دوما تحصي عدد قتلاها خلال العام الماضي


خالد محمد

انتهى عددٌ من الناشطين المحليين في مدينة دوما من ريف دمشق، قبل بضعة أيام، من عملية إحصاءٍ وتوثيق قتلى المدينة الذين سقطوا خلال العام 2016، بفعل سياسة القصف والتدمير التي يتبعها النظام السوري وحلفاؤه؛ لإجبار أهلها وأبنائها المعارضين على تسليم المدينة التي تبعد عن العاصمة دمشق حوالي 9 كيلو مترات.

في هذا الشأن، قال الناشط محروس مازن، أحد أعضاء المِلاك الإعلامي لتنسيقية دوما، لـ (جيرون): “لقد بلغ عدد الشهداء الذين أحصاهم مكتب الإحصاء والتوثيق -التابع لتنسيقية مدينة دوما- في العام 2016، (848) شهيدًا”، مشيرًا إلى أن “من بينهم 300 مقاتل معارض، سقطوا في أثناء الاشتباكات التي جرت مع قوات النظام، إضافة إلى 78 امرأة، و145 طفلًا، قضوا نتيجةً للقصف المتواصل على الأحياء السكنية لمدينة دوما”.

وحول الآلية المعتمدة في توثيق الانتهاكات التي تشهدها مدينة دوما، أوضح مازن: “لقد وضع مكتب الإحصاء نظامًا خاصًا، يقوم على إدراج ملفاتٍ تتضمن معلوماتٍ وافية عن كل حالة، حيث تُرفق بمقاطع مصورة (فيديو) وصور، قبل أن يعود القائمون ويقارنون الأرقام التي بحوزتهم، مع نظيرتها الموجودة لدى مكتب مقبرة مدينة دوما، ومركز توثيق الانتهاكات في سورية”.

يُعنى مكتب الإحصاء -أيضًا- بتوثيق حالات الاعتقالات التي يتعرض لها أبناء مدينة دوما، إلا أنه يواجه مصاعب جمة في توثيق حالات الاعتقالات التي يتعرض لها أبناء مدينة دوما، ولا سيما عند مرورهم على حواجز النظام، في العاصمة دمشق، نظرًا لفقدان الاتصال معهم، وصعوبة الوصول إليهم. وفق ما أشار إليه مازن.

من جانبٍ آخر، عدّ المسعف الميداني بلال الساعور، أن أحد أبرز الأسباب وراء التراجع في أعداد القتلى، بنسبةٍ أقل عما كانت عليه في العام 2015، تتمثل في “كفاءة عمليات الإخلاء والإسعاف التي تقوم بها فرق الدفاع المدني في عموم الغوطة الشرقية”، وتوفر العلاج الطبي في مستشفى دوما التخصصي، ورفع جاهزيته لاستقبال الإصابات على مدار الساعة، على الرغم من الحصار المطبق، وضعف الإمكانات الطبية”.

ناشطون محليون داخل الغوطة الشرقية وخارجها، كانوا قد أطلقوا مرارًا، حملاتٍ إعلامية للفت أنظار العالم إلى حقيقة المجازر الفظيعة التي تمارس يوميًا من المقاتلات الروسية والتابعة للنظام، فضلًا عن الأسلحة المحرمة دوليًا التي أدت إلى مقتل العشرات من أهلها المحاصرين، علمًا أن المئات من أبنائها ما تزال تعاني -حاليًا- من إصاباتٍ بالغة، سببت لمعظمهم إعاقاتٍ دائمة، وأثرت سلبًا في حياتهم اليومية.

مقابر جماعية

في السياق ذاته، قال أحمد الصالح، الذي يعمل حفارًا للقبور في دوما، لـ (جيرون): “شهدت مدينة دوما، في السنوات الأخيرة، وللمرة الأولى في تاريخها، اللجوء لاستخدام المقابر الجماعية، إذ يُدفن الموتى في الوقت الراهن، وفق ما يسمى بـ “نظام الطبقات” لاستيعاب الأعداد المتزايدة من الموتى، حيث تغطى الطبقة الأولى -بعد الدفن- بالحجارة، ليعاد دفن موتى جدد فوقها، وهكذا دواليك”. مضيفًا أن “الطبقات جميعها مبنية من مادة الطين (اللُبْن)، في حين يصل عددها إلى 7 طبقات”.

وأرجع الصالح، الأسباب وراء اعتماد هذا النظام إلى ” أن السنوات الماضية شهدت أعمال قصفٍ متواصلة لعموم الغوطة الشرقية، ما أدى مع مرور الوقت إلى تقلص مساحة الأراضي الزراعية، وتزايد عدد القتلى، ما تطلب البحث عن طرقٍ جديدة في الدفن”.

يهدف النظام السوري، إلى إطباق الحصار الذي يفرضه على مدينة دوما منذ العام 2012، ويسعى جاهًدًا إلى عزل المدينة عن محيطها، عبر عدة وسائل منها: قطع جميع المنافذ وطرق الإمداد التي تصل المدينة بغيرها من مدن وبلدات الغوطة الشرقية، واستهدافها شبه اليومي بالطيران الحربي، فضلًا عن محاولاته المتكررة لقضم المزيد من الأراضي الزراعية، بغية التضييق على الحياة المعيشية للأهالي ودفعهم في النهاية إلى القبول بتسوية غير مشروطة مع النظام.

تعد مدينة دوما، واحدةً من أهم مدن محافظة ريف دمشق، وهي أكبر مدن غوطة دمشق، ويبلغ تعداد سكانها حوالي نصف مليون نسمة، وتتبع لها مناطق كثيرة إداريًا، وتحوي كثيرًا من الآثار والمواقع الأثرية التي ترتبط بالتاريخ العريق لمدينة دمشق، وتنتشر فيها دور العبادة والمساجد، ويصل عدد المساجد إلى أكثر من 80 مسجدًا وجامعًا.




المصدر