(وجع الفرات)… تظهير معاناة نازحي دير الزور والرقة

13 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2017
6 minutes

جيرون

“لا تقتلونا مرتين نحن سوريون فراتيون لا دواعش”، بهذه الكلمات حاولت حملة (وجع الفرات) التي أطلقها ناشطون، اختزال الألم الذي يعيشه أهالي المنطقة الشرقية النازحين من الرقة ودير الزور، الذين يتعرضون لأبشع أنواع الانتهاكات من عناصر (داعش) وقوات النظام قبل نزوحهم، ولأصعب الأوضاع الإنسانية بعده.

حول الحملة وانطلاقتها وأهدافها، قال مدير (مرصد العدالة لأجل الحياة في دير الزور)، جلال الحمد، لـ (جيرون): “بدأ التحضير للحملة بداية تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وكانت جاهزة في 26 كانون الأول/ ديسمبر من العام ذاته، وجرى تأخير إطلاقها؛ بسبب انشغال الاعلام الدولي والعربي والمحلي بقضية حلب. ونسعى من خلال الحملة لتسليط الضوء على الأوضاع المأسوية التي يعيشها نازحو دير الزور والرقة، في مناطق النزوح، والأوضاع الصعبة التي يعانونها في مختلف القطاعات”.

وأضاف أن الحملة “تهدف أيضًا إلى تغيير الطريقة التي تتعامل بها فصائل المعارضة المسلحة مع الأهالي النازحين من هذه المناطق، وكأنهم حاضنة للإرهاب، وتحاول تصحيح الانطباع عنهم بأنهم مدنيون هاربون من بطش النظام و(داعش) على حدّ سواء، وهم أكثر من ذاق ويلاتهما، وتتطرق الحملة إلى أسباب النزوح، وأوضاع النازحين الكارثية، في محاولة للفت نظر المنظمات الدولية والمحلية لتحسين أوضاعهم”.

من جهته عدّ الصحافي والناشط المدني غيث الأحمد، أن أبناء دير الزور ظُلموا كثيرًا، فقط لأنهم ينتمون إلى مناطق وقعت تحت سيطرة (داعش)، وقال لـ (جيرون) “لقد جرى تصنيف الناس من تلك المناطق بطريقة لا منطقية وتخلو من الإنسانية، ومن شأن هذا النوع من الحملات لفت نظر الجهات المعنية، لتصحيح الصورة والمسار، والوقوف على الحاجات الإنسانية، لآلاف السوريين الذين تعرضوا للانتهاك من كل جهات الصراع ولا زالوا”.

حول آليات عمل الحملة أفاد الحمد “بثّ الصور واللقاءات المباشرة والمُسجّلة مع النازحين، وتنقل واقعهم الأليم وأوضاعهم المعاشية الصعبة، بالاستناد إلى إحصاءات ودراسات وتقارير أجراها مرصد العدالة لأجل الحياة في دير الزور في الفترة الماضية”، مشيرًا إلى ضيق الوقت الذي تحظى به الحملة بسبب “انشغال وسائل الإعلام قبلها بمأساة حلب، وبعد أيام أيضَا سيكون هناك حدث بالغ الأهمية وهو تنصيب الرئيس الأميركي، وستنشغل بهذا الحدث الوسائل الإعلامية”، لافتًا إلى أن لاقت صدىً في وسائل الإعلام المحلية والدولية.

وكان “مرصد العدالة من أجل الحياة في دير الزور” المختصّ بشؤون المناطق الشرقية في سورية، نشر سابقًا دراسة عن أحوال النازحين وتمركزهم وأسباب نزوحهم المتكرّر جاء فيها “تتركّز أسباب نزوح العائلات من محافظة دير الزور؛ بسبب الضغوطات الأمنية والتضييق الذي يمارسه تنظيم (داعش) على الأهالي، وصعوبة المعيشة في المناطق التي يسيطر عليها، إضافة إلى القصف العشوائي من القوات النظامية والطيران الحربي الروسي وطيران التحالف الدولي، الذي طال المدنيين أخيرًا، وبعضهم نزح بسبب الأوضاع الأمنية في مناطق النظام في دير الزور، قبل أن يفرض تنظيم (داعش) عليها حصارًا خانقًا، وكذلك بعد محاصرتها حين كان مسموحًا للمدنيين الخروج منها”ـ

أما تنظيم (داعش) فإنه “يُمنع الأهالي من مغادرة مناطق سيطرته إلا بموافقة يمنحها لحالات خاصة من أجل العلاج، إلا أن كثيرًا من الأهالي الحاصلين على هذه الموافقة روتينيًا، أو بعد دفع رشىً لعناصر التنظيم، لا يعودون إلى المناطق المُسيطر عليها للأسباب آنفة الذكر، بينما يلجأ الأهالي الذين لم يحصلوا على موافقة للخروج، إلى الهرب من مناطق سيطرة التنظيم، اعتمادًا على مهربين بعضهم يتعامل مع عناصر في التنظيم لتسهيل مرورهم”.

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي بعدد من الوسوم التي أطلقتها الحملة، ومنها “على ضفّتي الموت، الرجال يولدون رجالًا ودير الزور المنسيّة” للتذكير بالواقع الذي تعيشه دير الزور، وتدهور الأوضاع الإنسانية فيها.

جدير بالذكر أن حملة “وجع الفرات” هي من تنظيم ورعاية “مرصد العدالة لأجل الحياة في دير الزور”، ومنظمة “صوت وصورة”.

تخضع دير الزور لسيطرة تنظيم (داعش) بمجملها، إلا أن النظام لا يزال يهيمن على مواقع في المدينة وعلى أطرافها، ويحاصر التنظيم، الأحياء الخاضعة لسيطرة النظام، وأبرزها الجورة والقصور؛ ما تسبّب بأزمة غذائية وإنسانية كبيرة، لازالت مستمرة حتى اليوم.

قام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأميركية، خلال العام الماضي بتقطيع أوصال المحافظة، وتدمير أغلب جسورها على نهر الفرات، بهدف إضعاف تنظيم (داعش) اقتصاديًا ولوجستيًا، إلا أن ذلك انعكس سلبًا على الواقع المعاشي للمواطنين، وشهدت المحافظة خلال الأعوام الفائتة نزوحًا لآلاف العوائل فيها، باتجاه المناطق الخاضعة للنظام أو الخارجة عنه، في حماة وإدلب وحلب، ليعيش معظمهم حالة من الشتات والفقر والتشرد في ظل نقص متطلبات الحياة الرئيسة وانعدام فرص التعليم والعمل.

[sociallocker]

المصدر

[/sociallocker]