كيف دفعت إدارة أوباما تركيا إلى أحضان روسيا


كتب جوش روجين في مقدمة مقال الرأي في صحيفة واشنطن بوست الأمريكية قائلًا: "الكثير من  المتابعين للسياسة الخارجية لواشنطن أصابهم الذعر يوم الثلاثاء مع كبار المسؤولين في حلف شمال الأطلسي عندما جلس المسؤولون الأتراك مع قادة روسيا وإيران في موسكو للتوصل إلى حلحلة الأمور في سورية، من دون أن توجد الولايات المتحدة في الغرفة، إذ إن المشهد ليس فقط نقطة تحول في الأزمة السورية، ولكنه أيضًا مشهد مذهل لتحوُّل توجُّه تركيا نحو روسيا، وبعيدًا عن أمريكا والغرب".

"هناك العديد من الأسباب التي تجعل حكومة رجب طيب أردوغان تسير بخطى ثابتة لمواءمة السياسة الخارجية لبلاده مع موسكو، وبعيدًا عن واشنطن، فقد جاء حزبه إلى السلطة على منصة المعاداة للغرب، وهو يواجه الضغوط الداخلية للوقوف في وجه الولايات المتحدة ومحاولة الانقلاب الأخيرة ثم إن فشل سياسات إدارة الرئيس أوباما في الشرق الأوسط، وخاصة فيما يتعلق بسورية، فاقمت كل هذه الاتجاهات ومهدت الطريق لحصول أحدث التطورات".

واستشهد روجين بكلام أحد نواب البرلمان التركي سابقًا عندما قال: "إن الولايات المتحدة أصبحت منفصلة عما يجري في الشرق الأوسط صلة، ومواقفها باتت أقرب للبلاغة والخطابة، فزادت واشنطن من الكلام على حساب العمل".

"وجاء اجتماع موسكو حول سوريا بعد انهيار الجهود الدبلوماسية التي يقودها وزير الخارجية جون كيري ووزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف، التي ركزت منذ فبراير على التفاوض على سلسلة من اتفاقات وقف إطلاق النار في سوريا، وكان آخِرها في حلب".

ويذكر الكاتب أنه "لسنوات، حاولت تركيا العمل مع إدارة أوباما من أجل سوريا ولكن طلبها قوبل بالرفض مرة بعد مرة ولم تنجح محاولات متكررة من قِبل مسؤولين أمريكيين لعقد اتفاق مع تركيا لمكافحة تنظيم الدولة  وتنسيق الجهود لدعم المعارضة السورية، ويرجع ذلك أساسًا إلى عدم رغبة البيت الأبيض (أوباما) لتطبيق دعوة تركيا لإقامة منطقة حظر جوي في شمال سوريا وممارسة المزيد من الضغوط على نظام الأسد".

وذكر الكاتب أن ذلك جاء إضافة إلى التوترات الموجودة نتيجة دعم الولايات المتحدة لمجموعة من القوى السورية، التي تتألف في معظمها من المقاتلين الأكراد، واعتبرت تركيا أن دعم جماعات مسلحة كهذه يتماشى مع مع دعم الإرهابيين الأكراد في تركيا. كما أن المكاسب الكردية في شمال سوريا دفعت تركيا للتدخل عسكريًّا لمنع الأكراد من فرض اتصال بين المنطقتين الممتدتين في شمال سوريا على حدودها وخلق دولة كردية بحكم الأمر الواقع.

وأورد الكاتب كلام "أندرو تابلر" وهو زميله في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى في قوله "نظر الأتراك إلى الوضع وقالوا لأنفسهم: هذه الإدارة لا تريد التعامل مع سوريا، ونحن في طريقنا إلى الانتظار لمدة أطول لكننا في الوقت نفسه سنرى ما يمكن القيام به مع الروس، والجميع ينظر إلى إدارة أوباما على أنها عاجزة تمامًا، ونحن الآن خارج اللعبة". 

وقال الكاتب: إن المشكلة هي أن العملية الجديدة التي تقودها روسيا في سوريا لديها فرصة ضئيلة لتحقيق سلام أوسع أو إنتاج تسوية سياسية حقيقية، فتركيا قد توافق على وقف الدعم لعدة جماعات من المعارضة تقاتل الأسد، والسماح للحكومة السورية للحفاظ على سيطرة أفضل على حلب، إلا أن الجيش السوري المنهك لن يكون قادرًا على توسيع السيطرة على المزيد من الأراضي.

ويفترض جوش روجين أنه من الممكن أن تقبل إدارة دونالد ترامب العملية الدبلوماسية التي يقودها الاتحاد الروسي لسوريا على أنها أمر واقع، ولكن يجب أن لا يقبل تفكك علاقة تركيا مع الغرب كجزء من تلك الصفقة، ويجب أن تهتم أمريكا أكثر بالمنطقة من أجل إعادة العلاقات الأمريكية-التركية.

ويختم جوش بقوله إنه بالرغم من كل ما حصل من انزعاجات بين تركيا والولايات المتحدة تبقى تركيا هي أفضل حالًا مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي مما هي عليه مع روسيا وإيران، لكنها لن تقبل إلا إذا عادت المصداقية للولايات المتحدة في المنطقة.