الغارديان: “جون كيري يلوم بريطانيا لعرقلة خطة أوباما في التدخل في سورية”


أحمد عيشة

وضَّح وزير الخارجية الامريكية بصراحة العلاقة بين التصويت في البرلمان البريطاني ضد الغارات الجوية وفشل أوباما في فرض “خطه الأحمر”

جون كيري يتحدث في واشنطن يوم الخميس 5 كانون الثاني/ يناير صورة: جيم لو سكالزو/ وكالة حماية البيئة

خرجت خطةُ باراك أوباما للتدخل العسكري في سورية عن مسارها فجأةً نتيجةً لموقف ديفيد كاميرون وأعضاء البرلمان البريطاني، كما ادّعى وزير الخارجية الأمريكية جون كيري يوم الخميس في 5 كانون الثاني/ يناير.

وقال كان الرئيس الاميركي سيقصف النظام السوري إذا استخدم النظام أسلحةً كيماوية، لكنه لم يفِ بوعده. ويعدّ بعض المراقبين فشله في تطبيق “خطه الأحمر” المعلن بعد أن استخدم الرئيس بشار الأسد غاز السارين في إحدى ضواحي دمشق في آب/ أغسطس 2013، بأنَّه أسوأ وصمةَ عارٍ في إرث أوباما.

واستشهد أوباما وآخرون كثيرًا بتصويت البرلمان البريطاني ضد الغارات الجوية، بوصفه عاملًا سببيًا، إلا أنَّ كيري وضح العلاقة بعد أسبوعٍ واحدٍ فقط من نزاعٍ دبلوماسي مع رئيس وزراء المملكة المتحدة، تيريزا ماي، حول قرار الأمم المتحدة الذي دان إسرائيل.

وردًا على سؤال للصحفيين في المؤتمر الصحفي الوداعي في واشنطن إذا كانت حادثة “الخط الأحمر” حضيضًا للرئاسة الحديثة، قال كيري إنَّ وسائل الاعلام لم تحلّل بدقّة، ولم تقيّم أو تذكر بالضبط ما حدث. وقال: “قرَّرَ رئيس الولايات المتحدة الأمريكية، باراك أوباما، استخدام القوة، وأعلن قراره صراحةً ​​وقال نحن ذاهبون إلى العمل، ونحن في طريقنا لفعل ما يتعين علينا فعله للرد على هذا الانتهاك الصارخ للقانون الدولي، وللتحذيرات وللخط الأحمر الذي اختاره”. “الآن، كنا نتقدم نحو ذلك الوقت، عندما ذهب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون إلى البرلمان، وسعى لتصويتٍ يعطيه الموافقة على المشاركة في العمل الذي نحن ذاهبون للمشاركة فيها. وتعرفون، صوَّت البرلمان بـ لا، وأفشلوه تمامًا”.

كانت نسبة تصويت النواب هي 285 ضد قرار المشاركة مقابل موافقة 272، ليستبعد الانضمام إلى الضربات التي تقودها الولايات المتحدة، ما أثار صدمةً دبلوماسية عبر المحيط الأطلسي. في تفسيره الصريح على غير العادة، أشارَ كيري: “وهكذا كما كنا أطلعنا الكونغرس -وكنت في واحدةٍ من جلسات الاطلاع تلك ربما مع المئات من أعضاء الكونغرس حول الطلب-  وكثير منهم كانوا يقولون، ‘حسنا، عليكم أن تأتوا إلينا. إن كان عليكم الذهاب من خلال العملية الدستورية، عليكم الحصول على إذنٍ منا حتى تقوموا بشيء ما”. “وكان الرئيس قد قرر بالفعل استخدام القوة، ولكن بعد ذلك أصبحت المسألةُ: هل أنا في حاجةٍ إلى الذهاب إلى الكونغرس للحصول على هذا الإذن؟”

“لقد كان جدل كبير في لجنة الأمن. كنت جزءًا من ذلك، وأتذكر النقاش. شعرنا أنَّه يمكن أن نحصل بسرعة على موافقة الكونغرس لأنَّ ذلك كان انتهاكًا صارخًا. “تلقيت مكالمةً ليلة الجمعة، التقينا صباح يوم السبت، وقرَّر الرئيس أنّه في حاجةٍ إلى الذهاب إلى الكونغرس بسبب ما حدث في بريطانيا العظمى، ومن ثمّ فإنّنا نحتاج الى موافقة، وذلك هو السبيل الذي نسلكه عندما نود أن نفعل شيئًا من هذا القبيل”.

في غضون ذلك، قال كيري، عُقد مؤتمر صحفيّ في لندن، وسئل عمّا إذا كان هناك أيُّ شيءٍ يمكن أن يفعله الأسد لتجنب تعرضه للقصف، فأجاب نعم، يمكنه أن يوافق على التخلص من أسلحته، وخلال ساعة ونصف تلقى كيري اتصالًا هاتفيًا من نظيره الروسي سيرغي لافروف يشير إلى أنهم يتعاونون في مثل هذه الصفقة، ويبدو أنَّ أوباما وفلاديمير بوتين قد ناقشا الأمر في وقتٍ سابق. “فجأة، أُبعدنا، لافروف وأنا معًا، من جانب رؤسائنا” ، قال كيري، “وذلك في محاولةٍ لتحقيق ذلك، وتعرفون ما حدث، أنجزنا الصفقة، قبل تصويت الكونغرس.

“لم يقل الرئيس أبدًا “لن أرمي قنبلة”.  وما حدث كان تفسير الناس لذلك. كان التصوّرُ أنه كان يحاول أن يجد طريقًا مختلفًة، وسأعترف لكم، على الإطلاق، لم أسمعها في أيّ مكانٍ. البصيرة تضر، نعم، وأضاف: “وقع هذا التصوّر على الرغم من حقيقةَ أنَّنا وصلنا في الواقع إلى نتيجةٍ أفضل بكثير، فقد حصلنا على جميع أسلحة الدمار الشامل من سورية من دون إسقاط قنبلة. لو أننا رمينا قنبلة، ليس هناك ما يضمن أننا قد نحصل على أي شيء منهم”.

وعلى الرغم من إزالة معظم الترسانة الكيميائية السورية، لكن الأسد كسبَ الحرب نتيجة دعم روسيا وإيران. تفاقمت الحرب الأهلية -وعدد قتلاها الآن نحو نصف مليون، وتستمر أزمة اللاجئين الضخمة- نوقش امتناع أوباما المشؤوم كثيرًا مع اقتراب فترة رئاسته من نهايتها.

تباعد كيري عن الشراكة مع بريطانيا حول إسرائيل، ففي الأسبوع الماضي، وفي أعقاب قرار الأمم المتحدة الذي دانَ التوسع المستمر للمستوطنات، حيث انتقد كيري حكومة بنيامين نتنياهو بوصفها “الائتلاف الأكثر يمينيةً في التاريخ الإسرائيلي”.

قال متحدث باسم ماي (رئيسة وزراء بريطانيا): “نحن لا نعتقد أنه من المناسب الهجوم على تركيبة حكومةٍ منتخبة ديمقراطيًا لحليفٍ” حيث لاقى هذا التصريح توبيخًا من وزير الخارجية كيري. وكانت هناك تطوراتٌ مفاجئةٌ في العلاقة مع كاميرون أيضًا، ففي مقابلة مع مجلة أتلانتيك الشهرية في العام الماضي، علق أوباما منتقدًا المملكة المتحدة وفرنسا بشأن المشاركة في العمل العسكري في ليبيا في عام 2011 الذي أطاح معمر القذافي، لكنه فشل في منع دخول البلاد في “فوضى”، حيث قال أوباما: أصبح كاميرون “مشغولًا بمجموعة من الأشياء الأخرى”.

وفي المقابلة نفسها، اعترف أوباما بتأثير التصويت البريطاني حول سورية في قرارٍ اتخذه حين كان يتمشى في الممر العشبي الجنوبي من البيت الابيض مع رئيس أركانه، لكنَّه قالَ إنَّ العامل الأكثر أهميةً كان “تقديراتنا أنه في حين أنه يمكننا أن نُلحق بعض الضرر بالأسد، لم نفعل ذلك من خلال هجوم صاروخي، والقضاء على الأسلحة الكيماوية ذاتها”.

“ما أودُ أن أواجهه بعد ذلك، كان احتمال نجاة الأسد من الضربة، والادّعاء بأنه تحدى بنجاحٍ الولايات المتحدة، بأنَّ الولايات المتحدة قد تصرفت بشكلٍ غير قانوني في غياب تفويضٍ من الأمم المتحدة، وأنَّ ذلك من شأنه أن يكون مطلقًا يده بدلًا من إضعافها”.

اسم المقالة الأصليJohn Kerry blames Britain for derailing Obama’s plan for intervention in Syria
الكاتبديفيد سميث، David Smith
مكان وتاريخ النشرالغارديان، The guardian، 5/1/2017
رابط المقالةhttps://www.theguardian.com/world/2017/jan/05/john-kerry-us-syria-intervention-plan-britain-obama
ترجمةأحمد عيشة



المصدر