سوريون يجربون حظهم أملاً بتغيير واقعهم.. والنظام يفوز بجائزة “يا نصيب الكبرى”


 

في عام 2001 أُصيبت “أم محمود” بجلطة قلبية نُقلت على إثرها إلى المستشفى وأجريت لها عملية “قثطرة” وذلك بعد أن سمعت بأنها ربحت الجائزة الكبرى في معرض “يانصيب دمشق الدولي”.

كانت “أم محمود” شخصية درامية قامت بأدائها النجمة السورية “سامية الجزائري” في مسلسل “جميل وهناء”، الذي سهر على متابعة أحداثه السواد الأعظم من السوريين، واليوم وبعد حوالي 15 عاماً على عرض المسلسل، تغيّر الوضع الاقتصادي على أرض الواقع في سوريا، إذ يحاول الكثير من السوريين الفوز بالجائزة لكن مع اختلاف أسباب ودوافع سحب البطاقة.

 

 

هروب من حافّة الفقر

من الممكن لمبلغ 80 مليون ليرة أن يكون كفيلاً بنقل أبو غسان وعائلته المكونة من خمسة أشخاص من الفقر المدقع إلى الطبقة البرجوازية في سوريا لو ربح الجائزة الكبرى في “معرض يا نصيب دمشق الدولي”. أبو غسّان ينتظر بفارغ الصبر عملية السحب في 10 كانون الثاني الجاري، وفي كل يوم يُخرج البطاقة من جيب معطفه ويتأكّد من أنها لم تتعرّض للتلف ثم يعيدها إلى مكانها بهدوء. يقول أبو غسان لـ “صدى الشام”: “سحبت أربعة أنصافٍ “بطاقتين متفرقتين” بمبلغ 2400 ليرة سورية، وليس لدي أمل بربح أي جائزة، لكنّها محاولة للهروب من الواقع الاقتصادي السيء الذي أعيشه مع عائلتي منذ أكثر من ثلاثة سنوات في العاصمة دمشق. يشرح الرجل الخمسيني الموظف بإحدى دوائر التأمينات الاجتماعية بأن مجمل راتبه الشهري بلغ 37 ألف ليرة سورية، في حين أن منزله بمنطقة الدويلعة قرب دمشق يبلغ آجاره الشهري 25 ألف ليرة، لتبقى بضعة آلاف للعيش بقية الشهر، ما يدفع بالرجل للبحث عن مصدر رزقٍ إضافي.

يخمّن أبو غسان أن الكثير ممن فتكت بهم ظروف المعارك اقتصادياً قد يقدمون على الخطوة ذاتها، وذلك أملاً بالتخلّص من الفقر الذي حلَّ بالنسبة الأكبر من السوريين. وتُعتبر جائزة رأس السنة من أكبر الجوائز من الناحية المادية حيث تبلغ قيمة الكبرى منها 80 مليون ليرة، وتنخفض شهراً بعد شهر حتى تصل إلى 10 مليون ليرة في نهاية العام، يتبعها عدّة جوائز ترضية تبلغ قيمتها نصف أو ربع قيمة الجائزة الكبرى، وتعتبر هذه الجوائز ضمن أهداف من لا يحالفهم الحظ في الفوز بالكبرى.

 

احتكار

شهد سوق بطاقات “يا نصيب” في العاصمة السورية دمشق احتكاراً في عمليات البيع، ليتجاوز ثمن البطاقة سعر بيعها في المنافذ الرئيسية. وحذّرت المؤسّسة العامة للمعارض والأسواق الدولية التابعة لنظام الأسد من حصول عمليات احتكار في بيع بطاقات يانصيب وتَقاضي مبالغ أكثر من سعرها الحقيقي، علماً أن المؤسسة المسؤولة عن بطاقات يانصيب حدّدت سعر البطاقة الواحدة بمبلغ 1000 ليرة سورية وطلبت التقيّد بالسعر المحدّد، وذلك بحسب ما نقلت صحيفة “الوطن” المقرّبة من النظام عن مدير المؤسّسة فارس كرتلّي. لكن “صدى الشام” جالت خلال الأيام الماضية في شوارع العاصمة دمشق، ولاحظت أن البطاقات تباع بأسعارٍ مختلفة، وجميعها أكثر من ألف ليرة. على غرار أبو غسان الذي اشترى البطاقة الواحدة بـ 1200 ليرة، وقد بيعت البطاقات بمبالغٍ تتراوح بين 1100 ليرة وحتى 1600 ليرة، وذلك بحسب البائع ومكان الشراء.

غير أن “نهلة” وهي فتاة سورية تعيش في العاصمة دمشق قالت لـ “صدى الشام”: “إن فرق التوقيت يلعب دوراً رئيسياً في أسعار البطاقات” مضيفةً أن الإقبال الكبير على شراء البطاقات بسبب وجود الجائزة الكبرى جعل بعض الباعة يخبّئون ما لديهم من بطاقات ويخرجونها قبل نهاية العام بساعات ويبيعونها بضعف سعرها الحقيقي، كاشفةً أنها اشترت بطاقة واحدة بمبلغ 1900 ليرة.

 

 

النظام يربح الجائزة الكبرى

وفي مقابل آمال السوريين في الفوز بالجائزة وتحسين أوضاعهم تحقّق خزائن النظام أرباحاً تبدو كأنها “الجائزة الكبرى” بامتياز، إذا أنه السحوبات تدرّ للخزينة حوالي 60% من قيمة جميع الجوائز بما في الكبرى والصغرى وجوائز الترضية. وفي بيانٍ رسمي لها، أعلنت مؤسّسة المعارض أن عدد البطاقات لسحب رأس السنة بلغ 500 ألف بطاقة، تم بيع 350 ألف بطاقة منها حتى تاريخ 20 كانون الأول، ومن المرجح أن تُباع كاملةً حتى تاريخ السحب في 10 كانون الثاني. وبيّنت المديرية أن قيمة الجوائز كاملةً بلغت 225 مليون ليرة” وذلك من أصل 500 مليون ليرة ثمن البطاقات كاملةً، موضحةً أن الباقي البالغ “275 مليون ليرة” يعود لما أسمته “خزينة الدولة”.

 

 



صدى الشام