معركة “وادي بردى” الإقليمية .. والمواجهة الروسية – الإيرانية الناعمة


عماد أبو سعيد – ميكروسيريا

ما يحدث من تأكيد ونفي لهدنة قصيرة مدتها 4 ساعات في وادي بردى، وما كشفته تداعيات المعركة المتواصلة هناك من حقيقة ما قيل عن منع حزب الله لوفد روسي “مرتين” من الدخول عين الفيجةا، وأن الزيارة الثالثة التي حدثت بعد تكثيف موسكو لضغوطها “الناعمة” على إيران من أجل اتمامها، وابداء مرونة تحتاجها موسكو من أجل انجاح مؤتمر أستانا في كازاخستان، إلا أن طهران تعمدت اظهار عزمها وقدرتها على مقاومة تلك الضغوط، و يندرج في هذا السياق  تصريح علي أكبر ولايتي المستشار المقرب من خامنئي، والذي أكد فيه أن انسحاب حزب الله من سوريا هو أمر غير مطروح.

لم  يعد التناقض الإيراني – الروسي في سوريا مجرد تكهنات مشكوك فيها، بل على الأغلب ستسعى إيران التي وافقت على “أستانا” سياسياً أن تجهضه ميدانياً على الأرض، من خلال الاصرار على بسط سيطرتها الكاملة على منطقة سوق وادي بردى، ذات الأهمية الاسترايجية في حسابات “سوريا المفيدة”، التي هي ركن مهم وأساسي في تأمين المثلث الشيعي  في الإقليم، والتي لن تتنازل إيران عن نفوذها فيه، مقابل أن تضمن مصالح روسيا الاقتصادية والعسكرية والأمنية والسياسية في “سوريا المفيدة” بل الاسترايجية للمشروع الإيراني في المنطقة، وليست زيارة موفد عراقي للأسد ونقله رسالة شفهية من العبادي شخصياً، بعيدة عن رسائل طهران السياسية، وكذلك تصريحات نائب الرئيس العراقي نوري المالكي مؤسس “الحشد الشعبي” الشيع حول تأكيد استعداد الحشد الشعبي للزحف إلى سوريا عند الضرورة واللزوم الإيراني.

اختيار وادي بردى عنواناً للتصعيد لم يكن اعتباطياً، وهو بمثابة اختبار إيراني مباشر لردود فعل موسكو  خصوصاً بذهابها إل حدود القصف المباشر ” المدروس” لحرم نبع الفيجة، والدخول في مغامرة “تعطيش دمشق” وما يترتب عليها من توتر في العاصمة ومحيطها، ثم بالاستفزاز المباشر عبر منعها وفد الروسي من أداء مهمته في نبع الفيجة.

بالمقابل، أظهرت تركيا أنها صاحبة نفوذ فعلي في “حلب “وهدنة ما “بعد حلب “على مختلف الفصائل الإسلامية والجيش الحر، ودعمتها السعودية من خلال ابداء الفصائل التابعة لها خاصة “جيش الإسلام” التزاماً فعياً بوقف اطلاق النار، مع حرص الرياض على ابداء عدم رضاها “إعلامياً” عما يحدث في أستانا، وأن عدم الثقة في إيران ونواياها هي صحيحة وفي محلها.

المفارقة، أن الذريعة التي تستخدمها طهران في محاولة اجهاضها وقف اطلاق النار والاستمرار بترسيم “منطقة “نفوذها”، هي ذاتها الني استخدمتها موسكو لافشال مباحثاتها مع واشنطن وحاولة احلال “خارطة بوتين” بدلاً من مسار جنيف1، وهي تعلم أن عملية فصل المعارضة عن النصرة هو أمر معقد للغاية، ويحتاج إلى دعم تركي – قطري وغض نظر سعودي، لكنه أيضاً يحتاج إلى مقابل سياسي حقيقي وجوهري، غير مستعدة طهران لتقديمه.

معركة بردى واحدة من المعارك المهمة في “المواجهة الإقليمية” تستخدم فيه إيران سياسة الأرض المحروقة بالنار والحديد، لأنها تدرك أن شكل الحكم الذي تدار من خلاله “سورية الأسد”، لا يحتمل أي إصلاح أو تعديل يمس الصلاحيات المطلقة خصوصاً على الجيش والأمن .. وبغض النظر عن نتيجتها، لأن تكون الوحيدة في المواجهات الناعمة وصولاً للتصعيد المتبادل في الرسائل السياسية وعلى الأرض بين روسيا وإيران. وربما الشيئ المشترك الوحيد الذي يجمع موسكو وطهران تحت خيمة “أستانا” هو الحاجة لانجاز شيئ قبل أن تستأنف إدارة الرئيس الأمريكي المقبل “ترامب” نشاطها في الملف السوري،  والتي لن تبدأ فعلياً قبل عام من الآن على الأغلب.