"مثقال الصغير".. برقصاته التعبيرية يوصل حكاية الألم السوري


عازفاً عن الخوض في السياسة بالطريقة التقليدية، وجد مصمم الرقصات السوري "مثقال الصغير" ضالته في فنه، لينقل من خلاله محنة بلاده ولاجئيها، وذلك عبر عروض تعكس في جوهرها التمسك بالموروث الثقافي، وفي ظاهرها التراقص بالألم من وجع الفراق.

أحدث هذه العروض والتي سترى النور قريباً لـ"الصغير" هو ما أطلق عليه اسم "تبديل الأماكن" ويهدف من خلاله إلى لفت الانتباه إلى مشكلة الهوية التي يعيشها ملايين اللاجئين السوريين الذي فروا من ويلات الحرب في بلادهم منذ ست سنوات.

الصغير المقيم حالياً في فرنسا، يقول إنه يريد أن ينقل للجمهور عبر هذا الرقص "ميراث ثقافتنا التي تشكلت عبر الاحتلالات والحروب، تربينا مع فكر نظام دكتاتوري، وتلقينا التدريب العسكري بشكل إجباري في المدارس".

ويضيف أن "هناك حقيقة ملموسة وهي أن النظام الدكتاتوري (نظام بشار الأسد)، دفعني إلى مساءلة نفسي حول هويتي وميراثي الثقافي، وبدأت بالتفكير مجدداً بالعناصر التي شكّلت هويتنا في ظل تبديل أماكننا بشكل إجباري".

ويتابع "الوضع الحالي في سوريا دفعنا نحو أراض جديدة لنستقر فيها، وربما سيفتح لنا الطريق لتكوين هوية جديدة في البلدان التي نعيش فيها".

ويكشف الراقص السوري أنه بدأ بمشروعه الجديد "تبديل المكان" انطلاقاً من حقيقة مشتركة من تجاربه الشخصية، والأحداث في سوريا.

وبحسب الصغير فإن الجزء الذي يتم فيه عرض الرقصات من قبل شخص واحد في مشروعه الجديد، يرمز إلى فردية الإنسان.

ويوضح المغزى من وراء ذلك بالقول إن "الأحداث في سوريا، لم تصب الشعب العربي، أو جميع اللاجئين فقط بل هو أبعد من ذلك، فينبغي بحث آثاره في الفرد نفسه".

ويستكمل الحديث عن مشروعه الجديد أن القسم الآخر من العرض يتكون أداءه من ثلاثة أشخاص يسلط الضوء على التغييرات التي أثرت على المجتمع جراء اضطرار اللاجئين إلى تغيير أماكنهم عدة مرات.

الأوضاع المأساوية في سوريا-  بحسب الصغير- تُشكل إحدى مصادر الإلهام لأعماله، حيث يحاول عندما يقوم بعرض رقصاته الانتباه إلى مشاعر السوريين في ظل الظروف الصعبة جراء الحرب.

وبوصفه لاجئاً سورياً، يواصل الصغير إجراء عمله الفني رغم الظروف الصعبة، قائلاً إن "التغلب على المشاكل في سوريا، ليس بالأمر السهل، لذلك أحاول الحفاظ على وضعي الفني رغم الظروف، وأبذل جهوداً للتعبير عن إحساسي كفنان حيال الأحداث".

ويشير الصغير إلى أسباب اهتمامه بهذا النوع من الفن بأن الثورة السورية وما أعقبها من حرب أجبرت السكان على ترك بلادهم، الأمر الذي أدى إلى محو ميراث ثقافي كبير، إلا أن هؤلاء المهجرون الذين مُحيت ثقافتهم ينشؤون هوية قوية في مستقرهم الجديد.

ولجأ مصمم الرقص السوري إلى فرنسا حيث يواصل فيها ممارسة أعماله الفنية، ويفضل أن يعكس أحداث الحرب برقصاته وفنه بدلاً من الخوض بالحديث فيه، مبيناً أن "ذلك يحمل معنى أكبر".

ويقول الصغير "اضطررت أن أقدم طلب اللجوء إلى فرنسا، من أجل مواصلة أعمالي الأكاديمية، فلو عدت إلى سوريا سيأخذونني إلى الجيش بالإجبار وسيُشركونني في الحرب".

ويتابع: "قررت البقاء في فرنسا من أجل عدم المشاركة في حرب، أنا ضدها، لأني أريد أن أناضل من أجل أعمالي الفنية فقط"

ويؤكد الفنان السوري أن "الرقص هو أحياناً طريقة ليصرخ المرء فيها بالحقائق بصمت على المسرح".




المصدر