معركة مياه أم حرب مناطق


مجاب السمرة

دخلت الهجمة العسكرية الشرسة لقوات النظام وميليشيا (حزب الله) أسبوعها الثالث على قرى وادي بردى، استخدمت فيها تلك القوات معظم أنواع الأسلحة الثقيلة؛ ما أدى إلى تدمير نحو 80 بالمئة من العمران والمؤسسات والبنى التحتية، دون أن تتمكن من التقدم مترًا واحدًا داخل هذه القرى.

المتابع لمسار الحملة العسكرية وأدواتها وطريقة إدارتها من النظام، يكتشف بوضوح أن النظام غير معني بنبع عين الفيجة، ولا بأمنه ولا بسلامته، النبع الذي يُعدّ المصدر الرئيس لمياه الشرب للعاصمة دمشق ومحيطها، وتبلغ غزارته في فصل الربيع نحو 30 مترًا مكعبًا في الثانية، إضافة إلى نقاء مياهه وعذوبتها.

منذ اليوم الأول للهجمة قصفت قوات النظام مركز مياه عين الفيجة بعشرات البراميل المتفجرة والصواريخ؛ ما أدى إلى انهيار المبنى انهيارًا تامًا، وإلى انكشاف فتحة النبع على الهواء مباشرة، وخروج المضخات عن العمل، وتدمير شبكات الكهرباء وأجهزة الفحص والتعقيم وغيرها. كما أدى القصف إلى تدمير مركز هاتف عين الفيجة، وإخراجه من الخدمة، إضافة إلى مكتب البريد والبنك ومركز الإطفاء وسيارته، وقد تضررت بعض الجسور والأقنية، وغيرها من البنى التحتية العامة.

تكرر الهجوم على مركز مياه مؤسسة عين الفيجة، في قرية بسيمة، وعلى مرافقه وخطوط التغذية وغرف المعدات والمضخات؛ وقد تركز قصف النظام على المناطق والأراضي التي تقع فوق النبع وفي حرمه المباشر، قصفًا هستيريًا (ما يقارب 1000 برميل و500 صاروخ) إضافة إلى قصف مدفعي من الدبابات المحيطة بقرى الوادي.

يؤثر القصف -بهذه الشدة- في تماسك الصخور التي تلعب دور الخرسانة الحامية والحافظة للمياه الجوفية؛ ما يُحدث كثيرًا من التشققات والشروخ الجوفية، وضياع قسم كبير من المياه في باطن الأرض.

السؤال: لِم كل هذا التدمير لمرافق النبع ومراكزه التشغيلية، ولم هذا التدمير الواضح وغير المبرر لكل الممتلكات العامة والمؤسسات الحكومية، في الوقت الذي طالب فيه أهالي وادي بردى بوقف الأعمال القتالية والسماح لورشات الصيانة بالدخول والعمل سريعًا لاحتواء تدهور وضع النبع، بعد أن غار أكثر من ثلثي المياه في باطن الأرض.

أسئلة كثيرة تُطرح عن الأسباب الحقيقة لهذه الهجمة، وعن أهدافها والدور الايراني الراغب بضم هذه المناطق، لسيطرة (حزب الله)؛ ليصل -بذلك- العاصمة دمشق بالحدود اللبنانية، ومحو أي مانع بشري أو جغرافي.

إن طرح الأسئلة والإجابة عنها، يجعلنا نعي هدف نظام الأسد وحلفاؤه في هذه المرحلة، والمراحل المقبلة من عمر الصراع في سورية.




المصدر