حزب الله في وادي بردى… الهيمنة على موارد مياه


خالد محمد

دخلت الورش الفنية إلى بلدة عين الفيجة، في منطقة وادي بردى، شمال غرب دمشق، الجمعة الماضية، للمباشرة بأعمال الصيانة في نبع عين الفيجة، تنفيذًا لأول بند من اتفاق وقف إطلاق النار، الذي جرى التوصل إليه من النظام السوري، مع أهالي منطقة وادي بردى، بعد نحو شهر من حملته العسكرية الشرسة على المنطقة بمساندة ميليشيات (حزب الله) الموالية له.

تضمن اتفاق وقف إطلاق النار، الموقع بين الطرفين عدة بنودٍ، أولها وقف النظام لجميع عملياته العسكرية في منطقة وادي بردى، مقابل إصلاح خط المياه والأضرار الفنية الهندسية الأخرى التي أصابت منشأة نبع عين الفيجة، لإعادة ضخ مياه الشرب إلى أحياء العاصمة دمشق. وجرى رفع علم النظام فوق منشأة نبع عين الفيجة، بالتزامن مع دخول ورشات الإصلاح، برفقة 30 إلى 40 عنصرًا من الشرطة المدنية بسلاحهم الفردي، تنحصر مهماتهم في حراسة النبع ومرافقه.

خلافًا لما شهدته المناطق الخاضعة لقوات المعارضة السورية في الأشهر الماضية، نجح أهالي وادي بردى، على الرغم من كثافة الأعمال العسكرية، وقلة الإمكانات اللوجستية والإنسانية التي بين أيديهم، من إفشال مخطط التهجير الذي حُضّر للمنطقة، وأصروا في بنود الاتفاق على عدم تهجير سكان المنطقة، بحيث لا يشمل أي تهجيرٍ قسري لأي من الثوار أو المدنيين من أبناء المنطقة، ونص الاتفاق أيضًا على عودة جميع الأهالي إلى قراهم في بسيمة وعين الفيجة، وإفرة وهريرة.

في السياق ذاته، أكد ناشطون محليون من وادي بردى، أن النظام السوري زجّ خلال حملته العسكرية، بأعدادٍ من قوات الحرس الجمهوري، وعزّزها بعناصر إضافية من الميلشيات الموالية له، للقتال على مختلف جبهات المنطقة، دون أن تتمكن هذه القوات جميعها من تحقيق أي تقدم عسكري ملموس، منذ بداية حملته على المنطقة قبل نحو ثلاثة أسابيع من الآن.

قال الناشط الإعلامي ياسر العبد الله، لـ (جيرون): إن النظام السوري “أرسل -دوريًا- أعدادًا إضافية من ميليشيا (الدفاع الوطني) وقوات (درع القلمون) المُكوّنة في أغلبيتها من أبناء منطقة القلمون، المحاذية للطريق الدولية، دمشق- حمص، لزجهم في خطوط التماس المباشر مع فصائل المعارضة في منطقة وادي بردى، ما أدى إلى مقتل وجرح العشرات من (الدرع)”.

وأضاف أن النظام “استعان بما يزيد عن 1000 عنصرٍ من ميليشيا (حزب الله) اللبناني، في إطار جهده الرامي إلى حسم الموقف عسكريًا لصالحه في منطقة وادي بردى، على غرار ما حدث سابقًا في مناطق متفرقة، في محيط دمشق”، مشيرًا -في الوقت نفسه- إلى أن “قوات الحزب تتوزع اليوم على محاور عين الفيجة، وبسيمة، والحسينية، وكفر الزيت، ودير مقرن، كما أن لها الكلمة الفصل في القرارات التي تتخذ في المنطقة، ومنها منع الضباط الروس، من الدخول إلى المنطقة، وإجبارهم على العودة إلى دمشق، دون الالتقاء بوجهاء الوادي”.

حول أبرز الأسباب التي دفعت ميليشيا (حزب الله)، للمشاركة في الأعمال العسكرية في منطقة وادي بردى، أوضح العبد الله، أن السبب الرئيس :”يرجع أولًا إلى الأهمية الجغرافية للمنطقة، إذ يسعى الحزب، ومنذ بداية انخراطه العسكري في سورية، إلى تأمين الشريط الحدودي السوري- اللبناني، بدءًا من القصير في حمص وصولًا إلى الزبداني، ومرورًا بمنطقة القلمون الحدودية، تمهيدًا منه لاستكمال المخطط الإيراني الطائفي في سورية، الذي يهدف إلى تغيير ملامح المناطق المحيطة بالعاصمة دمشق، وفق أسسٍ طائفيةٍ بحتة، ومن ثمّ؛ الانتقال إلى إمكانية ربط هذه المناطق لاحقًا بالمدن والبلدات الشيعية، الموالية للحزب داخل الحدود اللبنانية”.

الهيمنة على نبع عين الفيجة، هو الدافع الأبرز لميلشيا (حزب الله) في منطقة وادي بردى، حيث تتمحور غاية الحزب الأكثر خطورة، في التحكم بمصدر المياه الرئيس لمدينة دمشق، للضغط على النظام الحالي، أو المرتقب، فرضيةٌ تتماشى والمشروع الإيراني في المنطقة، وتعززها الخلافات التي حدثت في أثناء العمليات العسكرية داخل صفوف النظام نفسه، إذ تشير المعطيات الواردة إلى انقساماتٍ واضحة بالرؤى ظهرت بين ضباطٍ جنحوا للخيار التفاوضي بصيغته الحالية، وآخرين يقفون بقوة إلى جانب الحزب في ضرورة استمرار الأعمال العسكرية، وهو ما حدث فعلًا عبر قيام قوات النظام بالهجوم على قرية بسيمة، على الرغم من مرور ساعات من الإعلان عن اتفاق التهدئة، ودخول ورش الإصلاح التي استهدُفت مجددًا، قبل أن تعود المعارضة وتشتبك مع المهاجمين، ما دفع النظام – وفقًا لناشطين- بالانسحاب من بسيمة، إلى مواقعه الأساسية في “مجمع كفتارو” في حين اتهم عناصر(حزب الله) جيش النظام بالتخاذل والضعف.




المصدر