حرب النظام على السوريين تزيد أمراض الطفولة


فارس وتي

تبقى الطفولة في سورية أبرز المتضررين من الحرب التي يشنها النظام السوري وحلفاؤه على الشعب في المناطق الخارجة عن سيطرته، من أقصى جنوب البلاد إلى أقصى شمالها، إذ تشير إحصاءات كثيرة إلى مقتل ما يزيد عن 17 ألف طفل في سورية، منذ بداية الثورة ربيع العام 2011، إضافة إلى الأضرار النفسية والمعنوية للأطفال؛ بفعل سياسات القمع والقتل والقصف الممنهج؛ إذ بات مئات الأطفال السوريين محرومين من التعليم، إما بسبب قصف المدارس والمنشآت التعليمية، أو نتيجة التهجير والاضطرار للعمل في كثير من المهن لإعالة أسرهم التي فقدت معيلها؛ ما سيترك حكمًا، وفق الاخصائيين النفسيين، آثارًا عميقة تحتاج إلى عمل جبار ومنظم، وسيحتاج إلى عقود للحصول على النتائج، وكل ذلك لا يمكن تطبيقه قبل أن تنتهي المأساة السورية.

لا يمكن حصر صنوف المعاناة التي يعيشها أطفال سورية، نتيجة الحرب المتواصلة التي خلفت عددًا من الأمراض النفسية والإعاقات الجسدية، وجعلت من الخوف الشيء الوحيد المشترك بينهم في ظل الأوضاع الراهنة، وفي هذا المجال قالت خنساء بركات، أم لأربعة أطفال من ريف إدلب، لـ (جيرون): “لم يعُد أطفالي يتحملون صوت طائرات النظام، وأصبح الخوف يلاحقهم حتى حين سماع صوت الرعد وصوت إغلاق إحدى أبواب المنزل، لاعتقادهم بأنها أصوات قصف، وتعرضت ابنتي (سما) في السابعة من عمرها لمرض نفسي في إثر تلك الصدمات، (سما) الآن في حال سماعها لأي صوت قوي، تختبئ خلف أي قطعة من الأثاث المنزلي، وأحيانًا  تستيقظ من النوم في منتصف الليل باكية؛ نتيجة صوت الرعد، ظنًا منها أنها أصوات قصف الطائرات”

وقال علاء الدين غنّام، مختص في الطب النفسي في ريف إدلب، لـ (جيرون): “كثيرة هي الصدمات التي يتعرض لها الطفل السوري؛ نتيجة الحرب الدائرة في البلاد، وتعدد أساليب الإجرام التي يتبعها النظام، كالقصف والقتل والخطف، ومن معوقات الكشف عن هذه الحالات، عدم قدرة الأطفال على التعبير عن الحالة النفسية التي يمرون بها في ظل هذه الأوضاع الصعبة، ويعني ذلك أن يختزلها العقل؛ ما يؤدي إلى مشكلات نفسية تجعل الأطفال في خوف دائم من الموت”.

أشار غنام إلى أن “أكثر الحالات التي يتعرض لها الأطفال في يومنا هذا، هي المشاهد العنيفة التي خلفتها تلك الحرب، وغالبًا ما تؤدي هذه المشاهدات إلى حالة من الفوبيا المزمنة تجاه التفاصيل المرافقة للحدث، مثل صوت الطائرات وصافرات الإنذار، وفي بعض الأحيان يعبر الأطفال عن هذه الحالات بالبكاء والصراخ وحالة من الاكتئاب الشديد، إلى جانب الأعراض المرضية مثل الصداع وتبول لا إرادي”.

تسعى كثير من منظمات المجتمع المدني والمؤسسات المُختصة في مجال حقوق الطفل ورعايته في ريف محافظة إدلب، الى رعاية وحماية الطفولة وتوفير البيئة الملائمة، بما يساعدهم في النمو والتطور والتمتع بحياة كريمة وآمنة، ومحاولة إخراجهم من أجواء الحرب التي تعصف بالبلاد، ومنحهم الثقة بالمستقبل، وفي هذا السياق، قالت الناشطة الاجتماعية جميلة عزّو، لـ (جيرون): “نحن نحاول من خلال مراكز الدعم النفسي في مدينة سلقين بريف إدلب، أن نوفر كثيرًا من البرامج والفاعليات الرياضية لإخراج الأطفال من الاجواء التي تسلبهم أبسط حقوقهم في هذه الحياة، ونحتضن جميع الأطفال، كالأيتام وأبناء الشهداء والمعتقلين وغيرهم، الذين يعانون من الأمراض النفسية؛ نتيجة الخوف والرعب من أصوات طائرات النظام وسلاح الجو الروسي، ونعمل ما بوسعنا لإيجاد بيئة ملائمة لحمايتهم، ونعمل على إيجاد ساحات آمنة قدر الإمكان ليلعبوا فيها، وهنالك كثير من منظمات المجتمع المدني المُهتمة بشؤون الطفل، تعمل معنا بصفة شريك، وتؤمن لنا المواد الطبية لذوي الأطفال، كما كانت توفر ورشات تدريبية للأهالي عن كيفية التعامل مع أطفالهم في ظل الضغوط التي يتعرضون لها في هذه الأيام”.




المصدر