ميشال شمّاس: نخشى من عدالة انتقالية على الطريقة اللبنانية


آلاء عوض

عبّر المحامي والحقوقي السوري المختصّ في الدفاع عن المعتقلين، ميشال شماس، في حديث خاص لـ (جيرون) عن تمسّكه بالدفاع عن المعتقلين وقضاياهم، على الرغم من ابتعاده عن سورية، وعدّها قضية إنسانية كبرى، مرتبطة بآدمية البشر، وقال: إن “العمل في ملف المعتقلين من خارج سورية أصعب؛ لأن فيه ابتعادًا عنهم وعن ذويهم وعن الأنظمة القائمة وأجهزة القضاء، ولكنه يوفّر من جهة ثانية، إمكانية التحّرك بحرية، والتواصل الأوسع، مع  المنظمات الدولية، وكل الجهات المعنية بحقوق الإنسان، وحثّها للضغط على الجهات المؤثرة في النظام لإطلاق سراحهم، وهو عمل يتمّم جهد الناشطين الحقوقيين والإنسانيين في دمشق، وخصوصًا أن التواصل مع المنظمات الدولية من داخل سورية كان محفوفًا بالمخاطر؛ لأن النظام يتّهم كل من يتواصل معهم بأنه يعادي سورية ويحيله إلى المحاكم”، مشيرًا إلى ضرورة التعامل مع كل القوى الضاغطة على النظام، وعدم التحفّظ على الاتصال بأي جهة من الممكن أن تُؤثّر فيه، باستثناء روسيا.

أعرب شمّاس عن أمانيه بنجاح اتفاق وقف إطلاق النار، لافتًا إلى “أن الإعلان الروسي- التركي- الإيراني، وما تلاه من اتفاق روسي- تركي لوقف إطلاق النار في سورية، فيه كثير من المطبّات السياسية، ويأتي في مقدمتها غياب أي حديث عن المعتقلين، ويميل لتحقيق ما صدر في بيان فيينا، على حساب تغييب البنود التي نص عليها (جنيف1)”.

لا يعوّل المحامي السوري، الناشط في مجال حقوق الإنسان، على فرص كبيرة لنجاح هذا الاتفاق “إذ لا يمكن إنهاء النزاع في سورية، طالما الأسد باقيًا في السلطة، وهو الذي يُشكّل جذر المشكلة وأساسها، كذلك لوحظ في الاتفاق غياب أي دور عربي، مع استمرار للوجود الإيراني، على الرغم من الزعم بخروج كل القوى الأجنبية والميليشيات المقاتلة، من كل الجنسيات”. ويرى شماس أن كل هذ العوامل “عقبات كامنة في وجه نجاح الاتفاق، ما يعني أن الحرب ستستمر بالضرورة، حتى تنضج حلول تلبي جزءًا قليلًا من تضحيات الشعب السوري، يأتي في مقدمها رحيل النظام، وتحديد إنهاء حكم عائلة الأسد بالزمان والمكان؛ حتى تهدأ النفوس، وهذا ينجَز عن طريق تطبيق بنود (جنيف1)، وقرارا مجلس الأمن 2254، واستكماله بمرحلة انتقالية كاملة الصلاحيات، وكل حلّ سياسي لا يتضمن هذه البنود، سيؤدي إلى استمرار المحرقة السورية”.

وفي موضوع حقوق المعتقلين وإمكانية محاسبة مجرمي الحرب ومقاضاة القتلة، شدّد على أن العدالة الانتقالية “غُيّبت عن كل المبادرات التي أُطلقت لحل النزاع السوري، ونخشى تطبيق العدالة الانتقالية، كتلك التي طُبّقت في لبنان، حيث عدالة المنتصر وأمراء الحروب، وهي التي نرفضها ساعين لإحالة كل مجرمي الحرب ومرتكبي جرائم الإبادة ضد الإنسانية، إلى القضاء والمحاكم المحلية أو الدولية، لكن القضاء السوري بوضعه الحالي أعجز من أن يقوم بمثل بهذه المحاكمات، ومن ضمن العدالة الانتقالية أيضًا، إعادة الاهتمام بالذين انتهكوا وقتلوا تحت التعذيب وتعويض ذويهم. لا بدّ من كل هذه الأسس الحقّة للعدالة الانتقالية؛ حتى نبني سورية النظيفة”.

وأكدّ “أن أي اتفاق مالم لا يأخذ في الحسبان مطالب الشعب السوري في الحرية والعدالة والكرامة والديمقراطية سيكون كمن يُبقي الجمرة تحت الرماد، إذ ينبغي إدراج محاسبة المجرمين والقتلة في أي حل سياسي، ففي تطبيق المحاسبة شفاء للمجتمع السوري من الأمراض والأدران، التي استوطنت به خلال السنوات الأخيرة”.

في تقدير شمّاس “يعتمد الوصول إلى هذه المرحلة بالدرجة الأولى، على موضوع الاتفاق السياسي، الذي سيجري والذي سيحدّد الحل في سورية”، مشيرًا إلى أن “تطبيق العدالة الانتقالية بهذا التجرّد ليس من صالح أي من الفرقاء، وسيقاومون إدراجها بشدّة في أي مشروع حل، لأنهم جميعهم ارتكبوا جرائم”، مؤكدًا ضرورة تضمينها في أي “اتفاق سياسي لبناء مستقبل سوري بعيدًا عن الضغائن والأحقاد”.

وحول تصريح بطريرك الموارنة في لبنان، الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، الذي رأى فيه أن السوريين في لبنان “ينتزعون اللقمة من فم اللبنانيين”، رأى الحقوقي شمّاس، أن هذا القول “يشي بانزلاق أخلاقي خطِر، وخصوصًا أنه صدر “من رجل دين”، وأضاف أنه “كان يجب على البطريرك أن ينظر بعينيه الاثنتين، لا بعين واحدة، فاللبنانيين، هم الذين ينتزعون لقمة العيش من فم السوريين، وهناك كثير من المساعدات التي تسرقها الحكومة اللبنانية، من مخصّصات المساعدات التي تقدمها (الأمم المتحدة) للسوريين”، لافتًا إلى مأسوية أوضاع اللاجئين السوريين في لبنان مقارنة بدول الجوار الأخرى.




المصدر