أنا البطل وحدي.....!!!

لم يكن غريبا أن تفشل ثورة 25 يناير 2011في ظل حالة التشتت والتخبط الذي كان يعاني منه الشباب المصري في تلك الفترة فقد توهم الثوار أن تسير السفينة دون قائد واعتقد كلاً منهم انه سيصبح زعيماً وطنياً أو قائداً سياسياً . إن الأحداث العنيفة والمتلاحقة في مصر كشفت لنا العيوب الخفية والسلبيات المدفونة في المجتمع المصري ، فقد نتج عن القمع والديكتاتورية ما يسمى “الرغبة السياسية المكبوتة” فإن احتكار العسكريين للسلطة أفرز لنا أجيال متعطشة للقيادة ، فالجعان يحلم بسوق العيش والممنوع مرغوب حتى وان لم يكن مناسباً ، المهم أن نمارس ما نحب والسلام ، لم يفكر المصريين سواء جيل العجائز أو جيل الشباب في مسألة التخصص أو الخبرة وإنما المهم ان يتقلدوا كرسي ، فالنهم إلى المنصب كان الأساس والرغبة في الشهرة هي الطموح ، أما الكارثة الحقيقية فكانت في تسابق التيارات السياسية القديمة في الظهور على شاشات الفضائيات للإدلاء بالتصريحات والتحليلات تعليقا على الأحداث التي شهدتها الساحة المصرية إبان ثورة يناير 2011 . لعب الإعلام المصري الدور الأكبر في استمالة الشباب الثائر واستقطابهم وإغرائهم بالشهرة وحب الظهور ليكون هذا هو أقصى طموحهم ، حيث بدأت اللعبة بالناشط وائل غنيم ثم حركة 6 أبريل ثم شباب التيارات الإسلامية والماركسية ،فقد أعطى لهم الإعلام ولأول مرة المساحة الشاسعة للتعبير عن وجهات النظر السياسية والآراء الأيدلوجية فتصور الشباب في تلك اللحظات أن الإعلام المباركي يقف معهم ويؤازرهم فتركوا الثورة منشغلين بالحوارات السياسية والنزاعات الفكرية التي لم يكن لها أي جدوى سوى أن صنعت بينهم الفجوات وزرعت بذور الفتنة فيما بينهم ، ورضت الأحزاب السياسية بالفتات القليلة من المناصب وبرامج التوك شو مقابل التنازل عن المطالب الثورية وتطبيق مبادئ العدل والحرية . لقد ضربت النخب السياسية والثورية في 25 يناير أسوأ الأمثلة فكانت ترتكب الحماقات باسم الوطنية والثورة فلم يكن يمر حدث سياسي أو كارثة اقتصادية إلا ويتسارع مدعي الوطنية والثورية لاستغلالها باللهث حينا وراء الفضائيات وحينا ً أخرى بالتصريحات على أغلفة الصحف والمجلات ووسائل التواصل الاجتماعي وذلك ظنا منهم أن تلك الإدلاءات والتصريحات ستصنع منهم أبطالا وطنيين متغافلين فشلهم وإضاعتهم للأمانة ” المسئولية الثورية ” وانعدام ضمائرهم . إن فشل ثورة يناير لم يكن مصادفة بل كان نتيجة تخطيط وتآمر من نظام فاسد استغل تكالب وطمع النخب السياسية في السلطة والشهرة فلعب جيدا على تلك النقطة واستقطب مجموعة من شباب ساذج منعدم الخبرة يسيل لعابه على أتفه الرغبات ، فلم يكن لدي الشباب قدوة سياسية يسيرون في ركابها ولم يجدوا زعيما قوميا يوحد صفوفهم ويلهمهم الصواب ، إن تداول السلطة في البلاد المتقدمة لم يكن وليد الحظ بل سبقه معاناة وتخطيط وفلاسفة غيروا وقوموا وأبصروا أمة ، أما في مصر فنحن لم نمتلك فلاسفة ولا مصلحين أو حتى زعماء وطنيين ، بل شاهدنا مجموعة من الطماعين الذين رأوا في ثورة يناير فرصة للانقضاض للاستئثار بالزعامة ، وحتى بعد انتخاب دكتور محمد مرسي رئيسا للجمهورية ظل المتكالبين والطماعين كما هم يطمحون إلى السلطة حتى وان أدى ذلك إلى إفشال أول تجربة ديمقراطية حقيقية غير عابئين بما ينتج عن ذلك من إفشال لثورة 25 يناير 2011. آما آن الأوان لكي تعترف النخب السياسية بأخطائها ويفكر الشباب بجدية في أسباب الهزيمة ؟ يجب أن يعترف القادة السياسيين بأنهم استغلوا عدم النضج السياسي لشباب ثورة يناير وإنهم ورطوا الجميع في تلك الفوضى والتخبط ، إن دماء الشباب التي سالت في ثورة يناير وما تلاها تحتم على الجميع ان يعيد حساباته وينظر في إخفاقاته ، آلاف المعتقلين خلف القضبان ينتظرون توحدنا ونبذ خلافاتنا لنعود إلى ميدان الحرية . لقد أصبحنا الآن أكثر وعيا ونضوجا من ذي قبل وعرفنا أن القوة في توحد الصفوف ودحر الخلافات الأيدلوجية ، فليس مهم أن تنال منصبا أو تحصل على شهرة ، بل المهم أن تجد العدل والحرية والعدالة الاجتماعية ، فان مصطفى كامل وغيره من الذين سطرت سيرهم على صفحات التاريخ بأحرف ذهبية لم يقصدوا يوما أن يتحدث الناس عنهم بل ضحوا بأنفسهم من أجل قضية ومبدأ فتحدث الناس عنهم دون إرادة منهم وكان ورائهم اناس لا يقلون وطنية عنهم لكنهم فضلوا الوطن على الظهور فقد رأى هؤلاء أن مصطفى كامل هو الأحق بالزعامة فتركوه يقود لأنهم يعلمون أن المركب التي يقودها قائدين ستغرق ، فأين نحن من تلك الأبطال الذين لم يطالبوا يوما أن تذكر أسماؤهم ولم يطمعوا في مناصب أو أموال ، أين المحبين لمصر يا ثوار يناير ؟