات الحياة التي يحتاجها المدنيون داخل البلدتين.

مما أدى لتسجيل أعداد كبيرة من الشهداء بلغت أكثر من مئتي شهيد من الذين قضوا نتيجة الجوع وأمراض سوء التغذية بسبب أكلهم للحشائش وأوراق الأشجار وفقدان المشفى الميداني الوحيد الأجهزة الطبية والأدوية اللازمة للعلاج.

وضع إنساني صعب للغاية 

الأسد وحزب الله، يمارسان حصاراً خانقاً على الأهالي

يعيش المدنيين داخل مدينة الزبداني ومضايا وضع إنساني صعب جداً حيث لا غذاء مناسب ولا دواء ولا كهرباء ومعزولون تماماً عن العالم، ويزداد الأمر صعوبةً مع قدوم فصل الشتاء والمعروف بقساوته في المدينة بسبب ارتفاعها 1350 متر عن سطح البحر في ظل الانقطاع التام للمحروقات ومواد التدفئة حيث استبدلها المدنيون بحرق أثاث منازلهم وأبواب ونوافذ البيوت المهدمة والمواد البلاستيكية والملابس القديمة المهترئة.