أهالي ريف حمص… بين الموت برداً والموت البطيء بالأدخنة السامة


طارق الضحيك: المصدر

يعاني أهالي ريف حمص الشمالي من حصارٍ خانقٍ تفرضه قوات النظام على المنطقة، ومع دخول فصل الشتاء زادت معاناة المدنيين بسبب نقص مواد التدفئة من المحروقات والحطب والمواد المشتعلة، فليس لديهم سلاح يواجهون به شبح البرد القارس سوى مواد “البلاستيك” و”الكاوتشوك” كبديلٍ مجانيٍّ عن الحطب والمحروقات لعدم توفرها وغلاء ثمنها.

وقال “محمد أبو هشام”، وهو أب لطفلين، لـ “المصدر” إنه دائماً يبحث عن أي شيء يمكن إشعاله في مدفأة الحطب في بيته لتوفير الدفء لأطفاله، مبرراً ذلك بعدم قدرته على شراء المازوت وندرة الحطب وغلاء ثمنه.

وأضاف أنه يضطر للذهاب صباحاً للبحث عن أي شيء يمكن إشعاله كالأحذية القديمة وقطع البلاستيك والكاوتشوك، ليكفيه في الليل الذي وصف برده بالقارس.

ولم يخفِ “أبو هشام” خوفه على حياة أطفال من استعمال مواد مضرة بالصحة في سبيل تدفئتهم، حيث قال: “أنا قلق على صحة أطفالي من خطر المواد البلاستكية وتأثيراتها الجانبية على صحتهم، فهي كـ (الموت البطيء)”.

“أيمن”، أحد سكان مدينة تلبيسة بريف حمص الشمالي، ومريض بـ “الربو”، ويسعى جاهداً للابتعاد عن الروائح والغازات الناتجة عن المدافئ، فمعظم سكّان حيّه يستخدمون مادة البلاستيك لإشعال مدافئهم، وقال في حديث لـ “المصدر”، إنه يضطر لإغلاق نوافذ منزله وتهويته في الأوقات التي يقل فيها انبعاث تلك الأدخنة، لكن ذلك لا يعطي دون الفائدة المرجوة.

وأضاف أنه منذ بداية فصل الشتاء كثرت زياراته إلى النقطة الطبية في المدينة لإجراء جلسات رذاذ مطولة، وذلك جزء بسيط من معاناته، على حد وصفه.

ومن جهته، قال الطبيب “أحمد جمعة”، مدير مستشفى تلبيسة، لـ “المصدر”، إن أمراض الجهاز التنفسي ازدادت بشكل ملحوظ في فترة الشتاء، وخاصّة لدى الأطفال، جراء استخدام الأهالي المواد البلاستكية بغرض التدفئة التي تسبب تصاعد أدخنة ذات روائح كريهة، والتي تعد أكبر ضرر على صحة الأطفال، لأن الأدخنة الناتجة عن احتراق هذه المواد تعد سامة، وتسبب أمراضاً في الجهاز التنفسي وبالذات على الرئتين.

وأكد الطبيب “جمعة” أن التعرض لهذه الغازات بشكل مستمر سيؤثر سلباً على الرئتين، ويحدث خللاً في وظائفهما، وربما يؤدي إلى أورام سرطانية على المدى البعيد.

وأمام هذه المشاهد من معاناة الأهالي في الحصول على القليل من الدفء، لا يرونها شيئاً أمام هذه الحرب التي طالت، على حد وصفهم.






المصدر