القضايا العالقة في المحاكم الثورية بين البتّ بها والتأجيل


خالد عبد الرحمن: المصدر

تعددت فصائل الثورة السورية وتعددت معها محاكمهم الثورية والشرعية والقضائية، وبعد قرابة الستّ سنوات من عمر الثورة تقبع الكثير من القضايا حبيسة أدراج تلك المحاكم باحثةً عن حلول، كقضايا الأحوال الشخصية والميراث والطلاق وغيرها من القضايا التي باتت بحاجة لمحاكم تفصل فيها.

ومع خروج مناطق الشمال عن سيطرة قوات النظام وسيطرة فصائل الثوار عليها وزعت تلك الفصائل العديد من المحاكم الثورية على عموم تلك المناطق لتتلاشى وتضمحل الكثير منها بعد أن تفرق جمع الفصيل الضامن لها.

عبدالمجيد تاجر مواد غذائية وكان له تجربة مع القضاء الثوري تحدث لـ “المصدر” أن مستودعه تعرض في السابق لحادثة سرقة واعتدى اللصوص على حارس المستودعات بالضرب المبرح وبعد توصيف الحارس لمواصفات اللصوص تمكن من معرفة أحدهم.

وأضاف “أبو سعيد” أنه توجه إلى إحدى المحاكم وقدم شكواه فطالبته المحكمة بالشهود لتثبيت الدعوى واستدعاء المدعى عليه، وتم إحضار الشهود وتثبيت اقوالهم وإفاداتهم وهنا بدأت المعاناة…” فالمحكمة عادة ترسل برقية حضور للمتهم وبعد مضي وقت من الزمن إذا لم يحضر المتهم ترسل له إنذاراً بالحضور وإن تغيب بعدها ترسل المحكمة قوة تنفيذية لإحضاره موجوداً وهذه الإجراءات تتطلب زمناً طويلاً”.

وأردف “بعد حضور جلسات عديدة بحضور المتهم أحياناً وغيابه أحياناً أخرى قررت المحكمة موعد جلسة النطق بالحكم فأبلغونا بأن القضية حولت إلى محكمة أخرى مستحدثة وليتم تأجيل المحاكمة وبعد فترة من الزمن تعرضت المحكمة للقصف الجوي فتم نقلها إلى مكان آخر ثم تغير القاضي المسؤول عن القضية وقتل الشاهد الملك ولم نحصل على حقنا.”

لكن على الرغم من الغياب الأمني والفوضى الموجودة في المناطق المحررة تمكن كثير من المدنيين من الوصول لحقوقهم عبر المحاكم الثورية، كحالة “سعيد” وهو مدني مقيم في كفرنبل تعرضت دراجته النارية للسرقة فتقدم بشكوى لدى المحكمة، وبعد عدة أشهر أبلغته المحكمة بالقبض على السارق واعادة حقه.

يقول سعيد لـ”المصدر” إن المحكمة ألقت القبض على لص اعترف بسرقة عدة دراجات وإحداها دراجة سرقت من العنوان المذكور في الدعوى وبعد إتمام إجراءات التحقيق تم التأكد من أنها دراجته وأن اللص قد باعها فألزمته المحكمة بتعويضه بثمن الدراجة وتم تسليمه ثمنها داخل المحكمة من قبل القاضي.

ومن جانبه يقول أبو عبدالله الحموي لـ”المصدر” وهو قاضٍ في إحدى المحاكم الثورية إنه على مدار السنوات التي عمل بها في هذه المحكمة تمكنت (المحكمة) من حل مئات القضايا المقدمة إليها على الرغم من ظروف العمل القاسية، والتي كانت تبدأ باغتيال القاضي وتنتهي بقصف المحكمة ونسف ملفاتها.

ويضيف الحموي” عملنا جاهدين على إيجاد نوع من التفاهم والتنسيق مع بقية المحاكم بغية تخطي بعض العقبات التي تعترضنا ونجحنا في ذلك “مؤكداً أن “وجود قوة تنفيذية في كل محكمة هو المطلب الأهم لنجاح القضاء وحين تتواجد القوة التنفيذية ستزداد ثقة صاحب الدعوى بالمحكمة لعلمه أن هناك جهة ما ستضمن له حقه”.

ولعلّ ظروف الحرب وانعكاساتها على الواقع السوري كانت صاحبة الدور الأكبر في عرقلة القضايا والبت بأحكامها، فحالة الحرب والعشوائية التي تسود المناطق المحررة ساهمت في ضياع الكثير من الحقوق دون أن يتمكن أصحابها من الحصول عليها أو تجريم المتهم.






المصدر