الصراع داخل آل الأسد على حكم سوريا.. وثائق بريطانية تكشف جانباً منها ورفعت أراد الحوار الفوري مع إسرائيل


تتكشف المزيد من المعلومات عن أحداث مفصلية عاشتها المنطقة العربية نهاية القرن الماضي، من خلال الوثائق الحكومية البريطانية، التي رفعت لندن عنها السرية قبل أيام والموجودة في الأرشيف الوطني.

ومن بين تلك الوثائق التي كانت سرية، محضر عن رفعت الأسد، شقيق حافظ الأسد والذي كان حينها نائبه في الرئاسة، ويشير المحضر - بحسب ما نشرته صحيفة الحياة اللندنية - اليوم الإثنين، إلى صراع واضح داخل آل الأسد على وجه الخصوص بين حافظ، وأخيه رفعت الذي نُفي إلى فرنسا.

وتكشف الوثائق البريطانية أن رفعت الأسد بقي يحتفظ بمنصبه كـ نائب للرئيس حتى خلال عيشه في المنفى بين إسبانيا وفرنسا.

وفي تفاصيل الصراع على السلطة داخل آل الأسد، يتحدث محضر للقاء جمع السياسي والبرلماني البريطاني، جوليان أمري، مع رفعت الأسد، في العام 1990، وحينها كان يأمل رفعت في أن يعود إلى سوريا، مستغلاً بذلك رغبة حافظ في الانفتاح على الغرب، بعد مرحلة من انحسار نفوذ الاتحاد السوفياتي الذي شكل في تلك الحقبة داعماً أسياسياً لنظام الأسد.

شرط رفعت

لم يكن رفعت يرغب بالعودة إلى سوريا إلا بشرط، وهو إعادة تنصيبه في منصبه القيادي السابق، وأن يصطحب معه عددا من الضباط الذين تبعوه إلى المنفى.

لكن الصراع على السلطة وفقدان الثقة داخل آل الأسد، دفع حافظ إلى رفض طلب أخيه، كما يبدو، سيما وأن حافظ كان قد جرّد رفعت منذ العام 1984 من قوّته العسكرية الأساسية (سرايا الدفاع) ونفاه إلى خارج سوريا بمنصب نائب الرئيس.

ويشير المحضر في حديثه عن اللقاء بين السياسي البريطاني ورفعت الأسد، أن الأخير كان منفتحاً جداً على الحوار مع إسرائيل، وكانت هذه الخطوة رغبته الأولى في حال العودة لدمشق.

ووفقاً لما قاله السياسي البريطاني في المحضر: "بالانتقال إلى وضعه الخاص، قال رفعت إنه أوضح (للرئيس الأسد الذي اعتقد بأنه ما زال على اتصال به) أنه لن يعود إلى دمشق ما لم يتم إعادة تنصيبه في منصبه القيادي السابق، ويسمح له بأن يجلب معه عدداً من الضباط الذين تبعوه إلى المنفى. إذا ما كان له أن يعود فإحدى أولى خطواته ستكون الدعوة إلى حوار فوري مع إسرائيل".

وأُرفقت رسالة النائب البريطاني إلى رئيسة الوزراء ووزير الخارجية بمحضر حمل عنوان "ملاحظات في شأن لقاء بين نائب الرئيس السوري رفعت الأسد والنائب جوليان أمري يوم السبت 31 آذار 1990 في البانوس قرب ماربيا من الساعة 8 مساء حتى منتصف الليل".

صراع سياسي

وارتبطت الصراعات داخل آل الأسد بالتطورات التي كانت حاصلة في العقدين الأخيرين من القرن الماضي، وانعكس ذلك بشكل واضح في موقف كل من حافظ ورفعت من القضية الفلسطينية.

وبحسب المحضر الذي كُشف عنه، فإن رفعت الأسد فتح باباً للعلاقات مع زعيم منظمة التحرير الفلسطينية ياسر عرفات، في رد كما يبدو على محاولات حافظ الأسد شق المنظمة وقلبها ضد زعيمها.

ويقول أمري في نهاية محضره: "جاء إليّ رفعت بعد ظهر اليوم التالي لتوديعي. سألني عن علاقتي بياسر عرفات. عندما قلت له إنني لم أقابله قط، قال إنه سأل فقط لأنه اعتقد بأنني يمكن أن أطلب إرسال تحياتي له كونه سيأتي لرؤية رفعت في مساء اليوم ذاته. (فهمت أن حافظ يدعم جماعة فلسطينية منافسة لمنظمة التحرير الفلسطينية لذلك فإن منظمة التحرير تحاول خطب ود رفعت)".

وكان رفعت يوجه انتقادات للطريقة التي يحكم بها أخيه حافظ في سوريا، على ما يبدو، إذ قال في لقائه إن الوضع في سوريا يتدهور لأسباب عدة، سيما وأن الوضع الاقتصادي يسوء ولا يمكن تحسينه من دون الابتعاد عن (سياسة) التحكّم في السوق.

وأضاف: "لبنان يستهلك قدرات (سوريا) ورجالها. عودة الأردن إلى الحكم البرلماني تطرح أسئلة محرجة في دمشق. التأييد السوفياتي يتراجع في شكل واضح. ما زالت موسكو ترسل السلاح لكنها قلّصت في شكل كبير الدعم المادي والمعنوي، وهذا أمر يصبح جلياً. الدعم السعودي يبدو أيضاً أنه في تراجع. ما زال هناك أمل بالدعم الأميركي".

وكان رفعت يرى حافظ يشبه في وضعه "تشاوشيسكو" - الرئيس الروماني السابق - وقادة آخرين مؤيدين للاتحاد السوفياتي في أوروبا الشرقية وإثيوبيا، لكنه يريد الانعطاف والتوجه نحو الغرب.

يشار إلى أن رفعت الأسد لا يزال يعيش في فرنسا حتى اليوم، وتوجه له باريس اتهامات بأنه صنع ثروة في العقارات عبر اختلاس أموال.

وكان لرفعت الأسد دور كبير في الهجوم الشرس الذي شنه حافظ الأسد على مدينة حماه عام 1982، وارتكبا معاً مجازر وقتلا ما بين 35 ألف و40 ألف خلال الحملة العسكرية ضد "الإخوان المسلمين". 




المصدر