‘“وطأة اليقين… محنة السؤل وشهوة الخيال”: الخطوة الأولى للكاتب والشاعر السوري هوشنك أوسي في عالم الرواية’

12 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2017

6 minutes

جيرون

صدر حديثًا عن “دار سؤال” في بيروت رواية “وطأة اليقين.. محنة السؤال وشهوة الخيال” للكاتب والشاعر السوري هوشنك أوسي. أتى العمل في 380 صفحة من القطع المتوسط. وأهدى الكاتب عمله الروائي الأول إلى مدينة “أوستند” البلجيكيّة التي يقيم فيها، وإلى “كل من ظلم روايته هذه”.

تدور أحداث الرواية عن الثورة السورية منذ انطلاقتها ولغاية 2013، بطريقة مختلفة وغير مباشرة وغير غارقة في الاحداث والتفاصيل اليومية. لا يوجد فيها بطل مركزي. كل شخصية من شخصيات الرواية، يمكن عدّها بطلًا مركزيًا. تجري احداثها في رقعة جغرافية واسعة ومتنوعة: بلجيكا، المغرب، سويسرا، أميركا، تونس، مصر، إسرائيل، سورية، لبنان، تركيا، العراق، وتنتهي في بلجيكا.

يُطرح في الرواية كثير من أسئلة الحياة والموت، الحب والكراهية، أسئلة الثورات والأحلام والخيبات والانكسارات؛ عبر تناول تجارب وسير بشر خارج وداخل الواقع السوري، والتشابكات والتعقيدات المتداخلة فيه. الهدف منها تناول التورّط الدولي والإقليمي في هذه المأساة، إلى جانب تسليط الضوء على وجود تفاعل إنساني أجنبي مع الثورة والمأساة السورية.

في هذا العمل، جرى توظيف تقنيات، فن الرسائل، القصّ، الشعر، المسرح، التحليل السياسي، الحوارات الفكرية والعادية، المونولوج…، وإيقاع الزمن أو الخط البياني لزمن متعرّج وملتبس عمدًا، والأولويّة في العمل هي للأمكنة، حتى تكاد أن تكون من أبطال العمل. في هذا النصّ السردي الروائي، ثمة اشتباك مع السرديات التاريخيّة، عبر إضافة أحداث متخيّلة، الهدف منها؛ الطعن في الرواية الرسميّة للأحداث. تتناول الرواية حكاية معارض سوري (علوي) يساري، من عائلة متديّنة، قضى 15 سنة معتقلًا. بعد خروجه من السجن، اتجه نحو الكتابة. أصيب بحالة يأس وإحباط شديد، نتيجة فشل عملية الاصلاح من الداخل، وتسمم المجتمع السوري بالفساد واستمراء الاستبداد. اعادت له الثورة التونسية نبض الحياة والأمل. تفاعل مع هذه الثورات بوصفها ولادة جديدة له وللشعوب والاوطان. وازداد منسوب الأمل لديه، حين اندلعت الثورة السورية. جرى اعتقاله في “جمعة آزادي” (20/5/2011)، لأن المظاهرات السلميّة كانت تنطلق يوم الجمعة، وكل جمعة كان له اسم خاص به. وقضى المعارض تحت التعذيب، وقتله ضابط أمن، كان أحد أبناء قريته وزملائه في الدراسة الابتدائية. جرى استئصال اعضائه، وأرسلت عبر شبكات الاتجار بالأعضاء إلى أوروبا. وصلت هذه الاعضاء إلى بلجيكا، وجرى زرعها في أجساد ثلاثة أشخاص يعيشون في هذا البلد: كونغولي، وفتاة ألمانية تعمل في بنك، وشاب إيطالي يدرس في جامعة بروكسل الحرة. هذه الاعضاء، تُحدث تغيّرات في كيمياء الأشخاص الثلاث، لجهة الاهتمامات والأمزجة والمواهب. بحيث يميلون نحو الثقافة والادب والفن، ومناصرة الثورة السورية ومتابعتها بشكل لصيق. تتراءى لهم أحلام وكأنهم عاشوا في سورية. تتشكل مجموعة من الموالين للثورة، من ضمنهم هؤلاء الثلاثة. يطرح أحدهم فرضية ان تكون التغييرات التي طرأت على شخصياتهم وميولهم وأمزجتهم ناتجة عن هذه الاعضاء؟ طالما انهم –الثلاثة- أجروا عمليات الزرع في المستشفى نفسه. وتبدأ رحلة البحث عن الـ “دي. أن. إي” الخاصة بكل عضو، ويكتشفون التطابق. ثم تتفق المجموعة على ضرورة معرفة الشخص الذي تعيش أجزاء من روحه في أجساد هؤلاء الثلاثة، طالما أن العضو حين يجرى استئصاله، يكون حي، يعني أنه ما زال فيه جزء من روح صاحبها. وهذا الجزء من الروح، انتقل الى جسد الشخص المستقبل، وفعلت فعلها فيه.

بعد رحلة عناء، يجرى التعرّف عليه، وأن له أخ، ضابط منشق، يعيش في مخيمات اللجوء في تركيا، وأن صديقه ورفيق دربه في السجن والسياسة، كاتب سوري ارمني يعيش في السويد. يجرى التواصل مع الضابط المنشق وفحص الـ “دي. أن. إيه” الخاص به، ومقارنة النتيجة مع نتائج الأعضاء المزروعة في أجساد الثلاثة، فيجرى التأكد نهائيًّا من أن الأعضاء هي لشخص واحد.

يجرى التعرّف إلى جانب من سيرة هذا الشخص من شقيقه الضابط، ومن صديقه الأرمني. ذلك أن هذا المعارض، صاحب الأعضاء، كان قد ترك أربع رسائل مطبوعة لدى صديقه الأرمني. الأوراق المشتركة، غير المكتملة، كانت مشروع عمل روائي مشترك بينهما. هذه الرسائل، موزّعة بالترتيب، كمحطات، ضمن سياق سرد الحكاية، من دون أن تفصح عن اسم صاحبها.

بعد ان ينتهي مارثون التعرّف على هويّة وحياة صاحب الأعضاء، تتفق المجموعة على تجميعها، وسرد عملية البحث عنه وعن هويّته، ونشر كل ذلك في كتاب. وأثناء اصطحاب الأشخاص الثلاثة للصديق الأرمني الى مطار بروكسل، يفقد الأربع حياتهم نتيجة حادث سير، حيث تصطدم شاحنة كبيرة بسيارتهم. وتنتهي الرواية بنهاية مفتوحة وبقاء سؤال من سيكمل مشروع الكتاب؟ وسيروي هذه الحكاية؟ من دون الإشارة إلى أن حادثة السير كانت عمدًا وعن سابق إصرار أم لا؟!.

تجدر الإشارة إلى أن هوشنك أوسي كاتب وشاعر كردي سوري، من مواليد 1976، يكتب باللغتين العربية والكرية، ويقيم في بلجيكا. صدر له حتى الآن ستة دواوين شعرية باللغة العربية والكردية.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]