“قناة حميميم المركزية” تتلقى شكاوى الموالين


عارف محمود

“وصلنا -منذ ثلاثة أيام الى الآن- ما يزيد عن أربعة آلاف رسالة من العاصمة دمشق، تتحدث عن أزمة مياه تعاني منها أحياء المدينة، ووردت تقارير تفيد بانفجار وقع في مركز المياه، من جراء قذيفة صاروخية، أخرجه عن الخدمة”.

لم ترد هذه الشكوى إلى مؤسسة ومديرية تتبع للنظام السوري، الذي صدّع رؤوس مؤيديه بدولة المؤسسات والعمل المؤسساتي، بل وردت إلى صفحة “فيس بوك” اسمها “القناة المركزية لقاعدة حميميم العسكرية”، تتبع لقاعدة حميميم العسكرية، التي يحتلها الروس منذ أكثر من عام، ومنها تقلع الطائرات الروسية لتقصف السوريين في كل أرجاء البلاد.

تبدي تلك الصفحة نشاطًا ملحوظًا تجاه السياسة الخارجية الروسية المتعلقة بسورية، ونشاط القوات الروسية على الأرض السورية؛ ما دفع جمهورًا من المؤيدين لمتابعتها ومراسلتها للتحقق من الأحداث الغامضة التي تجري في سورية، ويتجاهلها إعلام النظام، أو تكون كمية الكذب حولها أكبر من أن يصدقه طليعي من طليعيي البعث، كما حصل منتصف كانون الأول/ ديسمبر الماضي، حين كادت قوات النظام أن تخسر حقول غاز ومطار “تي فور”، في تدمر وسط سورية، في هجوم مباغت من تنظيم الدولة الإسلامية عليها، وتبادل موالو النظام الاتهامات بحق الجهة المسؤولة عن ذلك، فمنهم من ألقى اللوم على مجموعة من ميليشيا “فاطميون” التي قيل إنها انسحبت قبل يومين من هجوم التنظيم، وبعضهم الآخر قال إن قوات النظام خلقت ثغرة في المحور الشمالي الشرقي لتدمر؛ ليأتي توضيح من القاعدة الروسية بأن الخلل كان بعدم وجود تنسيق بين القوات الموجودة على الأرض، دون تحميل المسؤولية لجهة ما!

في ظل “غموض” ما حدث أخيرًا في وادي بردى بالعاصمة دمشق، وتفجير نبع الفيجة، ازداد المؤيدون حيرة تجاه ما جرى، ففي الوقت الذي أصبحت فيه مادة المازوت سلعة نادرة في سورية، جاءت كذبة النظام عن تلويث أبناء بردى لنبعهم بمادة المازوت! وكأن لدى أهلنا ترفًا لهدر أعزّ ما يمكن للسوري التمسك به في هذه الأيام الباردة؛ ليدفئ به عظام أطفاله. ليأتي توضيح صفحة القوات الروسية أن قذائف صاروخية، لا يملكها سوى النظام، كانت سببًا لما حدث.

مع فقدان ثقة المؤيدين بإعلام النظام، يحاول الروس مدّ جسور للتواصل مع جمهور المؤيدين للنظام، فيُروّجون صورة الصديق من خلال تقديم إعانات في مناطق مختلفة من قرى اللاذقية. كما يزور ضباطهم شخصيات اجتماعية. جاء إنشاء صفحة للتواصل ضمن هذا الإطار، وكسبت صدقية لا بأس بها، وقال علي الزين، من جبلة لـ (جيرون): “ينشرون أخبارهم، على قلتها، قبل غيرهم، ويتفادون الشائعات التي تنشرها وسائل النظام الإعلامية”.

لم تكتف الصفحة بنشر الأخبار، فأخيرًا بدأت تتلقى شكاوى، على حد زعمها، من سوريين عما يخص سلوكيات جنود النظام في حلب، من خطف للمدنيين ونهب الممتلكات، وسمعة جنود النظام لم تكن يومًا جيدة، وهو الأمر الذي يستثمره الروس في جذب المؤيدين للالتحاق بميليشياتهم الجديدة على الأرض، أي ما يدعى “الفيلق الخامس” الذي بُدئ العمل في تشكيله أواخر تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، بتمويل وتدريب روسي؛ لمواجهة تمدّد إيران عبر ميليشياتها في سورية.

على الرغم من أن صفحة التواصل الاجتماعي (القناة المركزية لقاعدة حميميم المركزية) غير رسمية لكنها تبدي تفاعلًا مباشرًا مع المؤيدين؛ ما يفتح التساؤلات عن حقيقة التدخل الروسي في سورية، الذي لم يعد جويًا فحسب، وعن قدرة السوريين على مواجهة مشروع روسيا الاستعماري في الوقت الذي يجهد فيه السوريون لمواجهة المشروع الإيراني.




المصدر