كيف تحولت سرمدا من بلدة حدودية صغيرة إلى مركز تجاري هام؟
12 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2017
ازدهرت بلدة سرمدا شمال مدينة إدلب بعد الثورة اقتصادياً وعمرانياً بشكل سريع.
والبلدة التي تقع على مقربة من باب الهوى على الحدود السورية التركية، كان عدد سكانها قبل الثورة 15 ألف نسمة، أصبحت اليوم مركزاً اقتصادياً مهماً بحسب موقع “اقتصاد مال وأعمال السوريين”.
ووفقاً للموقع قال الناطق الإعلامي باسم مجلس مدينة سرمدا، عبد الحفيظ لاذقاني، بأن قصة ازدهار سرمدا بدأت مع سيطرة الفصائل العسكرية المعارضة على مركز باب الهوى الحدودي.
حيث بدأت الحركة التجارية مع تركيا، بعد التخلص من موضوع الرسوم الجمركية التي كانت تفرضها حكومة النظام. وبدأ الأمر من خلال بعض الأشخاص الذين كانوا يدخلون إلى تركيا ويجلبون بعض البضائع بسياراتهم الشخصية من احتياجات بسيطة لعدم مقدرتهم على الحصول عليها من مناطق النظام وفتح باب تركيا أمامهم.
وبحسب الموقع أوضح لاذقاني أنه ما لبثت أن توسعت الحركة التجارية لتشمل التجار الكبار الذين حركوا قوافل الشاحنات لنقل البضائع من تركيا، ولأن السائقين الأتراك لم يجرؤوا على الدخول عميقاً في الأراضي السورية خشية القصف كانوا ينزلون البضائع في سرمدا، وبذلك غدت مركزاً لتجمع البضائع، ووجهة للتجار من باقي المناطق الخارجة عن سيطرة النظام.
ويضيف لاذقاني أن عدد سكان سرمدا ازداد لأنها آمنة نسبياً من قصف النظام كونها منطقة حدودية، وشهدت حركة تجارية قوية، ويأتي إليها الكثير من القرى المجاورة، وحتى من سكان المخيمات، منهم للعمل ومنهم لشراء الحاجيات.
وأكد التاجر محمد وقاص الذي يعمل في تجارة الجملة منذ 1997 في سرمدا لموقع “اقتصاد”، أنه توسع في عمله بعد السيطرة على معبر باب الهوى، وبدأ بجلب متطلبات الناس من مواد أولية ضرورية للعيش.
ويرجع ازدهار سرمدا، حسب التاجر وقاص، إلى كونها أصبحت مركزاً تجارياً ومرفأ برياً لتزويد مناطق كثيرة بالمواد الغذائية، كونها المنفذ الوحيد.
ومن المناطق التي كانت تستفيد من الحركة التجارية في سرمدا، كل من حماه وحلب والريف الشمالي وخط الموصل إضافة إلى الباب، وذلك في عامي 2012 و2013، لتتناقص المناطق المستفيدة من الحراك التجاري في سرمدا، مع خسارة المعارضة السورية بعض المناطق في الشمال، وآخرها الشطر الشرقي في مدينة حلب، حيث كانت الأخيرة تشكل سوقاً كبيراً، وخاصة في ظل الحصار المطبق من قبل النظام حينها، فكانت سرمدا المتنفس لهذا السوق.
وحسب تقديرات التاجر وقاص، تراجعت الحركة التجارية في سرمدا بنسبة 60 بالمئة، بسبب خسارة المعارضة لمناطق في الشمال السوري.
لكن وقاص عقّب بأن المستفيد الأكبر من تلك الحركة التجارية، هم التُجار الكبار، الذين جاؤوا من مناطق سورية مختلفة، كونهم يحملون رؤوس أموال كبيرة استثمروها في التجارة بسرمدا.
وبحسب الموقع نشطت سوق العمل في سرمدا، فهناك عند المعبر ما يقارب 4 إلى 5 آلاف عامل، وهم معظمهم من المخيمات، يعملون في تفريغ سيارات شحن البضائع القادمة من تركيا إلى سوريا، إضافة إلى العمال الذين يعملون على تفريغ البضائع المحملة مرة أخرى، من المعبر، لتنزل في المستودعات.
وأضاف وقاص بأنه منذ ما يقارب السنة ونصف، تم إنشاء غرفة تجارة في بلدة سرمدا، تضم التجار من أبناء سرمدا ومن القادمين من مختلف المناطق الأخرى، وعملها لا يقتصر على تنظيم سجلات التجار، وإنما تتولى أيضاً التنسيق مع الجانب التركي لتسهيل دخول التجارة وخروجهم، إضافة إلى فحص جودة البضائع، وتذليل الصعوبات أمام التجار.
أما مستشار المجالس المحلية، رامي قزة، فقد أكد أن هذا النمو الاقتصادي في سرمدا، كان له سلبياته، فمعظم الذين جاؤوا إلى سرمدا من المناطق المجاورة هم تجار ولديهم إمكانات مادية كبيرة وقدرة على دفع مبالغ كبيرة لقاء استئجار بيوت للعيش فيها، وذلك انعكس على أسعار الإيجارات بشكل عام، وخاصة أن بعض التجار الوافدين إلى سرمدا اشتروا أراضٍ وبنوا عليها بيوتاً وأصبحوا يعرضونها للإيجار بأسعار ضخمة. بينما أهل البلد قدّموا بيوتهم بأسعار مناسبة وأحياناً مجانية، على حد وصفه.
ويضيف قزة، أن الأمر السلبي الآخر هو أن المنظمات الدولية والهيئات التي تقوم على توزيع المساعدات على النازحين تستثني سرمدا في معظم الأحيان كون الفكرة العامة عن السكان أنهم تجار وأمورهم المادية جيدة، وهذا ما ينعكس على الفقراء في البلدة.
[sociallocker] [/sociallocker]