الصقيع ينقذ روسيا مجددا ويساعدها على الالتزام باتفاق «أوبك»


من قبل هزم شتاء روسيا القارس الشهير جيوشا حاولت غزو البلاد، والآن ينقذ موسكو مجددا ويساعدها على الالتزام باتفاق عالمي بين مصدري النفط على خفض الإنتاج.
وقالت مصادر في قطاع النفط ان روسيا – التي اتهمت في الماضي بعدم تنفيذ اتفاقات لخفض الإنتاج والصادرات – خفضت إنتاجها نحو 100 ألف برميل يوميا في الأيام القليلة الأولى من يناير/كانون الثاني. وهذا ثلث ما وعدت روسيا بخفضه بحلول منتصف 2017.
لم يأت هذا الخفض، أو على الأقل جزء منه، نتيجة لحماسة روسية في الالتزام بالاتفاق، بل يرجع إلى البرد القارس وهبوط درجات الحرارة أكثر من المعتاد في سيبيريا، وهو ما أدى إلى توقف منصات الحفر النفطي عن العمل.
وفي الشهر الماضي وأوائل الشهر الحالي هبطت درجات الحرارة إلى نحو 60 درجة تحت الصفر في أرجاء سيبيريا، وهو ما أدى إلى انقطاعات في الكهرباء وتعطل محركات السيارات، مما جعل من المستحيل على الناس العمل في الأماكن المفتوحة.
وقال أحد العاملين في قطاع النفط الذي يقوم برحلات عمل منتظمة إلى غرب سيبيريا، متحدثا بالهاتف وطالبا عدم الكشف عن هويته لأنه ليس مصرح له بالتحدث إلى وسائل الإعلام «عادة ما تتوقف جميع الأنشطة عندما تصل درجة الحرارة إلى 48 درجة تحت الصفر وإلا فعليك أن تواجه العواقب.»
كان للشتاء الروسي القارس دور حاسم في هزيمة جيوش الغزاة بقيادة نابليون بونابرت وهتلر.
وتشكل منطقة غرب سيبيريا – التي تحتل مساحات شاسعة من الأراضي الواقعة بين جبال الأورال ونهر ينسي وهي القلب الجغرافي لروسيا – نحو ثلثي إجمالي إنتاج روسيا من النفط.
ومناخ الشتاء دائما شديد البرودة، لكن ليس من المعتاد أن تهبط درجات الحرارة إلى المستويات التي تشهدها الآن.
وقال عامل نفطي آخر من منطقة سيبيريا انه حينما اشتد البرد أبقى محرك مركبته دائرا على مدار الساعة خشية عدم انطلاقه مجددا إذا أوقفه.

تأجيل تشغيل آبار جديدة

يقول سكان محليون إن الطقس البارد تسبب أيضا في منع أعمال الصيانة والإصلاح في الحقول النفطية وتوقف أنشطة الحفر في الآبار الجديدة.
وقال عامل نفطي ثالث طلب أيضا عدم الكشف عن هويته «خططنا لإطلاق بئر جديدة، لكن عندما انخفضت الحرارة إلى 50 درجة تحت الصفر حدثت مشكلات في إمدادات الكهرباء وكان علينا التأجيل.»
وسجلت روسيا أحد أكبر الانخفاضات في إنتاجها النفطي في شتاء 2005-2006، حينما عانت سيبيريا من هبوط مماثل في درجات الحرارة. وفي يناير/كانون الثاني 2006 تراجع الإنتاج الروسي نحو 180 ألف برميل يوميا مسجلا أكبر هبوط شهري له في سبع سنوات.
وبموجب الاتفاق الذي تم التوصل إليه العام الماضي في فيينا وافق مصدرو النفط العالميون على كبح الإنتاج بهدف دعم الأسعار العالمية الضعيفة للخام. وعارضت بعض شركات النفط في روسيا – التي كانت تنتج عند مستويات قياسية لما بعد الحقبة السوفيتية – خفض الإنتاج، لكنها اضطرت إلى الدخول في الصف بعدما قال الكرملين إنه يؤيد اتفاقا عالميا.
وفي إطار الاتفاق تعهدت روسيا بخفض إنتاجها النفطي نحو 300 ألف برميل يوميا من مستواه في أكتوبر،تشرين الأول من العام الماضي البالغ 11.247 مليون برميل يوميا. وسيتم الخفض على مراحل، حيث ستخفض لروسيا الإنتاج 200 ألف برميل يوميا في نهاية الربع الأول من 2017، ثم بنحو 300 ألف برميل يوميا. وقال فاليري نستيروف، المحلل لدى «سبير بنك سي.آي.بي» في موسكو ان من السابق لأوانه القول ما إذا كان الخفض الملاحظ منذ بداية الشهر الحالي قد جاء في إطار اتفاق «أوبك» أم يرجع لعوامل أخرى. وأضاف «يؤثر البرد القارس بالطبع على الإنتاج والحفر، وهي أنشطة تتقلص عادة في فصل الشتاء. سيكون هناك مزيد من الخفض في الربع الثاني عندما تسعى روسيا لتلبية التزاماتها.»
وقال دميتري بسكوف، المتحدث باسم الكرملين، أمس الأول ان روسيا تفي بجميع التزاماتها بموجب الاتفاق العالمي لخفض الإنتاج، لكنه أحال الأسئلة المتعلقة بسبب تراجع الإنتاج في يناير إلى وزارة الطاقة. وامتنعت متحدثة باسم الوزارة عن التعليق.
وقال مركز التنبؤات الجوية في روسيا انه يتوقع أن تظل درجات الحرارة في غرب سيبيريا دون 30-35 درجة تحت الصفر حتى اليوم الخميس لتصل إلى نحو 20 درجة تحت الصفر في الأسبوع المـــــقبل.



صدى الشام