المخرج مأمون البني لـ (المصدر): معظم المحطّات ترفض شراء أعمالٍ تغطّي ما يجري في سوريا


المخرج مأمون البني لـ (المصدر): لا يمكنني أن أخرج مسلسل خارج نتائج ما يحدث في سوريا

مضر الزعبي: المصدر

اختار المخضرم (مأمون البني) مخرج مسلس “مرايا” وأهم المسلسلات السورية، الانحياز إلى مطالب الشعب السوريّ في الحرية والكرامة، وغادر البلاد نتيجة موقفه المعارض لنظامٍ يقمع كل من يفكّر بالوقوف ضدّه، فكيف إذا كان “البني” أحد أهم القامات الفنية السورية.

ويُعدّ ضيف “المصدر” في هذا الحوار واحداً من أهم المخرجين السوريين والعرب الذين لمع نجمهم في أعمالٍ وصفت بـ “الخالدة”، فإضافةً إلى مسلسل (مرايا) الذي بدأ من العام 1997، أخرج “البني” مسلسلات “نساء بلا أجنحة وجريمة في الذاكرة والقصاص والقلاع ونورا والنصابون وأيام الولدنة” وغيرها من الأعمال العربية كالمسلسل الخليجي (بين الهدب دمعة).

وأسهب “البنّي” في حديثه مع “المصدر” في أسباب ابتعاده عن الساحة الفنية وتجاهل الدراما السورية والعربية لما يجري في سوريا، كما تحدّث عن مواقف الفنانين السوريين سواء من موالي النظام أو من معارضيه.

وإليكم نصّ الحوار مع المخرج السوري:

في البداية أين مأمون البني اليوم؟

مأمون البني موجود كمخرج وسيناريست لديّ أفكار وأعمال، وللأسف هذه الأعمال لا تلاقي القبول من المنتجين لأنهم ينتظرون موافقات من المحطات والمحطات العربية للأسف أخذت منحى مشابهاً للسياسات العربية والسياسات العالمية التي قررت الصمت تجاه ما يحصل في سوريا وبالتالي أنا بعد هذا العمر لا يمكنني أن أخرج عمل تلفزيوني خارج عن نتائج ما يحدث في سوريا.

هل يفسر هذا غياب مأمون البني عن الساحة؟

تماماً، لا شكّ أن بعض المخرجين من البدايات حاولوا نقل صورة الحياة اليومية للواقع السوري وبالتالي بأعمال محلية مثل (مرايا). بالأساس كان لدي رغبة من تحقيق مجموعة من الأعمال التي تلامس الحياة اليومية وأنا كمأمون البني من خلال الورق الذي أعمله لست بعيدا نهائيا عما يحدث في سوريا. و لكن العمل الفني الإنتاجي مختلف عن الفنان الرسام التي من الممكن أن يغلق الباب على نفسه و يرسم لوحة ويقدم ما يحلم به، بينما أعمالنا متصلة بقبول ليس فقط المنتج بل المحطات وبالتالي الرعاة (الإعلانات) ومع الأسف كل هؤلاء لم يعودوا يرغبون بسماع شيءٍ عن سوريا نهائياً وما نسمعه في الأخبار مختلف عن الأفلام السينمائية و الدراما التلفزيونية التي تنقل و توثق ما يحدث في سوريا.

كيف تقيم عمل الدراما السورية خلال السنوات الستة الماضية؟

الدراما السورية قبل عام 2011 كانت في أوجها لأنها كانت تلامس ما يدور في الساحة السورية وحتى العربية، وكانت أشبه بالمرآة التي تعكس الواقع السوري والعربي، ومنذ بداية الأحداث في سوريا بدأت مواضيع الأعمال بالابتعاد عن هذه الظاهرة وحتى في بلدان الربيع العربي بما فيها (مصر) ونحن مجبرون على توثيق هذه الأحداث إن كنا مع أو ضد، وبتوثيق ما يجري وعندما نبتعد عما يجري نكون قد ابتعدنا عن حياتنا اليومية، الآن يتم الحديث عن مواضيع خيالية ولا علاقة لها عما يدور في الوطن العربي ككل، إن كان في سوريا أو غيرها.

عندما تشاهد عملاً عن الخيانات الزوجية تشعر وكأن 90 في المئة من البلدان العربية لديها خيانات زوجية، وللأسف المحطات التي كانت تمنع المواضيع التي تحمل إسفافاً أصبحت هي من تركض لهذه الاعمال وتبحث عنها للهروب من الاحداث الجارية في الوطن العربي.

ومن الغير الصحيح الحديث بأن الشارع كما يقال (عاوز كدا) لأن الدليل على ذلك الأعمال التي عبرت عما يحدث في سوريا وقد أحب الشارع هذه الأعمال.

هل تعتقد بأن نقابة الفنانين مازالت تمثل الفنان السوريّ؟

نقابة الفنانين برأيي هي نقابة أي فنان سوري ويجب أن  ندافع نحن على بقائها ولا ندافع عن أشخاص الأشخاص الذين يديرون النقابة لا يمثلون كل الفنانين السوريين، أنا أدافع عن اسم نقابة الفنانين السوريين اليوم وغدا وفي أي وقت على وجود النقابة، لكن سياسة النقابة تمثل إشكالية مختلفة فمثلا عندما تتحدث النقابة بأنه يجب إبعاد بعض الفنانين السوريين عن الشاشة السورية، فنقيب الفنانين لا يملك الحق بأن يقول هذه الكلام، والممثل السوري عندما يقوم بأي عمل يكون العمل قد أصبح من ملك الجمهور السوري والعربي وأي أنسان يشاهد أي عمل يكون ملك له وليس ملكا لنقيب الفنانين أو أي شخص أخر.

بالانتقال إلى الفنانين الذين أتخذوا موقفاً منحازاً إلى الشعب السوري، كيف أثّر ذلك على عملهم وهل من السهل أيجاد فرص عمل في الخارج؟

مع الأسف عندما ترى السياسات العربية عندما لا تقبل عرض أعمال عما يدور في سوريا فمعنى ذلك أن الفنان التي أتخذ موقفا مؤيدا للثورة السورية سيكون خارج دائرة الإنتاج التلفزيوني، والكثير من الممثلين السوريين الذين دخلوا كنازحين ولاجئين في دول مختلفة يبحثون عن لقمة العيش ولا يجدونها.

ماذا عن المسلسل الأشهر في سوريا (مرايا) هل أصبح من ذاكرة السوريين؟

مرايا يعتمد بشكل دائم على لوحات كوميدية ناقدة، واليوم عندما يهرّب أي عمل من الأحداث اليومية أن كان (مرايا) أو غيره يكون قد هرب، وقد شاهدنا في بعض الأجزاء الأخيرة هذا الهروب. وأنا أعتقد أن (مرايا) مهدد بالانتهاء وأعتقد أن العمل تكاسل بطرح بعض القضايا ويمثل هذا العمل صاحب المشروع وهو (ياسر العظمة) وأنا أطالبه بإعادة (مرايا) بواقعه الحالي.

أين ياسر العظمة اليوم ولماذا اختار الصمت؟

لا أعرف أبدا أين هو، له رأيه السياسي الخاص وأنا لا علاقة لي به، كل ما هنالك أنه ابتعد وأنا لا يوجد لدي أي أتصال به حتى أعرف ما يدور بخاطره.

منذ ثلاثة سنوات كان هناك مشروع لـ (مرايا) في (الجزائر)، وهو بعد الاتفاق بأن ننجز العمل في (الجزائر) استغنى عن المخرج في أخر مرحلة وأخذ مخرجاً أخر، وبالتالي ابتعدنا عن بعض ولم أعد أعرف شيئا عن العمل، وأتمنى أن يعود العمل إلى ما كان عليه ويحقق النجاح.

كان لك مجموعة من الأعمال مع الفنان دريد لحام هل مازال هنالك تواصل معه؟

انا لا أتواصل مع الكثير من الأشخاص، ممكن بسبب صعوبات الغربة، ولكن يبقى (دريد لحام) فنانا مبدعا وجيدا ولو اختلفنا سياسيا، وهو من أهم الفنانين العرب الموجودين. ولكن سياسيا بالتأكيد ليس من أهم السياسيين الموجودين وهو أقلّهم كرأي شخصي، ويحق له أن يكون له رأي خاص به وأنا أخالفه سياسيا.

هل تعتقد بأنه من الممكن أن يكون هنالك أعمال مشتركة فيما بينكم؟

ذلك بحسب الوضع السياسي وعودة الاستقرار، ونحن نبقى سوريين وأي شخص لم تلامس يديه الدم وليس مسؤولا عن أي جريمة أو عملية قتل لا مشكله معه، والخلاف السياسي موجود بكل العالم وحتى ولو كان مختلفا 180 درجة وهو أمر طبيعي، وكن ليس كما عمل بعض الفنانين السوريين الذين لبسوا البدلة العسكرية وحاربوا إلى جانب النظام. الفنان الحقيقي يحارب بالكاميرا وليس بالسلاح، أنا لست مستعداً للعمل مع أي شخص حمل سلاح وأنا ضد السلاح.

هل من الممكن ان يعود مأمون البني إلى دمشق في حال أستمر نظام بشار الأسد بحكم سوريا؟

من الصعب ذلك، أنا خرجت في ظروف كان الأسد موجودا، ومن الصعب العودة بنفس الظروف وبوجود النظام، والنظام ليس الاسد فقط بل هو عبارة عن نظام أمني. وأنا كنت وسأبقى ضده، وأنا كنت من الذين اجتمعوا بأول اجتماع (بالميرا ميس) في بداية الثورة ونحن طالبنا بشكل مباشر بإيقاف الحل الأمني الذي اتبعه النظام وجلب السلاح لسوريا.

ما هو حلم مأمون البني اليوم؟

حلم أي سوري بسيط أن تعود سوريا أفضل مما كانت عليه، أحلم بدولة المواطنة والحرية وأن تكون دولة لكل السوريين وأنا لا أعترف بأي إثنية، أنا أعترف بالهوية السورية الدين لله والوطن للجميع.

هل لديك مشاريع لأعمال عن الثورة السورية؟

لدي مشروعة من الأعمال موجودين على ورق، أنا وزوجتي لدينا ستة مشاريع من أفلام ومسلسلات وننتظر، الدراما لا تأخذ منحى واحدا في سوريا، لا يمكن أن نقول إننا ضد النظام فقط لا غير أو مع النظام. ما يحدث في سوريا له أشكال متعددة تقف ضدها لذلك الدراما هي مرآة لما يحدث الآن.

أهم عمل لدي عن النزوح ومخيمات النزوح وما يحدث داخلها، وأنا تمكنت من توثيق ما يحدث فيها وذهبت دون أن يعرفني أحد، العمل يبدأ من داخل المخيم وانعكاساته على خارج المخيم، وهنالك عمل آخر عن الطفل التي تكلم عنه الأستاذ (مشيل كيلو) في السجن في ثمانينات القرن الماضي وهو فلم جاهز.





المصدر