قواعد التوافق التركي – الروسي


آلاء عوض

يعتقد كثيرون أن دخول تركيا -للمرة الأولى- في هدنة سوريّة أنجزتها بالمشاركة مع روسيا، من شأنه أن يُسهم في إنجاحها، في حين يرى آخرون أن كلتي الدولتين تتقاطع مصالحهما في سورية، وأن اتفاق وقف إطلاق النار الذي ترعيانه ما هو إلا توليفة مشتركة تكشُّف رغبة الدولتين بدور جديد، بعيدًا عن الدور الإقليمي والدولي المنفرد الذي خسراه.

حول التوافق التركي – الروسي، الذي بلوره وقف إطلاق النار، قال المحلل السياسي والعسكري محمود إبراهيم لـ (جيرون): إن دوافع روسيا وتركيا من هذه الهدنة “تتلخص في منحيين: الأول اقتصادي، يعود إلى مد خط أنابيب الغاز المعروف بـ (السيل التركي) الذي ينقل الغاز الروسي إلى تركيا، ومنها إلى الاتحاد الأوروبي، بحيث يستفيد منه الطرف التركي بتغذية أنابيب الغاز التي لديه، ويُصدّر الباقي إلى الدول الأوربية، أما السياسي فمردّه حالة العزلة الدولية التي تعانيها كل من موسكو وأنقرة في العلاقات الدبلوماسية الدولية، سواء على المستوى الإقليمي أو الدولي، وتشكيلهما تحالف جيو – سياسي وذو بُعد عسكري جديد، يُسهم في إيجاد قوة بديلة لهما عن الدور الإقليمي والدولي المنفرد الذي خسراه؛ نتيجة للسياسات التي اتبعوها مسبقًا”.

ورأى أن روسيا “تسعى لكسب الموقف وتثبيت الهدنة، بعد أن حقّقت كثيرًا من أهدافها الاقتصادية والسياسية والعسكرية في سورية، فاستطاعت تعطيل مشروع الأنابيب القطري الذي يمرّ عبر دير الزور، وصولًا إلى الشدادي، ومنها إلى تركيا، بحيث يُغذّي الاتحاد الأوروبي بديلًا عن الغاز الروسي، ما يؤدي إلى ضرر كبير للاقتصاد الروسي، كما تمكنت موسكو من نصب منصات للصواريخ الاستراتيجية فوق مناطق مهمة في سورية، ما سينجم عنه تعطيل النفوذ الأوروبي في المنطقة”.

ولفت إبراهيم إلى أن “روسيا، ومن خلال تثبيتها للوضع في سورية، تسعى إلى منع قواتها من التدهور أكثر، وحماية نفسها من الغدر الإيراني الذي سبق أن جرّبته في أفغانستان، ولا تريد تكرار التجربة”، لكنه شدّد على أن ميلشيات إيران و(حزب الله) “لن تخرج من سورية إلا بانكسار عسكري واسع، ولن تُهزم إلا بوصول قوات المعارضة السورية إلى مدينة القصير، حيث تتمترس، وهذا بعيد جدًا في هذه المرحلة”.

ويعتقد إبراهيم “أن اتفاق وقف إطلاق النار، وعلى الرغم من الخروقات التي يقوم بها النظام والميليشيات الحليفة له لايزال متماسكًا، ويتطلب مزيدًا من الإحراج الدولي لروسيا للتمسك به، وإلا فإنه معرّض للانتكاس”.




المصدر