on
لاجئات عربيات.. بين الممنوع والمرغوب!
العديد من الشابات اللاجئات يواجهن صراعا ثقافيا وخصوصا ما يتعلق بالعلاقات الخاصة. فما رأي الشابات في نمط الحياة الألمانية؟ هل يرغبن في ممارسته، بما فيه العلاقات خارج الزواج، أو المساكنة؟ أم يفضلن الحفاظ على تقاليدهن؟
تختلف طبيعة العلاقات العاطفية أو الخاصة في ألمانيا عنها في المجتمعات العربية، إذ أنها غير مقيدة، كما تختلف مفاهيم الحب والزواج والعادات والتقاليد أيضاً على مستويات مختلفة. العلاقات الجنسية خارج الزواج، والمساكنة، والإنجاب خارج الزواج أمور طبيعية ومقبولة في المجتمع الغربي، أما بالنسبة للمجتمعات العربية فالأمر معاكس تماما ويعتبر حتى النقاش في هذه المواضيع من المحرمات، وهذا بالضبط ما يشكل فحوى صراعات داخلية بين هذين النقيضين في العقول الشابة تحديداً.
” اندماجي يتوقف هنا”
راما شابة سورية في العشرين من عمرها، جاءت إلى ألمانيا مع والدتها العام الفائت هرباً من ويلات الحرب، شأن الكثيرين من السوريين، تدرس اللغة الألمانية في الوقت الحالي في مستوى متقدم تحضيراً للدراسة الجامعية. لم يشكل المجتمع الغربي أو الألماني على وجه الخصوص حالة صدمة، كما أوضحت الشابة، لأنها على اطلاع مسبق بنمط الحياة في هذا البلد والانفتاح والحرية الحاضر بمعظم التفاصيل تقريباً، باستثناء بعض الأمور التي تربك حياءها غالباً، كالتقبيل في المناطق العامة، أو ما شابه ذلك من الأمور التي يتعثر نظرها بها بين حين وآخر.
في حوار مع DW العربية قالت راما: “أحترم حرية هذا البلد كثيراً ومعجبة بالمساحة الشخصية التي يحظى بها الألمان وبطريقة حياتهم، ولكنني لا أستطيع التصرف مثلهم بما يخص العلاقات الخاصة، فأنا مسلمة من عائلة مسلمة وأريد الحفاظ على العادات والتقاليد التي نشأت عليها، فحتى لو كنت مولودة بألمانيا، كنت سأختار الحفاظ على ما يقبله ديني فقط أيضاً.. ولكنني لا أعارضهم، المهم أنهم سعداء”، وأضافت ضاحكة:” أما بالنسبة لي فاندماجي يتوقف هنا” وتضيف: “العلاقة والإنجاب تنحصر بالزواج، وبالطبع لن أتزوج إلا بشخص عربي، فالفجوة الثقافية كبيرة بيني وبين الألماني، أبسطها اللغة!”.
علاقات صعبة لكنها قد تكون بريئة
حيرة وعدم استقرار
بالنسبة لراما، الأمر واضح جداً وتعرف ما تريده بالضبط، إلا أن الوضع يختلف عند الأخريات وخصوصاً المراهقات، حيث تحاط بالأصدقاء الذين يحدثونهم عن مغامراتهم العاطفية، فيقعن في حيرة تفصل بين حياتهن في المدرسة وحياتهن مع العائلة، بجدار ثقافي مرتفع فضلاً عن العديد من الأسئلة التي قد لا يتجرؤون على طرحها أو حتى الإشارة إليها.
هذا هو الصراع التي تواجهه الكثيرات مثل سارة، (اسم مستعار)17 عاماً. تعيش سارة مع عائلتها في ألمانيا منذ حوالي السنتين. وكما تصف بطرافة حياتها الحالية بأنها تنقسم إلى حياة الداخل، مشيرة بها إلى حياتها داخل المنزل، وحياة الخارج، أي خارج المنزل في المدرسة. فهي توافق على نمط الحياة الذي نشأت عليه بما فيه من عادات وتقاليد من جهة، كما توافق على نمط الألماني للحياة المنفتحة من جهة ثانية، الأمر الذي يسبب لها حالة من عدم الاستقرار. إذ من الطبيعي أن تعيش مراهقة طبيعية بكل تجاربها كصديقاتها، كما وصفتها، وفي الوقت ذاته لم تتمكن من أن تخلع عن تفكيرها العباءة الشرقية التي شّبت عليها. وأنهت كلامها ممازحة : “ربما في الجامعة سأقرر، على أية حال لا تخبري أمي عن هذه المحادثة”.
هل الحب حلال أم حرام؟
الدور الأهم للأهل
وتوضح السيدة رينيه أبو العلا، مديرة مركز الدار لرعاية الأسرة العربية في برلين بأن التناقض النفسي الذي تعيشه الشابات والشبان أيضاً بسبب الاختلاف بين العائلة والبيئة المحيطة أمر لا يستهان به، وقد يؤدي إلى مشاكل معقدة، مشيرة إلى قصة المراهقة العراقية (13 عاماً) التي هربت من عائلتها إلى إحدى المنظمات الإنسانية خوفاً من ملاحقة عائلتها لقتلها، بعد أن نُشرت صوراً عارية لها، وتعتبر أبو العلا هذه القصة مثالاً واضحاً عن حجم تطور المشاكل.
وفي حديثها مع DW العربية، شددت أبو العلا على أهمية دور الأهل في هذه المرحلة، وقالت :”الهجرة صعبة حقاً، ولكن بمجرد اختيارها، على الأهل تهيئة أنفسهم جيداً للحوار والتفاهم مع الأولاد، بعيداً عن التخويف والمنع وذلك لكسب ثقتهم وإجابتهم على جميع تساؤلاتهم”.
خارج السرب
من ناحية ثانية هناك قلة قليلة من الشابات اللواتي تجرأن على التمرد على العادات والتقاليد الشرقية وتبني الحياة الغربية بكل ما فيها. هناء (اسم مستعار) لطالبة جامعية في الـ 24 من عمرها. اعتادت انتقاد الحياة الشرقية ومفهوم الشرف في المجتمعات العربية الذي شكل لديها أحد أهم الأسباب التي دفعتها للسفر إلى ألمانيا قبل 3 سنوات للابتعاد عن الحرب، وعن المجتمع الذي شعرت فيه بالتناقض بين قناعاتها وبين المقبول والمفروض في الحياة الشرقية.
تسكن هناء مع صديقها الألماني في غرفة بقسم داخلي للطلاب منذ عدة أشهر، وتعتبر هذه الخطوة من أهم تجارب حياتها التي لم تجرأ على فعلها عندما كانت في سوريا. إذ قالت: “لم أقم بهذه الخطوة سابقاً لأن المجتمع يرفضه كلياً، فضلاً عن تشويه سمعة العائلة بأكملها.. أما هنا، الأمر مختلف حيث يهتمون بإنتاج الإنسان لا بحياته الشخصية وأوراق الزواج، أشعر بحرية أكبر وبثقة لاتخاذ قراراتي، هذه حياتي وهذا جسدي”، واستدركت قائلة :”ولكن طبعاً لم أخبر عائلتي بالأمر..”.
صدى الشام