فلسطينيو سورية على أبواب “الأونروا”


جيرون

الثمن الذي دفعه المجتمع الفلسطيني على يد الأنظمة التي رفعت شعار المقاومة، كان باهظًا؛ لدرجة باتت فيها نكبة العديد منهم مستمرة ومتجددة، ولا يمكن معرفة كيف، وإلى ماذا، ستنتهي.

طالبت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من الدول المانحة الإسراع بتقديم مساعدات طارئة؛ لتلبية حاجات نحو نصف مليون لاجئ فلسطيني، من “المتأثرين بالصراع في سورية، بمن فيهم الذين لجؤوا من سورية إلى لبنان والأردن”.

وذكرت (الأونروا) في مؤتمر صحافي، أمس الأول (الإثنين) في العاصمة اللبنانية بيروت، أنها “تحتاج إلى 411 مليون دولار”، لمساعدة نحو “450 ألف فلسطيني” مازالوا موجودين داخل سورية، ويحتاجون “إلى مساعدة مستمرة”، إضافة إلى “47 ألف فلسطيني” لجؤوا إلى أماكن أخرى في المنطقة.

وقال حكم شهوان، مدير (أونروا) بالوكالة في لبنان: إن نحو “31 ألف فلسطيني على الأقل لجؤوا إلى لبنان منذ بدء النزاع في سورية، ضمن موجة لجوء ونزوح كبيرة طالت نحو نصف سكان سورية”.

ولفت شهوان إلى أن “بعض اللاجئين الفلسطينيين الذين لم يطلبوا من الأونروا أي مساعدة في السابق، يتطلعون اليوم إلينا كي نساعدهم، لتلبية حاجاتهم الأساسية”.

وأشارت (أونروا) إلى أن هنالك ما يقارب “280 ألف فلسطيني مشرد داخليًا” ضمن سورية، منهم “43 ألف فلسطيني” يصعب الوصول إليهم، لوجودهم في مناطق خاضعة للحصار، منها “مخيم اليرموك جنوبي دمشق”.

لقد تغنى النظام السوري -على الدوام- بمقولات مؤسسه حافظ الأسد، وهو يزاحم الفلسطينيين في قضيتهم، زاعمًا أن الجولان السوري المحتل يقع وسط سورية، بحساب أن هدفه تحرير فلسطين كاملة.

راقب النظام أنفاس الفلسطينيين ولاحقها، كما لاحق أنفاس السوريين، وعاش السوريون والفلسطينيون نكباتهم مُتحدين في وجه ذلك القمع والإرهاب المنظم، وبات مخيّم اليرموك جزءًا من العاصمة دمشق، اجتماعيًا واقتصاديًا وسياسيًا؛ وحتى ثقافيًا، وفيه اتكأت البيوت الضيقة بعضها على بعض؛ فأصبحت رحبة بقاطنيها، ممتدة إلى نازحين سوريين في التضامن قادمين من الجولان.

من عشق هذا النظام للقضية، أنشأ على اسمها “فرع فلسطين” للاستخبارات، أحد أشهر أفرع القمع السورية، وكوّن في المقابل تنظيمات (تشبيح) فلسطينية، تُساهم في التنكيل بالسوريين في محنتهم، واتخذ بعضها اسم القدس والأقصى، وما إلى ذلك، كما حصل في حلب، مُكررين أسس النضال بالأسماء والشعارات من رُعاتهم الإقليميين، فساهموا في قتل وتهجير السوريين من بيوتهم.

في تشرين الأول/ أكتوبر 2016، تبرعت الكويت بمبلغ 5 ملايين دولار لمنظمة (أونروا)؛ لدعم الفلسطينيين في سورية، وذلك ضمن تعهدها في (المؤتمر الدولي للمانحين)، الذي عُقد في لندن في شباط/ فبراير من العام نفسه؛ لدعم الوضع الإنساني في سورية.

كانت (أونروا) أطلقت نداء عام 2016، “لأجل الحصول على 414 مليون دولار؛ من أجل تلبية الحد الأدنى من الحاجات الإنسانية للاجئي فلسطين المتضررين من جراء النزاع في سورية”.

إنّ طلبَ (أونروا) -اليوم- الدعم العاجل للفلسطينيين يطرح على لجميع عدة أسئلة، تتعلق بحجم الكارثة التي تُحيط بالفلسطينيين السوريين من جديد، فالمعونات الطارئة تعني معونات المحافظة على الحياة، وترحيل الكارثة سنة بعد سنة، مع ترك مسبباتها الأساسية.

وهي -أيضًا- تضع السوريين المنكوبين أمام حقيقة سنوات عمرهم المقبلة، فنكبة 1948 لفلسطين التي ما زال بعض العرب والأمم المتحدة يجترّها بطرق مُختلفة، وتحويل قضاياهم الأساسية، الحرية والعدالة، إلى قضايا إنسانية صرف، بحيث تُعاود طرح نفسها على أنها بضعة أرغفة وأغطية وخيم ودواء وبساط للأرض، ومندوب دولي يلقي مؤتمرًا صحافيًا يطلب يد العون.

بات من الصعوبة -اليوم- تحديد الآلية التي سيعود بها الفلسطينيون، إلى بيوتهم في (مخيماتهم) المدمرة في سورية، لتداخلها مع معاناة السوريين، لكن هل ستستنسخ نفسها تلك التجربة الفلسطينية المؤلمة بعمومها للسوريين بعد عقود، في ظل غياب الإرادة الدولية الخيرة تجاه الناس، واقتصار خيرها على مجرمي الحرب.

يُشار إلى أن وكالة (أونروا) لإغاثة وتشغيل الفلسطينيين، جرى تأسيسها عام 1949، بقرار صادر عن “الجمعية العامة للأمم المتحدة”، لتقدم المساعدات الإنسانية والاجتماعية المختلفة للاجئين الفلسطينيين بعد نكبتهم، وينتهي عملها بعد تطبيق القرار 194 عام 1949، المُتعلق بحق العودة.




المصدر