متى ستنتهي الحرب في سورية


جوان مجدل البيك

منذ بداية الثورة في سورية عام 2011، وانتقالها من السلمية إلى العسكرة والدفاع عن النفس، ثم إلى حرب شاملة وطاحنة في كل مرحلة من هذه المراحل، كان النظام يروج في وسائل اعلامه، ويقول مرارًا وتكرارًا بأنه قد بدأ بالحسم، وأن النصر أقرب إليه من حبل الوريد، وأيضًا المعارضة، كانت تلمح إلى أن نظام الأسد سيسقط خلال أسابيع أو أشهر معدودة، ولكن الحرب استمرت لسنوات!

يتساءل كثير من السوريين: متى ستنتهي الحرب في سورية؟ استمرت الحرب الأفغانية ضد الاتحاد السوفياتي من عام 1979 حتى عام 1989، والحرب في لبنان استمرت 15عامًا. أما الثورة الفرنسية التي اسقطت الملكيات، فقد فشلت مرتين ونجحت في الثالثة، واستمرت هذه الثورة، من بدايتها حتى نهايتها ونجاحها، نحو ثمانين عامًا.

وقد كانت الأوضاع في أثناء الثورة الفرنسية مأسوية جدًا، فرواية “البؤساء” لفكتور هوجو التي ألفها في أثناء الثورة الفرنسية، تروي ما عاناه الشعب الفرنسي في تلك المرحلة من بؤس وفقر وشقاء، فقد كان الشعب الفرنسي يتمنى عودة الحكم الملكي، بسبب ما عاناه خلال الثورة. ونحن نشاهد اليوم بعض الأشخاص يتمنون العودة إلى مرحلة ما قبل الثورة، وهذا كان حال الشعب الفرنسي في أثناء الثورة.

في يوم ما، أجاب وليد جنبلاط، زعيم الحزب التقدمي الاشتراكي في لبنان، عن سؤال لقناة “الجزيرة” عن نهاية الحرب في سورية بأنها “قد لا تنتهي”.

لا يمكن أن تستمر الحرب في سورية لعقود، وذلك؛ لأسباب كثيرة: فـ”الجيش السوري” أصابه الإنهاك، وفقد عشرات الألاف من الجنود بين قتيل وجريح ومنشق، أضف إلى ذلك؛ الحالة النفسية السيئة لمن تبقى من الجنود. أما الدول الداعمة للنظام السوري، مثل روسيا وإيران والعراق، فيجري استنزافها داخل سورية استنزافًا كبيرًا، فللحرب تكاليفها الباهظة على الصعيدين: البشري والمالي.

فقد النظام الإيراني كثيرًا من قواته وجنوده ومستشاريه العسكريين، وخسر مليارات الدولارات؛ بسبب تورطه في الحرب داخل سورية. أما روسيا فيجري استهدافها داخل سورية؛ حيث جرى تدمير 8 طائرات لروسيا في مطار التيفور، وأيضًا بدأ استهدافها خارج سورية، مثل مقتل السفير الروسي في أنقرة.

وإذا أضفنا إلى ذلك ما قاله الخبير العسكري الأردني، اللواء فايز الدويري، عن أن 82 بالمئة من مخصصات وزارة الدفاع الروسية نفدت العام الماضي، قبل الشهر التاسع؛ ما أدى إلى الاستعانة بمصادر أخرى، وأضاف اللواء الدويري؛ إن ميزانية روسيا العسكرية هي 50 مليار دولار، وهناك توجه لخفض النفقات العسكرية عام 2017 و2018، بمقدار 12 في المئة، مع التذكير بأن الاقتصاد الروسي يعتمد على صادرات النفط والغاز التي لم تعد تحقق له مستويات الإيرادات السابقة؛ نتيجة تراجع الأسعار. الاقتصاد الروسي لا يتحمل خوض حرب طويلة، ولا يملك رفاهية الوقت.

أقرب وصف للحالة السورية هو ما قاله الباحث طارق السويدان؛ فقد توقع أن تستمر الثورات في البلدان العربية، وفي سورية، من 5 إلى 13 سنة، فنحن “الآن في مرحلة الخريف، وهي التي تسقط فيها أوراق الشجر، أي يسقط فيها الحكام وأعوانهم ومؤيدوهم، ثم تأتي بعد ذلك مرحلة الشتاء، وهي مرحلة العواصف وعدم الاستقرار وظهور بعض الحركات العنيفة وغيرها، ثم بعد هذا كله، وبعد كل تلك السنوات العجاف تأتي المرحلة التي ينتظرها الجميع، وهي مرحلة الربيع”.




المصدر