نجاح الثورة ونقدها في مسار القسر المنطقي


مضر الدبس

القسر المنطقي باختصار: هو الالتفاف المؤدلج على اللامنطقي لتصويره على أنه منطقي، بشكلٍ قسري، فيه الكثير من التجارب، والعمل الوهمي، والقليل من الاستنتاج والعمل العقلي. تخيل الثورة السورية (بشكل سياسي مُجرد) كبطولةٍ للشطرنج فاجأت نادٍ رياضي متنوع النشاطات بموعدها وبلزوم مشاركته فيها بعد أن كان محظورًا عليه ذلك. وبطبيعة الحال لم يكن لديه لاعبون مدربون وجاهزون، حيث لم يمتلك نظام متابعة ورصدٍ كافٍ ليتجهز لها أو ليتوقع حدوثها وضرورة مشاركته فيها. ولا يسعفه الوقت -بعد أن باغته موعدها- لتحديد الأكثر كفاءة ومقدرة ليمثل النادي. ولكن حرصًا على مواكبتها وكسبها، يلجأ إلى اختيار اللاعب الأكثر خبرة في لعبة الشطرنج ليمثل الجميع. هو اللاعب الذي سمعت وعرفت عنه المجموعة أنه يمارس اللعبة أكثر من غيره.

تخيل أن لاعب الشطرنج، الذي تطوع واختير على عجلٍ ليمثل النادي، بدأ يخسر المرة تلو الأخرى. ثم يتلقى التشجيع والدعم المعنوي النابع من روح الإصرار عند أعضاء وجماهير النادي -الذين بأغلبيتهم لا دراية لهم بفنون اللعبة، ولكنهم يعولون على “أكثرهم خبرة”- متأملين أن يربح، وبالتالي يتمنون (أمنية عاطفية محضة) أن يفوز -فيفوزوا جميعهم ويفوز النادي- في الجولة القادمة. ولكن هذا لا يحدث. ربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بهذا المثال- أن تحثّ اللاعب على مراجعة أخطائه في جولاته السابقة كخيارٍ أولي. وهذا ما حصل ولكن من دون جدوى؛ فلقد قام بعد كل فشلٍ بعملية نقدٍ ذاتي، وحاول التعلم من أخطائه ولكن في كل لعبة كانت له أخطاء تؤدي لقتل الملك؛ فيخسر وتخسر الجماعة. وربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بتبسيط المشهد إلى هذا المثال- أن تستنتج أن “الخبرة” وحدها لا تكفي لكسب بطولة. وأن اللعب من دون تغيير في طريقة اللعب/ منهجية التفكير ستأتي بنفس النتيجة -ما لم يكون الخصم ضعيفًا بما يكفي ليهزمه ضعيفٌ آخر-. يمكن أن تستنتج أن نقد المنهجية أجدى من تكرار النقد باستخدام المنهجية نفسها واللاعبون أنفسهم. وأن “النادي” أكثر تنوعًا مما كنت تعتقد قبل استحقاق البطولة. وأن الممارسة العقلية (الاستنتاجية) أكثر نجاعة من الممارسة التجريبية وخصوصًا عندما يباغتنا الوقت. وأن الإدراك العقلي الاستنتاجي أجدى من الإدراك التجريبي الذي يمكن لفشل تجاربه المتكرر أن يراكم فشلنا كمجموعة ويحط من قيمتنا أمام أنفسنا وأمام الآخرين، ويرهق كاهلنا بدفع ثمنٍ غالٍ لكل تجربة من دون أن ندرك الحقيقة أو الهدف الذي نريد. مع هذا الإدراك التجريبي نحن لا نعتمد إلا على “الصدفة” أو على ضعف الآخر بدلًا من قوتنا نحن.

إن القدرة على تطوير طريقة التفكير التي ينتج عنها أداء سياسي معين، وعلى نقدها وتقييم جدواها باستمرار، أكثر أهمية من نقد الأداء من دون القيام بتغيير الطريقة. بمعنى آخر: يكون تغيير أدوات العمل في بعض الأحيان ضرورة لإنجاح العمل، وأدوات السياسة الأهم -باعتقادنا- هي منهجية العقل السياسي ومفاهيمه المُتفق على المعنى الذي تؤديه. أما التشبث بـ “الخبرة” كمعيار انتقائي أساسي لممارسة العمل السياسي التمثيلي للثورة، فهو ليس إلا تشبثًا “دوغمائي” (إيماني تسليمي من دون تفكير)، يميل_وفق طبيعته النزاعة للمطلقات_إلى البرهنة على وجهات نظرة من خلال عملية “القسر المنطقي” فيبدو وكأنه “يتخبط وينافق”.

يبدو أن من يلح على الإدراك التجريبي كمنهج حياة لن يستفيد من الخبرة إلا الشيء الضئيل، ولن تفتح الخبرة عينيه ليرى الحقيقة، ويشق طريقه/طريق الجماعة في اتجاهها. ويبدو أن الاعتماد على الخبرة بوصفها فترة من الزمن مرت على أحدٍ ما في ممارسة مهنةٍ معينة هو اعتمادٌ فاشل. فالخبرة من دون منهج تفكيرٍ قابلٍ للتطور والتحليل والاستنتاج، ليست إلا روتين وتكرار من دون فائدة، وتصنع مسارًا نمطيًا جامدًا غير قادر على إنتاج جديد وغير مناسب للإبداع بالعموم وللسياسة بالخصوص. لا يمكن للعقل “الاستقرائي المتطرف بمنهجه” أن يقوم على النقد، ولا يمكن له أن يلتفت إلى قيمة النقد الحقيقية. صاحب هذا العقل ما أن يقوم بتخمين معرفة ما، حتى يضعها على شكل قانون وإثبات، هكذا تتحول إثباتاته إلى دوغما، وبالتالي نواياه الثورية الديمقراطية إلى إقصاءٍ من نوعٍ جديد.

لا تحتاج سورية إلى “خبرة المعارضين” بل تحتاج أكثر إلى عقلٍ تحليليلي مبدع، يمتلك ويطور منهجية سياسية وطنية جديدة وسليمة…

القسر المنطقي باختصار: هو الالتفاف المؤدلج على اللامنطقي لتصويره على أنه منطقي، بشكلٍ قسري، فيه الكثير من التجارب، والعمل الوهمي، والقليل من الاستنتاج والعمل العقلي. تخيل الثورة السورية (بشكل سياسي مُجرد) كبطولةٍ للشطرنج فاجأت نادٍ رياضي متنوع النشاطات بموعدها وبلزوم مشاركته فيها بعد أن كان محظورًا عليه ذلك. وبطبيعة الحال لم يكن لديه لاعبون مدربون وجاهزون، حيث لم يمتلك نظام متابعة ورصدٍ كافٍ ليتجهز لها أو ليتوقع حدوثها وضرورة مشاركته فيها. ولا يسعفه الوقت -بعد أن باغته موعدها- لتحديد الأكثر كفاءة ومقدرة ليمثل النادي. ولكن حرصًا على مواكبتها وكسبها، يلجأ إلى اختيار اللاعب الأكثر خبرة في لعبة الشطرنج ليمثل الجميع. هو اللاعب الذي سمعت وعرفت عنه المجموعة أنه يمارس اللعبة أكثر من غيره.

تخيل أن لاعب الشطرنج، الذي تطوع واختير على عجلٍ ليمثل النادي، بدأ يخسر المرة تلو الأخرى. ثم يتلقى التشجيع والدعم المعنوي النابع من روح الإصرار عند أعضاء وجماهير النادي -الذين بأغلبيتهم لا دراية لهم بفنون اللعبة، ولكنهم يعولون على “أكثرهم خبرة”- متأملين أن يربح، وبالتالي يتمنون (أمنية عاطفية محضة) أن يفوز -فيفوزوا جميعهم ويفوز النادي- في الجولة القادمة. ولكن هذا لا يحدث. ربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بهذا المثال- أن تحثّ اللاعب على مراجعة أخطائه في جولاته السابقة كخيارٍ أولي. وهذا ما حصل ولكن من دون جدوى؛ فلقد قام بعد كل فشلٍ بعملية نقدٍ ذاتي، وحاول التعلم من أخطائه ولكن في كل لعبة كانت له أخطاء تؤدي لقتل الملك؛ فيخسر وتخسر الجماعة. وربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بتبسيط المشهد إلى هذا المثال- أن تستنتج أن “الخبرة” وحدها لا تكفي لكسب بطولة. وأن اللعب من دون تغيير في طريقة اللعب/ منهجية التفكير ستأتي بنفس النتيجة -ما لم يكون الخصم ضعيفًا بما يكفي ليهزمه ضعيفٌ آخر-. يمكن أن تستنتج أن نقد المنهجية أجدى من تكرار النقد باستخدام المنهجية نفسها واللاعبون أنفسهم. وأن “النادي” أكثر تنوعًا مما كنت تعتقد قبل استحقاق البطولة. وأن الممارسة العقلية (الاستنتاجية) أكثر نجاعة من الممارسة التجريبية وخصوصًا عندما يباغتنا الوقت. وأن الإدراك العقلي الاستنتاجي أجدى من الإدراك التجريبي الذي يمكن لفشل تجاربه المتكرر أن يراكم فشلنا كمجموعة ويحط من قيمتنا أمام أنفسنا وأمام الآخرين، ويرهق كاهلنا بدفع ثمنٍ غالٍ لكل تجربة من دون أن ندرك الحقيقة أو الهدف الذي نريد. مع هذا الإدراك التجريبي نحن لا نعتمد إلا على “الصدفة” أو على ضعف الآخر بدلًا من قوتنا نحن.

إن القدرة على تطوير طريقة التفكير التي ينتج عنها أداء سياسي معين، وعلى نقدها وتقييم جدواها باستمرار، أكثر أهمية من نقد الأداء من دون القيام بتغيير الطريقة. بمعنى آخر: يكون تغيير أدوات العمل في بعض الأحيان ضرورة لإنجاح العمل، وأدوات السياسة الأهم -باعتقادنا- هي منهجية العقل السياسي ومفاهيمه المُتفق على المعنى الذي تؤديه. أما التشبث بـ “الخبرة” كمعيار انتقائي أساسي لممارسة العمل السياسي التمثيلي للثورة، فهو ليس إلا تشبثًا “دوغمائي” (إيماني تسليمي من دون تفكير)، يميل_وفق طبيعته النزاعة للمطلقات_إلى البرهنة على وجهات نظرة من خلال عملية “القسر المنطقي” فيبدو وكأنه “يتخبط وينافق”.

يبدو أن من يلح على الإدراك التجريبي كمنهج حياة لن يستفيد من الخبرة إلا الشيء الضئيل، ولن تفتح الخبرة عينيه ليرى الحقيقة، ويشق طريقه/طريق الجماعة في اتجاهها. ويبدو أن الاعتماد على الخبرة بوصفها فترة من الزمن مرت على أحدٍ ما في ممارسة مهنةٍ معينة هو اعتمادٌ فاشل. فالخبرة من دون منهج تفكيرٍ قابلٍ للتطور والتحليل والاستنتاج، ليست إلا روتين وتكرار من دون فائدة، وتصنع مسارًا نمطيًا جامدًا غير قادر على إنتاج جديد وغير مناسب للإبداع بالعموم وللسياسة بالخصوص. لا يمكن للعقل “الاستقرائي المتطرف بمنهجه” أن يقوم على النقد، ولا يمكن له أن يلتفت إلى قيمة النقد الحقيقية. صاحب هذا العقل ما أن يقوم بتخمين معرفة ما، حتى يضعها على شكل قانون وإثبات، هكذا تتحول إثباتاته إلى دوغما، وبالتالي نواياه الثورية الديمقراطية إلى إقصاءٍ من نوعٍ جديد.

لا تحتاج سورية إلى “خبرة المعارضين” بل تحتاج أكثر إلى عقلٍ تحليليلي مبدع، يمتلك ويطور منهجية سياسية وطنية جديدة وسليمة…

القسر المنطقي باختصار: هو الالتفاف المؤدلج على اللامنطقي لتصويره على أنه منطقي، بشكلٍ قسري، فيه الكثير من التجارب، والعمل الوهمي، والقليل من الاستنتاج والعمل العقلي. تخيل الثورة السورية (بشكل سياسي مُجرد) كبطولةٍ للشطرنج فاجأت نادٍ رياضي متنوع النشاطات بموعدها وبلزوم مشاركته فيها بعد أن كان محظورًا عليه ذلك. وبطبيعة الحال لم يكن لديه لاعبون مدربون وجاهزون، حيث لم يمتلك نظام متابعة ورصدٍ كافٍ ليتجهز لها أو ليتوقع حدوثها وضرورة مشاركته فيها. ولا يسعفه الوقت -بعد أن باغته موعدها- لتحديد الأكثر كفاءة ومقدرة ليمثل النادي. ولكن حرصًا على مواكبتها وكسبها، يلجأ إلى اختيار اللاعب الأكثر خبرة في لعبة الشطرنج ليمثل الجميع. هو اللاعب الذي سمعت وعرفت عنه المجموعة أنه يمارس اللعبة أكثر من غيره.

تخيل أن لاعب الشطرنج، الذي تطوع واختير على عجلٍ ليمثل النادي، بدأ يخسر المرة تلو الأخرى. ثم يتلقى التشجيع والدعم المعنوي النابع من روح الإصرار عند أعضاء وجماهير النادي -الذين بأغلبيتهم لا دراية لهم بفنون اللعبة، ولكنهم يعولون على “أكثرهم خبرة”- متأملين أن يربح، وبالتالي يتمنون (أمنية عاطفية محضة) أن يفوز -فيفوزوا جميعهم ويفوز النادي- في الجولة القادمة. ولكن هذا لا يحدث. ربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بهذا المثال- أن تحثّ اللاعب على مراجعة أخطائه في جولاته السابقة كخيارٍ أولي. وهذا ما حصل ولكن من دون جدوى؛ فلقد قام بعد كل فشلٍ بعملية نقدٍ ذاتي، وحاول التعلم من أخطائه ولكن في كل لعبة كانت له أخطاء تؤدي لقتل الملك؛ فيخسر وتخسر الجماعة. وربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بتبسيط المشهد إلى هذا المثال- أن تستنتج أن “الخبرة” وحدها لا تكفي لكسب بطولة. وأن اللعب من دون تغيير في طريقة اللعب/ منهجية التفكير ستأتي بنفس النتيجة -ما لم يكون الخصم ضعيفًا بما يكفي ليهزمه ضعيفٌ آخر-. يمكن أن تستنتج أن نقد المنهجية أجدى من تكرار النقد باستخدام المنهجية نفسها واللاعبون أنفسهم. وأن “النادي” أكثر تنوعًا مما كنت تعتقد قبل استحقاق البطولة. وأن الممارسة العقلية (الاستنتاجية) أكثر نجاعة من الممارسة التجريبية وخصوصًا عندما يباغتنا الوقت. وأن الإدراك العقلي الاستنتاجي أجدى من الإدراك التجريبي الذي يمكن لفشل تجاربه المتكرر أن يراكم فشلنا كمجموعة ويحط من قيمتنا أمام أنفسنا وأمام الآخرين، ويرهق كاهلنا بدفع ثمنٍ غالٍ لكل تجربة من دون أن ندرك الحقيقة أو الهدف الذي نريد. مع هذا الإدراك التجريبي نحن لا نعتمد إلا على “الصدفة” أو على ضعف الآخر بدلًا من قوتنا نحن.

إن القدرة على تطوير طريقة التفكير التي ينتج عنها أداء سياسي معين، وعلى نقدها وتقييم جدواها باستمرار، أكثر أهمية من نقد الأداء من دون القيام بتغيير الطريقة. بمعنى آخر: يكون تغيير أدوات العمل في بعض الأحيان ضرورة لإنجاح العمل، وأدوات السياسة الأهم -باعتقادنا- هي منهجية العقل السياسي ومفاهيمه المُتفق على المعنى الذي تؤديه. أما التشبث بـ “الخبرة” كمعيار انتقائي أساسي لممارسة العمل السياسي التمثيلي للثورة، فهو ليس إلا تشبثًا “دوغمائي” (إيماني تسليمي من دون تفكير)، يميل_وفق طبيعته النزاعة للمطلقات_إلى البرهنة على وجهات نظرة من خلال عملية “القسر المنطقي” فيبدو وكأنه “يتخبط وينافق”.

يبدو أن من يلح على الإدراك التجريبي كمنهج حياة لن يستفيد من الخبرة إلا الشيء الضئيل، ولن تفتح الخبرة عينيه ليرى الحقيقة، ويشق طريقه/طريق الجماعة في اتجاهها. ويبدو أن الاعتماد على الخبرة بوصفها فترة من الزمن مرت على أحدٍ ما في ممارسة مهنةٍ معينة هو اعتمادٌ فاشل. فالخبرة من دون منهج تفكيرٍ قابلٍ للتطور والتحليل والاستنتاج، ليست إلا روتين وتكرار من دون فائدة، وتصنع مسارًا نمطيًا جامدًا غير قادر على إنتاج جديد وغير مناسب للإبداع بالعموم وللسياسة بالخصوص. لا يمكن للعقل “الاستقرائي المتطرف بمنهجه” أن يقوم على النقد، ولا يمكن له أن يلتفت إلى قيمة النقد الحقيقية. صاحب هذا العقل ما أن يقوم بتخمين معرفة ما، حتى يضعها على شكل قانون وإثبات، هكذا تتحول إثباتاته إلى دوغما، وبالتالي نواياه الثورية الديمقراطية إلى إقصاءٍ من نوعٍ جديد.

لا تحتاج سورية إلى “خبرة المعارضين” بل تحتاج أكثر إلى عقلٍ تحليليلي مبدع، يمتلك ويطور منهجية سياسية وطنية جديدة وسليمة…

القسر المنطقي باختصار: هو الالتفاف المؤدلج على اللامنطقي لتصويره على أنه منطقي، بشكلٍ قسري، فيه الكثير من التجارب، والعمل الوهمي، والقليل من الاستنتاج والعمل العقلي. تخيل الثورة السورية (بشكل سياسي مُجرد) كبطولةٍ للشطرنج فاجأت نادٍ رياضي متنوع النشاطات بموعدها وبلزوم مشاركته فيها بعد أن كان محظورًا عليه ذلك. وبطبيعة الحال لم يكن لديه لاعبون مدربون وجاهزون، حيث لم يمتلك نظام متابعة ورصدٍ كافٍ ليتجهز لها أو ليتوقع حدوثها وضرورة مشاركته فيها. ولا يسعفه الوقت -بعد أن باغته موعدها- لتحديد الأكثر كفاءة ومقدرة ليمثل النادي. ولكن حرصًا على مواكبتها وكسبها، يلجأ إلى اختيار اللاعب الأكثر خبرة في لعبة الشطرنج ليمثل الجميع. هو اللاعب الذي سمعت وعرفت عنه المجموعة أنه يمارس اللعبة أكثر من غيره.

تخيل أن لاعب الشطرنج، الذي تطوع واختير على عجلٍ ليمثل النادي، بدأ يخسر المرة تلو الأخرى. ثم يتلقى التشجيع والدعم المعنوي النابع من روح الإصرار عند أعضاء وجماهير النادي -الذين بأغلبيتهم لا دراية لهم بفنون اللعبة، ولكنهم يعولون على “أكثرهم خبرة”- متأملين أن يربح، وبالتالي يتمنون (أمنية عاطفية محضة) أن يفوز -فيفوزوا جميعهم ويفوز النادي- في الجولة القادمة. ولكن هذا لا يحدث. ربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بهذا المثال- أن تحثّ اللاعب على مراجعة أخطائه في جولاته السابقة كخيارٍ أولي. وهذا ما حصل ولكن من دون جدوى؛ فلقد قام بعد كل فشلٍ بعملية نقدٍ ذاتي، وحاول التعلم من أخطائه ولكن في كل لعبة كانت له أخطاء تؤدي لقتل الملك؛ فيخسر وتخسر الجماعة. وربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بتبسيط المشهد إلى هذا المثال- أن تستنتج أن “الخبرة” وحدها لا تكفي لكسب بطولة. وأن اللعب من دون تغيير في طريقة اللعب/ منهجية التفكير ستأتي بنفس النتيجة -ما لم يكون الخصم ضعيفًا بما يكفي ليهزمه ضعيفٌ آخر-. يمكن أن تستنتج أن نقد المنهجية أجدى من تكرار النقد باستخدام المنهجية نفسها واللاعبون أنفسهم. وأن “النادي” أكثر تنوعًا مما كنت تعتقد قبل استحقاق البطولة. وأن الممارسة العقلية (الاستنتاجية) أكثر نجاعة من الممارسة التجريبية وخصوصًا عندما يباغتنا الوقت. وأن الإدراك العقلي الاستنتاجي أجدى من الإدراك التجريبي الذي يمكن لفشل تجاربه المتكرر أن يراكم فشلنا كمجموعة ويحط من قيمتنا أمام أنفسنا وأمام الآخرين، ويرهق كاهلنا بدفع ثمنٍ غالٍ لكل تجربة من دون أن ندرك الحقيقة أو الهدف الذي نريد. مع هذا الإدراك التجريبي نحن لا نعتمد إلا على “الصدفة” أو على ضعف الآخر بدلًا من قوتنا نحن.

إن القدرة على تطوير طريقة التفكير التي ينتج عنها أداء سياسي معين، وعلى نقدها وتقييم جدواها باستمرار، أكثر أهمية من نقد الأداء من دون القيام بتغيير الطريقة. بمعنى آخر: يكون تغيير أدوات العمل في بعض الأحيان ضرورة لإنجاح العمل، وأدوات السياسة الأهم -باعتقادنا- هي منهجية العقل السياسي ومفاهيمه المُتفق على المعنى الذي تؤديه. أما التشبث بـ “الخبرة” كمعيار انتقائي أساسي لممارسة العمل السياسي التمثيلي للثورة، فهو ليس إلا تشبثًا “دوغمائي” (إيماني تسليمي من دون تفكير)، يميل_وفق طبيعته النزاعة للمطلقات_إلى البرهنة على وجهات نظرة من خلال عملية “القسر المنطقي” فيبدو وكأنه “يتخبط وينافق”.

يبدو أن من يلح على الإدراك التجريبي كمنهج حياة لن يستفيد من الخبرة إلا الشيء الضئيل، ولن تفتح الخبرة عينيه ليرى الحقيقة، ويشق طريقه/طريق الجماعة في اتجاهها. ويبدو أن الاعتماد على الخبرة بوصفها فترة من الزمن مرت على أحدٍ ما في ممارسة مهنةٍ معينة هو اعتمادٌ فاشل. فالخبرة من دون منهج تفكيرٍ قابلٍ للتطور والتحليل والاستنتاج، ليست إلا روتين وتكرار من دون فائدة، وتصنع مسارًا نمطيًا جامدًا غير قادر على إنتاج جديد وغير مناسب للإبداع بالعموم وللسياسة بالخصوص. لا يمكن للعقل “الاستقرائي المتطرف بمنهجه” أن يقوم على النقد، ولا يمكن له أن يلتفت إلى قيمة النقد الحقيقية. صاحب هذا العقل ما أن يقوم بتخمين معرفة ما، حتى يضعها على شكل قانون وإثبات، هكذا تتحول إثباتاته إلى دوغما، وبالتالي نواياه الثورية الديمقراطية إلى إقصاءٍ من نوعٍ جديد.

لا تحتاج سورية إلى “خبرة المعارضين” بل تحتاج أكثر إلى عقلٍ تحليليلي مبدع، يمتلك ويطور منهجية سياسية وطنية جديدة وسليمة…

القسر المنطقي باختصار: هو الالتفاف المؤدلج على اللامنطقي لتصويره على أنه منطقي، بشكلٍ قسري، فيه الكثير من التجارب، والعمل الوهمي، والقليل من الاستنتاج والعمل العقلي. تخيل الثورة السورية (بشكل سياسي مُجرد) كبطولةٍ للشطرنج فاجأت نادٍ رياضي متنوع النشاطات بموعدها وبلزوم مشاركته فيها بعد أن كان محظورًا عليه ذلك. وبطبيعة الحال لم يكن لديه لاعبون مدربون وجاهزون، حيث لم يمتلك نظام متابعة ورصدٍ كافٍ ليتجهز لها أو ليتوقع حدوثها وضرورة مشاركته فيها. ولا يسعفه الوقت -بعد أن باغته موعدها- لتحديد الأكثر كفاءة ومقدرة ليمثل النادي. ولكن حرصًا على مواكبتها وكسبها، يلجأ إلى اختيار اللاعب الأكثر خبرة في لعبة الشطرنج ليمثل الجميع. هو اللاعب الذي سمعت وعرفت عنه المجموعة أنه يمارس اللعبة أكثر من غيره.

تخيل أن لاعب الشطرنج، الذي تطوع واختير على عجلٍ ليمثل النادي، بدأ يخسر المرة تلو الأخرى. ثم يتلقى التشجيع والدعم المعنوي النابع من روح الإصرار عند أعضاء وجماهير النادي -الذين بأغلبيتهم لا دراية لهم بفنون اللعبة، ولكنهم يعولون على “أكثرهم خبرة”- متأملين أن يربح، وبالتالي يتمنون (أمنية عاطفية محضة) أن يفوز -فيفوزوا جميعهم ويفوز النادي- في الجولة القادمة. ولكن هذا لا يحدث. ربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بهذا المثال- أن تحثّ اللاعب على مراجعة أخطائه في جولاته السابقة كخيارٍ أولي. وهذا ما حصل ولكن من دون جدوى؛ فلقد قام بعد كل فشلٍ بعملية نقدٍ ذاتي، وحاول التعلم من أخطائه ولكن في كل لعبة كانت له أخطاء تؤدي لقتل الملك؛ فيخسر وتخسر الجماعة. وربما سيخطر في بالك -إذا قبلت بتبسيط المشهد إلى هذا المثال- أن تستنتج أن “الخبرة” وحدها لا تكفي لكسب بطولة. وأن اللعب من دون تغيير في طريقة اللعب/ منهجية التفكير ستأتي بنفس النتيجة -ما لم يكون الخصم ضعيفًا بما يكفي ليهزمه ضعيفٌ آخر-. يمكن أن تستنتج أن نقد المنهجية أجدى من تكرار النقد باستخدام المنهجية نفسها واللاعبون أنفسهم. وأن “النادي” أكثر تنوعًا مما كنت تعتقد قبل استحقاق البطولة. وأن الممارسة العقلية (الاستنتاجية) أكثر نجاعة من الممارسة التجريبية وخصوصًا عندما يباغتنا الوقت. وأن الإدراك العقلي الاستنتاجي أجدى من الإدراك التجريبي الذي يمكن لفشل تجاربه المتكرر أن يراكم فشلنا كمجموعة ويحط من قيمتنا أمام أنفسنا وأمام الآخرين، ويرهق كاهلنا بدفع ثمنٍ غالٍ لكل تجربة من دون أن ندرك الحقيقة أو الهدف الذي نريد. مع هذا الإدراك التجريبي نحن لا نعتمد إلا على “الصدفة” أو على ضعف الآخر بدلًا من قوتنا نحن.

إن القدرة على تطوير طريقة التفكير التي ينتج عنها أداء سياسي معين، وعلى نقدها وتقييم جدواها باستمرار، أكثر أهمية من نقد الأداء من دون القيام بتغيير الطريقة. بمعنى آخر: يكون تغيير أدوات العمل في بعض الأحيان ضرورة لإنجاح العمل، وأدوات السياسة الأهم -باعتقادنا- هي منهجية العقل السياسي ومفاهيمه المُتفق على المعنى الذي تؤديه. أما التشبث بـ “الخبرة” كمعيار انتقائي أساسي لممارسة العمل السياسي التمثيلي للثورة، فهو ليس إلا تشبثًا “دوغمائي” (إيماني تسليمي من دون تفكير)، يميل_وفق طبيعته النزاعة للمطلقات_إلى البرهنة على وجهات نظرة من خلال عملية “القسر المنطقي” فيبدو وكأنه “يتخبط وينافق”.

يبدو أن من يلح على الإدراك التجريبي كمنهج حياة لن يستفيد من الخبرة إلا الشيء الضئيل، ولن تفتح الخبرة عينيه ليرى الحقيقة، ويشق طريقه/طريق الجماعة في اتجاهها. ويبدو أن الاعتماد على الخبرة بوصفها فترة من الزمن مرت على أحدٍ ما في ممارسة مهنةٍ معينة هو اعتمادٌ فاشل. فالخبرة من دون منهج تفكيرٍ قابلٍ للتطور والتحليل والاستنتاج، ليست إلا روتين وتكرار من دون فائدة، وتصنع مسارًا نمطيًا جامدًا غير قادر على إنتاج جديد وغير مناسب للإبداع بالعموم وللسياسة بالخصوص. لا يمكن للعقل “الاستقرائي المتطرف بمنهجه” أن يقوم على النقد، ولا يمكن له أن يلتفت إلى قيمة النقد الحقيقية. صاحب هذا العقل ما أن يقوم بتخمين معرفة ما، حتى يضعها على شكل قانون وإثبات، هكذا تتحول إثباتاته إلى دوغما، وبالتالي نواياه الثورية الديمقراطية إلى إقصاءٍ من نوعٍ جديد.

لا تحتاج سورية إلى “خبرة المعارضين” بل تحتاج أكثر إلى عقلٍ تحليليلي مبدع، يمتلك ويطور منهجية سياسية وطنية جديدة وسليمة…




المصدر