وشاء القدر .. أن يمنحني المعتقل طفلاً

microsyria.com سما مسعود

لم تكن “رونق” إحدى سيدات داريا، تحلم بصوت طفل يصرخ في أروقة بيتها بعد كل هذه السنوات التي خطت على جبينها خطوط ألم وشوق لطفل تكون هي أمه.

قد تكون قصة رونق فريدة من نوعها، لكن لديها أخوات مشابهات لها في المضمون، فهي واحدة من مئات السيدات السوريات اللاتي منحتهن الأوضاع السورية وظروف الحرب أطفالاً في وقت وصلن به إلى سن اليأس.

تقول رونق في لقاء لها مع هيومن فويس :”اعتقلت أختي نهاية 2012 من قبل المخابرات الجوية وهي أم لطفل لم يتجاوز عمره الشهرين، تم اعتقال أختي وابنتها اليافعة وابنها الصغير، وبقي الرضيع وحده في المنزل”

وتتابع رونق: “احتضنت الرضيع ودموعي بللت وجهه الصغير، حينها لم يكن قلبي المفطور ألماً على ما حل بنا يتسع للمزيد، حتى للحب فلقد غدا الحب شأنه شأن أي شيء عابر في حياتنا، فنحن نفارق كل يوم من نحب”

لم تتمكن رونق من إرضاع طفلها الجديد الصغير، فهي قد تجاوزت الأربعين من العمر وأتاها الصبي على حين غفلة من قلبها اليائس، فتقول رونق: “استدعيت نساء الحي الذي كنا قد وصلنا إليه للتو، فتبرعت إحدى السيدات بإرضاعه، لكن الصبي لم يكن يريد الرضاعة إلا ليلاً بعد أن تكون الدنيا أرخت ليلها الأدهمي المخيف على المنازل وانتشرت معه أشباح الشبيحة وأصواتهم”

وبحسب ما روته رونق فإنها عادت بطفلها الجديد إلى المنزل دون رضاعة، مخافة التفتيش والاعتقال، ومجدداً بدأ صوت الوليد يعلو شيئاً فشيئاً، حتى غدا صداه يسمع في أرجاء الحي، وكانت رونق قد سمعت من جارتها أن الطفل عندما يشتد به الجوع فسيأكل أي شيء.

اقرأ أيضا: الحرق بالشمعة وسلخ لحوم السوريين

ورضخ أخيراً الرضيع لعلبة الحليب، فلقد ضاق ذرعاً هو الآخر بفقدانه صدر أمه، وبعد ثلاثة أيام من السجال الكبير بين قلب رونق المفطور وصوت جوع الوليد الصغير، رضع الوليد –مازن- الحليب واستسلم للنوم.

مضى عام كامل على اعتقال الأم وأولادها إلا أن مازن عرف خالته جيداً واتخذها أماً له، هو لم يعرف سواها ليختار بل تفتق إدراكه على أم لم تلده.

خرجت الأم من المعتقل، لكنها أدركت بأن طفلها الصغير قد تعلق بأختها لدرجة أنه بدأ يناديها يا خالتي، تركت الأم طفلها مع أمه الجديدة ويممت وجهها شطر الشمال لتجد لها ولزوجها المقاتل ولأولادها أرضاً جديدةً حرة كما أرادت، وبقي مازن طفلاً لأُمَّيْنِ غرساً حراً ينتظر أن يثمر في أرض الشام..