on
نظام الأسد يجبر كبار السن على القتال بصفوفه.. حملات التجنيد الإجباري تطالهم حتى وإن كانوا مرضى
لم يعد نظام بشار الأسد مكتفياً بحملات الاعتقالات الواسعة التي ينفذها في عدد من المدن السورية بحق الشباب لإجبارهم على القتال في صفوف قواته، وبدأ في استهداف حتى كبار السن الذين وصلتهم إخطارات بضرورة الالتحاق في قوات الأسد.
كريم حبيب هو واحد من هؤلاء الذين لم يتوقعوا وهم على أعتاب العقد الخامس من عمرهم أن يكونوا هم أيضاً مشمولون في حملة النظام للتجنيد، إذ تلقى في 9 يناير/ كانون الثاني الجاري مكالمة هاتفية كان يخشاها منذ مدة طويلة، إذ أبلغه صديقٌ له في الجيش السوري بأنَّه سيُستدعى قريباً للخدمة العسكرية.
ووفقاً لتقرير نشرته صحيفة "تلغراف" البريطانية، ونشر ترجمته موقع "هافينغتون بوست عربي"، أمس، فإن حبيب يبلغ من العمر 48 عاماً، مشيراً أنه بعد تلقيه الهاتف فر فوراً إلى لبنان.
وقال للصحيفة: "لم أعتقد أنَّهم سيأتون من أجلي. لكنَّهم الآن يُجنِّدون رجالاً أكثر من أي وقتٍ مضى خلال الحرب". مشيراً أن نظام الأسد يائس للغاية، وأنه يلاحق كل من يستطيع حمل السلاح، لا سيما وأنه من المفترض أن يكون الحدث الأقصى للعمر 42 عاماً، مضيفاً: "حتى أولئك الذين بلغوا الخمسينات ولديهم مشكلات صحية عليهم أن يقاتلوا".
ويكمن الخطر على المجندين بالإجبار في صفوف قوات النظام، أن الأخيرة تضعهم على الفور في جبهات ساخنة، كـ حلب، وفي الخطوط الأمامية لجبهات دمشق، التي تشهد بشكل شبه يومي معارك عنيفة بين قوات النظام والمعارضة، خصوصاً تلك الجبهات المتاخمة للغوطة الشرقية.
محاولات لتعويض النقص
ويبدو بشكل واضح حجم الأزمة التي يعانيها الأسد في تأمين مقاتلين سوريين للقتال معه، وهو ما دفعه بدعم روسي في 23 نوفمبر/ تشرين الثاني 2016 إلى إعلان تشكيل "الفيلق الخامس" من المتطوعين، وإغرائهم بتقديم ميزات مادية في الدرجة الأولى.
ويستهدف الأسد في هذا الفيلق كبار السن أيضاً، وحصلت "السورية نت" في وقت سابق على معلومات من مصادر موثوقة، تفيد بأن الفيلق الذي هو قيد التأسسيس، يتوقع النظام أن يصل عدده بين 150 ألف إلى 300 ألف مقاتل، لكن ذلك سيخلق تحدياً كبيراً أمامه نظراً لتجنب الشباب الانخراط في صفوفه، ولتفادي هذه العقبة تنوي روسيا تذويب بقية الميليشيات المحلية في جسم الفيلق، لتأمين هذا العدد.
وتبدأ أعمار المنضمين للفيلق من 50 عاماً فما دون، حيث يستقبل الفيلق أعماراً من 17 عاماً إلى 50 عاماً، إضافة إلى استقباله خبرات عسكرية متقاعدة، أو أشخاص كانوا سرحوا أو أقيلوا من العمل للسبب ما.
وفي هذا السياق، تقول صحيفة "تلغراف" إنه "قد يبدو نظام الأسد أقوى من أي وقتٍ مضى، مدعوماً من حلفائه الروس والإيرانيين، وقد يبدو أنَّه منتعش إثر انتصاره في معركة حلب، لكنَّ جيشه المُحاصر يُعاني".
ويقول حبيب للصحيفة: "أولئك الذين يحاولون التهرُّب من الاستدعاء يُسجَنون، ويُعذَّبون، ولذا شعرتُ أنَّه لا خيار أمامي سوى المغادرة".
وفي الوقت الراهن، ينتظر حبيب في بيروت أن تُمنَح زوجته وأطفاله الثلاثة الصغار تأشيراتٍ لألمانيا، حيث يحمل جنسيتها، ويأمل في أن يبدأ حياة جديدة. لكن كثيرين آخرين في موقف حبيب لم يكن الفرار خياراً متاحاً أمامهم.
وكانت الأمم المتحدة أعربت مؤخراً عن قلقها من أنَّ ما يصل إلى ستة آلاف رجل في سن الخدمة العسكرية مفقودون بعد توجُّههم من شرق حلب إلى مناطق يسيطر عليها نظام الأسد.
مشكلة خطيرة
ومع استمرار المعارك في سوريا التي بدأت قبل 5 سنوات، وجد نظام الأسد نفسه أمام مشكلة خطيرة تتمثل في انخفاض العنصر البشري بقواته، فلجأ إلى إيران التي جلبت عشرات الميليشيات إلى سوريا لمنع الأسد من السقوط.
وبات لهذه الميليشيات نفوذ في مناطق النظام يفوق في بعض الأحيان النفوذ الذي تتمع به قوات النظام، لكن ذلك يضع الأسد أمام تحدٍ كبير حول كيفية التعامل معها، وكيفية الموازنة بين أجندة هذه الميليشيات على الأرض وعدم تضارب مصالحها مع الأسد.
وتعد ميليشيا "حزب الله" الإرهابي من أبرز الميليشيات المدعومة من إيران في سوريا، وعطلت مع ميليشيات أخرى عدة اتفاقات بين النظام وبعض فصائل المعارضة في مناطق عدة، دون أن يستطيع الأسد الوقوف في وجهها.
ويُقدر أن عدد قوات النظام قبل عام 2011 قد إلى وصل إلى نحو 350 ألف مقاتل، لكن العدد انخفض إلى النصف تقريباً، بسبب الارتفاع الكبير بأعداد القتلى، والتهرب من الخدمة العسكرية، وعمليات الانشقاق الكبيرة التي حدثت في السنوات الثلاثة الأولى للثورة السورية..