كابوس الاعتقال يطارد مئات المطلوبين بعد مصالحة الهامة وقدسيا

6 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2017
5 minutes

محمد كساح: المصدر

لا يُخفي “معتصم” توجّسه من الاعتقال الذي يطارده في كل وقت، لا سيما بعد حدوث حالات عدة من هذا النوع في بلدته الجبلية “الهامة” التي تمتلك مناظر طبيعية خلابة، اختار “معتصم” البقاء فيها مهما حدث.

كان ناشطاً صحفيا، وعندما جاء باص التهجير حاملاً رفقاء الدرب والسلاح أبى أن يصعد إليه “ما زلت في الهامة، الحمد لله” يقول “معتصم” الذي رفض التحدث في البداية لأن “الوضع صعب ومخيف للناشطين” على حد تعبيره.

اتفاق المصالحة

في الأشهر الماضية وقعت الهامة وجارتها قدسيا بريف دمشق اتفاقاً ينص على تسوية أوضاع المقاتلين وخروج من يرفض التسوية إلى محافظة إدلب، وخرج المئات من رافضي التسوية متوجهين نحو المحافظة الخضراء التي باتت ملجأً لجميع من يغضب عليه النظام، ومنفىً إجبارياً في أقصى الشمال.

وقال “معتصم” لـ “المصدر”، إن أكثر من خمسة آلاف مقاتل ومنشق عن قوات النظام خضعوا لعملية تسوية أوضاعهم بعد خروج المقاتلين من الهامة وقدسيا.

وأضاف “بعد التسوية رجع الجميع إلى حياتهم المدنية، ولكن دورية للأمن العسكري فرع 215 دخلت البلدة فطردها الأهالي كون ذلك إخلال بشروط المصالحة، وبعدها تم طرد دورية أخرى، وبعد فترة قصيرة تم وضع حواجز لجان شعبية على مداخل البلدتين”.

وبحسب “معتصم” تعمل هذه الحواجز، وحتى اليوم، على منع دخول أي عسكري إلى منطقة الهامة بالسلاح أو باللباس المموه.

اعتقالات

بعد المصالحة بدأت دوريات لقوات النظام تدخل مع وفد المصالحة لتفتيش بعض المناطق، ومنذ أيام دخلت دورية تابعة للأمن السياسي واعتقلت خمسة شبان كانوا قد خضعوا لتسوية أوضاعهم سابقا.

وعلّق “معتصم” على هذا الحدث قائلاً “أدى هذا إلى توافد باقي شباب المنطقة إلى ساحة البلدة الرئيسية مطالبين بالإفراج عن المعتقلين، حيث وقفوا في وجه الدوريات بصدور عارية، ما استدعى تدخل بعض الضباط ورجال لجنة المصالحة وتكفلهم بعودة الشباب قبل حلول المساء”.

وأشار إلى أنه “على الرغم من هذه الوعود واصل المعتصمون وقوفهم في الساحة حتى عاد المعتقلون ويبلغ عددهم ثمانية أشخاص”.

60 متطوعاً في قوات النظام

بعد خروج مقاتلي بلدة الهامة إلى إدلب تطوع العديد من شبابها ممن اختار البقاء في البلدة، حيث آثروا الانضمام لميليشيا “الدفاع الوطني” التابع لقوات النظام.

وقال “معتصم” إن فريقاً من هؤلاء (المتطوعين) التحقوا بصفوف قوات النظام في تدمر، بينما كانت وجهة الباقين منطقة وادي بردى.

ويعيش أهالي قدسيا والهامة في وضع جيدا نسبياً بعد فتح كافة الطرق في اتجاه البلدتين، وبقيت مؤسسات النظام – التي لم تغلق حتى قبل المصالحة – على حالها، وتدخل قوات النظام إلى قدسيا متى أرادت وذلك بسبب خروج معظم مقاتليها إلى إدلب، لكن الوضع مختلف بالنسبة للهامة التي لم يخرج منها سوى القليل من مقاتليها.

وأشار “معتصم” إلى أن هذا السبب منع النظام من دخول الهامة، وتابع “لم نلاحظ دخول أي عسكري يحمل سلاحه أو بلباس مموه غير اللجان الشعبية التي تم اختيارهم من قبل لجنة المصالحة بعد موافقة النظام على الأسماء”.

وتم إرسال قائمة بأسماء المطلوبين للاحتياط من داخل بلدة الهامة حتى يمتنعوا عن الخروج، وذلك لعدم قدرة لجنة المصالحة ووفد النظام على إعادتهم في حال تم اعتقالهم.

مقاتلون خرجوا بعد الاتفاق

رغم أن مئات المقاتلين خرجوا من بلدة الهامة إلى إدلب، إلا أن مجموعات أخرى من المقاتلين يمموا نفس الوجهة بعد أشهر، ومع خروج الباصات من بلدة التل منذ شهر تقريباً طلب النظام من 15 شخصاً من أبناء الهامة الخروج في نفس الباصات، واليوم يطلب النظام من خمسة أشخاص آخرين مع عائلاتهم تجهيز أنفسهم لنفس الوجهة.

وأكد “معتصم” أن المدنيين يرفضون هذا الأمر “لأنهم يعلمون أن النظام سيخلي المنطقة شيئاً فشيئاً من الشباب، ليكمل سيطرته على البلدة دون مواجهة من أحد، لذلك نجد تخوفاً كبيراً لدى الشباب في خروج دفعات صغيرة تباعا”.

وكان النظام عقد اتفاقات مماثلة في كل من مدينة معضمية الشام وبلدة خان الشيح ومدينة التل، وقبل الجميع سبقت داريا في توقيعها على اتفاق إخلاء تام، وفي كل البلدات التي يشملها الاتفاق يبرز تخوف كبير من اعتقالات قد تطال مطلوبين ومنشقين عن قوات النظام وهم بالمئات.

في الختام قال “معتصم”: “يخيفني الآن أن يتم إرسال الشباب الثوريين الصادقين الذي قاموا بتسوية أوضاعهم إلى إدلب وإخلاء البلدة من الشباب ليدخل النظام دخلة واحدة، ويتم اعتقال باقي الشباب، عندها يقدر أن يدخل المنطقة دون مواجهة تذكر، ولو حتى باعتصام”.

[sociallocker] المصدر
[/sociallocker]