الأجهزة الأمنية في سورية واقع وتغيير (2 من 2)


أنور البني

تهدف إعادة هيكلة الجيش والأمن في سورية إلى عدة أهداف:

1 – فصل القطاع الأمني عن السياسة فصلًا تامًا، بما يمنع التحزب داخل هذا القطاع. يجب أن يُعنى القطاع الأمني بخدمة مصالح الأمة، وليس خدمة أي مصلحة حزبية أو طائفية أو فئوية.

2 – إعادة بناء العنصر البشري في أجهزة الأمن، بناءً يتاح فيه لجميع السوريين العمل في القطاع الأمني، بمعزل عن خلفياتهم القومية أو انتماءاتهم الدينية.

3 – توفير الأمن الحقيقي لجميع المواطنين السوريين، بكل انتماءاتهم السياسية والثقافية والدينية والقومية، كي يتمكنوا من ممارسة حقوقهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية بحرية، مع المحافظة على النظام العام، واحترام حقوق الإنسان، والدفاع عن سيادة الدولة ووحدة أراضيها.

4 – بناء علاقة متينة بين الجيش والمجتمع المدني، قائمة على المبادئ الديمقراطية وإنهاء عسكرة الدولة أو الدولة العسكرية، بحيث يعمل كل من الجيش وأجهزة الأمن وقوات الشرطة تحت إمرة وقيادة سلطة مدنية.

5 – تكليف القطاع الأمني بعد إصلاحه بمهمات الدفاع وحماية جميع المواطنين -بلا استثناء- من الأخطار الداخلية أو الخارجية.

6 – تقديم التدريب الاحترافي، ويجب أن يشمل هذا التدريب مجالات حقوق الإنسان، إضافة إلى المهارات التقنية، كالتحقيق الجنائي والكفاية في إدارة التجمعات الكبيرة كما في المظاهرات.

7 – خضوع عمل جميع الأجهزة الأمنية والشرطة والجيش للمحاسبة، عن كل الجرائم أو التصرفات التي يرتكبونها ويتصرفونها خارج إطار القانون.

أولًا- يجب التركيز في قضية إعادة هيكلة أجهزة الأمن على أن يكون عملها وولاؤها لحماية الوطن، وليس النظام أو الرئيس، وهذا يستدعي إعادة هيكلة تامة لجميع الأجهزة الأمنية في سورية، سواء من جهة البنية والهيكلية التنظيمية، أم من جهة اختيار الأشخاص المسؤولين عنها، وشروط توليهم مناصبهم، والأهم إيجاد القوانين التي تحكم عمل الأجهزة وتنظم العلاقة بينها، وتحدد صلاحياتها من حيث المناطق أو الاختصاصات. وعلى الخصوص، تلك القوانين التي تنظم محاسبتهم على الجرائم التي يرتكبونها في أثناء القيام بمهاتهم، سواء أكانت هذه الجرائم مرتكبة من جهاز يتجاوز مهماته، أو من مسؤولين وأفراد. وهذا يستدعي اتخاذ الخطوات القانونية التالية:

1 – إلغاء كل ما يمكن أن يحمي رئيس الجمهورية في الدستور الجديد من المحاكمة عن الجرائم التي يرتكبها بشخصه، سواء أكانت جريمة عادية أم جريمة اقتصادية “فساد – سرقة أموال عامة”، وإعطاء الولاية الكاملة للقضاء العادي، لفتح تحقيق بهذه الجرائم، ويمكن وضع استثناءات صغيرة، لتأجيل المحاكمة ببعض القضايا لما بعد انتهاء رئاسته، وخضوعه للملاحقة عن الجرائم التي قد يرتكبها.

2 – وضع هيكلية جديدة لقيادة “مكتب الأمن القومي” وتشكيله وشروط قيادته وتابعيته ووضعه تحت رقابة مجلس النواب، وحق مجلس النواب بفتح تحقيقات حول عمل “مكتب الأمن القومي” أو أي من الأجهزة التابعة له، ومساءلة المسؤولين عن الجرائم المرتكبة باسم الجهاز، أو التجاوزات التي يقوم بها من حيث الاختصاص أو الخروج عن المهمات المناطة به. ويستوجب هذا إيجاد لجنة خاصة بمجلس النواب، تختص مراقبة عمل هذه الأجهزة ومتابعة نشاطها وعملها، وخضوع الأجهزة الأمنية لرقابة نواب الشعب، ضرورة مهمة لكي تحافظ هذه الأجهزة على ولائها للشعب؛ ممثلًا بالنواب الذين انتخبهم وليس لسلطة تنفيذية.

3 – إعادة هيكلة وتوزيع وتسمية أجهزة الأمن وتفرعاتها واختصاصاتها وتركيبتها، وهذه تحتاج إلى خبراء واختصاصيين في الموضوع الأمني، لإعادة وضع هيكل جديد لهذه الأجهزة ومسمياتها، ويمكن تقسيمها إلى أقسام رئيسة. بالتعاون مع مختصين واستشارتهم في المسائل الأمنية والجيش:

1 – جهاز الأمن المختص بالوضع الداخلي.

2 – جهاز الأمن والشرطة المختصين بالجيش.

3 – جهاز الأمن المختص بالوضع الخارجي.

4 – جهاز الأمن الرقمي.

5 – جهاز الأمن الجنائي.

6 – جهاز الأمن المالي والضرائب والتهريب.

7 – جهاز الأمن المختص بالجرائم العادية.

4 – إلغاء جميع أشكال الحماية، أو التقييد من المحاكمة والملاحقة القضائية للعناصر، أو المسؤولين الأمنيين، عن الجرائم التي قد يرتكبونها في معرض قيامهم بمهماتهم.

5 – وضع قوانين تُحدّد مهمات كل جهاز على حدة، والمهمات المُناطة به وحدود اختصاص كل جهاز وصلاحياته، من حيث طبيعة الجرائم نفسها، أو مكانها، أو طبيعة المجرمين المحتملين، ووضع القواعد التي تحكم العلاقة بين مختلف الأجهزة الأمنية، من حيث الاختصاص ومجال العمل والصلاحية، وطرق ووجوب التعاون وتحديد المرجعية التي تحدد الجهاز المختص في حال تنازع الاختصاص.

6 – إلحاق إدارة الأمن الجنائي بوزارة العدل وخضوعها لأوامر النيابة العامة.

7 – إلغاء شعبة الأمن السياسي وكل تفرعاتها التي تتحكم بالنشاط السياسي السلمي، أو النشاط المجتمعي الأهلي.

8 – إلغاء الرقابة والموافقات الأمنية المسبّقة على أي نشاط كان، ويكتفى بالرقابة وملاحقة الأعمال الجرمية في حال حدوثها.

9 – ضرورة خضوع كل أجهزة الأمن للضوابط القضائية العامة، من حيث التحري والرقابة والضبط ومدة وشروط وأحوال القبض والاحتجاز.

10 – خضوع كل الأجهزة الأمنية، جهازًا وعناصر ومسؤولين، للرقابة القضائية، وإمكانية الادعاء عليهم من المتضررين، في حال تجاوز حدود مهمتهم، أو ارتكاب جرائم عند تنفيذ المهمات، أو مخالفة القوانين العامة بالضبط والاحتجاز والتحري والرقابة.

11 – خضوع أماكن الاحتجاز الأمنية للرقابة والتفتيش القضائي؛ للتأكد من مطابقتها للمعايير الإنسانية.

إن إجراء كل هذه التغييرات يتطلب تغييرًا قانونيًا كبيرًا ونصوصًا قانونية، تتعلق أولا بالدستور الذي يُعدّ رأس القوانين وأسماها، والفيصل في كل ما يتعلق بالثغرات التي يمكن أن تحتويها القوانين الأخرى.

كما يجب وضع قوانين خاصة لإنشاء الإدارات والأجهزة الأمنية المختلفة، تحكم عملها واختصاصها وطرق التعاون بينها، بالتعاون بين المختصين القانونيين والمختصين الأمنيين، لوضع خريطة تامة لتشكيل الأجهزة الأمنية وصلاحياتها واختصاصها.

يجب أن تخضع كل هذه القوانين الخاصة بالأجهزة الأمنية للمعايير الأساسية المحددة بالدستور، واحترام حقوق الإنسان، كما يجب خضوعها -جمعاء- للرقابة القضائية.




المصدر