قرارات جديدة لتسريع اندماج الطلاب السوريين في تركيا


أصدرت وزارة التربية التركية مؤخراً مجموعة قرارات خاصة بمراكز التعليم المؤقتة للطلاب السوريين تضمنت تعديلات جذرية في المواد والساعات المخصصة لها وذلك ضمن خطة مفصلة بهدف إفساح المجال للطلاب السوريين لإتقان اللغة التركية، وتسريع وتيرة الاندماج، وتقليص دور مراكز الدمج المؤقتة تمهيداً لإغلاقها.

وشملت هذه القرارات الجديدة فرز 4200 مدرس تركي مختص في أقسام اللغة التركية والآداب والتعليم على هذه المراكز في مختلف الولايات، لتعليم الأطفال السوريين اللغة التركية، وتعديل الخطة الدراسية بحذف مقررات التاريخ والجغرافية السورية، وتقليص عدد ساعات اللغة العربية في الأسبوع إلى 3 ساعات فقط، وعدم التركيز على اللغة الإنكليزية، وجعلها اختيارية بين المقرّرات مقابل زيادة ساعات اللغة التركية إلى 15 حصة دراسية أسبوعياً.

 

ومن مقررات الخطة الجديدة التي جرى تعميمها على المدارس السورية إخضاع جميع المدرسين السوريين لدورات تأهيل تربوي خلال عطلة منتصف السنة الدراسية، والتحضير لطبع مناهج جديدة، والتوجيه بإنشاء 500 مدرسة جديدة لاحتواء الطلاب السوريين المتسربين من المدارس .

وكانت وزارة التربية التركية عممّت على جميع مراكز التعليم المؤقتة بداية العام الدراسي الحالي بالامتناع عن استقبال طلاب الصف الأول في هذه المراكز وإلحاقهم بأقرب مدرسة تركية.

وكان لهذه القرات ردود فعل متباينة في الوسط التعليمي بين من وجد فيها تقليصاً لدور المدرس السوري وتمهيداً للاستغناء عنه نهاية العام الحالي، وبين من رحّب بها باعتبارها ضرورة ملّحة لصالح تهيئة الطفل السوري ودمجه في المجتمع الذي يعيش به.

 

غموض يلفّ مصير المدرسين

وفي هذا السياق وصف عضو نقابة المعلمين السوريين في أنطاكيا معتز يحيى في حديثه لجريدة “صدى الشام” هذه القرارات بأنها  “متسرعة”. وأضاف يحيى “كان من المقرر أن تسير عملية الدمج خلال ثلاث سنوات لكننا فوجئنا منذ بداية العام بإلزام طلاب الصف الأول بالدراسة في المدارس التركية ، تلاها حذف مواد لها قيمة كبيرة عند الطلاب السوريين وتخفيض كبير في عدد ساعات اللغة العربية والرياضيات وغيرها”.

وعبّر يحيى عن قناعته بأن تسريع الخطة يعني أن نهاية العام الحالي قد تشهد إغلاق هذه المراكز بشكل أسرع من المتوقع. كما ستؤثر هذه التغييرات بشكل كبير- وفق اعتقاده- على تعلم أطفال المراحل الدنيا للغتهم الأصلية وعلى تحصيلهم العملي في باقي المواد الأخيرة.

وتساءل يحيى في الوقت ذاته عن مصير المعلّم السوري في تركيا بعد انتهاء العام الدراسي وتنفيذ الدمج الكامل للطلاب في المدارس التركية.

في المقابل لم توضح وزارة التربية التركية أي جديد بخصوص     13000 مدرّس سوري يعلمون في هذه المراكز، وذكرت مصادر نقلاً عن مسؤول تركي قوله في أحد الاجتماعات المغلقة بأنه “من يودّ الاستمرار بالعمل في السلك التعليمي عليه أن يتعلّم أصول اللغة التركية هذه السنة للتقدّم إلى مسابقة في العام الدراسي القادم والترشح للتدريس في مدارس “إمام وخطيب” الموزّعة على كامل أحياء ومديريات المدن التركية”. وتلك المدارس تهتم بتدريس معظم العلوم الشرعية، وسيستفيد منها بالدرجة الأولى مدرسو مواد اللغة العربية والتربية الإسلامية وبعض الاختصاصات الفرعية الأخرى.

ويتقاضى المعلم السوري حالياً مساعدة اجتماعية شهرية من منظمة “اليونسيف” براتب 900 ليرة تركية، ومن المقرر أن تطرأ زيادة على هذا الراتب بداية من الشهر الحالي ليصل إلى 1300 ليرة وهو الحد الأدنى للأجور في تركيا.

 

مشاكل الاندماج

من جانب آخر طرح بعض الأهالي جملة من المخاوف جراء هذه القرارات الأخيرة لا سيما فيما يتعلق بطلاب المراحل الدنيا. وقال “أحمد خليل” وهو والد لطفلة في الصف الأول الابتدائي إن “هناك خشية حقيقية من أن يؤدي تركيز الطلاب في هذه المراحل العمرية على تعلم اللغة التركية إلى طمس للهوية العربية في ظل حالة عدم الاستقرار الذي نعيشه”.

وأضاف خليل ” من الطبيعي أن تسعى الحكومة التركية لدمج الأطفال في برامجها التعليمية لكن الطريقة التي يتم بها ذلك غير علمية أو منهجية، وفي غالبها قرارات متسرعة لا تأخذ بالحسبان البعد النفسي والتعليمي للطالب”.

وفي السياق نفسه رأى المدرّس ” قصي خطاب” وهو مدرس في مجمع رجب طيب أردوغان للطلاب السوريين في أنطاكيا، أن الاندماج لن يكون سهلاً وسريعاً بالنسبة للطلاب السوريين لعدة عوامل أبرزها أن الكثير من هؤلاء الطلاب انقطعوا عن التعليم لفترات طويلة وسيكون من الصعب تعليمهم اللغة خلال أشهر قليلة وإلحاقهم بالمدارس التركية.

وأضاف خطاب الذي يعمل مع صفوف المرحلة الدنيا سمعنا عن الكثير من المشاكل والعقبات التي تواجه طلاب الصف الأول في المدراس التركية وأهمها عدم تقبل نظرائهم الأتراك والكادر التعليمي لهم، كما أن بعض المدراس التركية مازالت إلى اليوم ترفض تسجيل الطلاب السوريين فيها حتى بعد توصيات التربية التركية” .

 

 

مشاريع جديدة

بداية من الشهر الحالي تستعد وزارة الأسرة والسياسات الإجتماعية التركية بالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) لإطلاق دورات ” الاندماج الاجتماعي” لـ21 ألفاً و700 طفل سوري خارج المخيمات، بهدف تخفيف مشاكل الإندماج التي يعانيها الأطفال السوريون في المجتمع.

ونقلت وكالة الأناضول التركية عن مصدر رسمي قوله إن البرنامج سيركز بشكل أساسي على الولايات التي تقطنها عائلات سورية بكثافة خارج المخيمات، مثل هاطاي، وغازي عنتاب، وقهرمان مرعش، وكيليس.

ويتضمن المشروع ألعابًا للأطفال ونشاطات مختلفة وقد بدأت أولى مراحله في مدينة الإصلاحية بولاية عنتاب حيث تم تجهيز مساحات خاصة من أجل إقامة عدد من الألعاب التقليدية التي شارك فيها 450 طفلًا داخل المخيم.

ووفق أرقام حكومية رسمية تركيّة هناك  833 ألف طفل سوري في مرحلة التعليم 450 ألفًا منهم فقط يواصلون تعليمهم، حيث تستقبل المدارس التركية 150 ألفًا منهم بينما يتواجد في مراكز التعليم المؤقتة 300 ألف طالب.

 



صدى الشام