التقصير وغياب المساعدات يُغرِق مخيمات بأكملها في ريف اللاذقية


يعاني النازحون السوريون في مخيمات ريف اللاذقية الشمالي من أوضاع معيشية صعبة، زادت من قساوتها العاصفة الثلجية والأمطار الغزيرة التي دمرت خلال الفترة الماضية معظم خيمهم، وشرّدت عائلات بأكملها وسط غياب جهود المنظمات الإنسانية.

وتنتشر العديد من المخيمات العشوائية بالقرب من الشريط الحدودي التركي، ورغم عدم ملاءمة هذه الخيم للسكن وعشوائيتها فإنه يقطنها أكثر من 40 ألف نازح، لجأ معظمهم إلى هذه المنطقة بعد تقدم قوات النظام في قرى ريف اللاذقية.

وكان مخيم عين البيضة والزوف من أكثر المخيمات تأثراً بالعاصفة المطرية التي هطلت معظم أيام الأسبوع الماضي، وتسببت وفق الناشط الإعلامي أحمد حاج بكري بانجراف عشرات الخيم مع السيول، واقتلاع بعضها الآخر بسبب الرياح التي صاحبت الأمطار.

ويضيف الناشط الموجود على مقربة من المنطقة أن هذه الخيم لم تقاوم عوامل الطبيعة “كونها قديمة ومهترئة مضى على معظمها أكثر من عامين، كما أن معظم هذه المخيمات أقيمت على عجل في مناطق زراعية منحدرة غير مجهزة للصمود وقت الأمطار ولا يوجد لها مصارف صحية”.

 

من جهته قال الناشط في المجال الإغاثي محمد جازة إن “مئات العائلات باتت في الشوارع نتيجة تضرر خيامهم، وإنهم أرسلوا عشرات النداءات الإغاثية للمنظمات الانسانية والدولية والحكومة المؤقتة لتلافي الكارثة لكن لم يصل إلا القليل”.

وأوضح جازة في حديث خاص لصدى الشام أن “أكثر من 500 خيمة تضررت بشكل كلي، ولقيَ طفلٌ حتفه نتيجة البرد، بينما وصل للمشافي الميدانية أكثر من 200 مريض خلال يوم واحد بسبب وجودهم في البرد والعراء”.

وحمّل جازة المنظمات الانسانية والمؤسسات التابعة للمعارضة مسؤولية ما يحدث في ريف اللاذقية الشمالي الذي وصفه “بالمنسي “موضحاً أن هذه الكارثة كانت متوقعة نتيجة سوء الظروف التي يقيم بها الناس.

وكانت مظاهرات خرجت من المخيمات تطالب الحكومة المؤقتة بتحمل مسؤولياتها وإرسال المساعدات الإنسانية بشكل عاجل.

 

البرد يفتك بالنازحين

 

وخلال هذا العام شهد ريف اللاذقية انخفاضاً كبيراً في درجات الحرارة (وصل إلى -5 درجات مئوية في بعض الأيام) نتيجة تواصل الهطولات الثلجية، وأدى غياب وسائل التدفئة والحطب إلى زيادة الأمراض بين النازحين.

ويؤكد الطبيب “محمد خليل” العامل في مشفى عين البيضة أن هناك أكثر من 100 طفل يومياً يزور المشفى يطلبون أدوية للسعال والالتهابات، وبعض منهم  تكون ملابسهم مبللة.

وأكد الطبيب أنه خلال الشهر الحالي “ارتفعت معدلات الإصابة بأمراض التنفس كالربو والالتهابات القصبية نتيجة استخدام وسائل تدفئة بدائية كالثياب والمحروقات غير المكررة، وتسبب بعضها بنشوب حرائق في بعض الخيم”.

من جهته قال “ماهر أيوب” وهو نازح من قرية اليمضية بريف اللاذقية ووالد لثلاثة أطفال “هربنا من براميل النظام والموت لكننا هنا نموت ببطىء، فالبرد يفتك بنا”. وحول سبب غياب المنظمات الإنسانية عن مساعدتهم أجاب أيوب: “سابقاً كانت المساعدات تصلنا وقبل كل شتاء كان هناك معونات دائمة لكن في هذا العام اختلف الأمر كلياً فلقد انصرف الجميع عن مساعدتنا ولا أدري ما السبب رغم أن أمتار قليلة تفصلنا عن الحدود التركية والمنطقة آمنة، ولا يوجد مبرر أبداً لما يحدث”.

 

 

ضغط حلب أم تقصير متعمد؟

وحول سبب التقصير في إيصال المساعدات أوضح مدير فريق “ملهم” التطوعي العامل في المجال الانساني عاطف نعنوع أن ” عمليات التهجير المتتالية التي شملت أهالي ريف دمشق وحلب استنزفت عمل معظم المنظمات السورية العاملة”. مؤكداً أن “حملة (خيرك دفا) التي أطلقها الفريق بداية الشتاء الحالي ذهبت معظم مساعداتها للنازحين حديثاً من هذه المناطق فقد كانوا يحتاجون كل شيء”.

وأضاف نعنوع “طبعاً هناك حاجة كبيرة مع تزايد أعداد النازحين هذا العام، يقابلها ضعف اهتمام من قبل المنظمات الانسانية الدولية،  إذ يُعتبر هذا العام الأشد قسوة من حيث المناخ والاستجابة الإنسانية”.

وكان فريق “ملهم” وزّع جزءاً من مخصصات حملة (خيرك دفا) على نازحي ريف اللاذقية، لكن عدد المستفيدين كان قليلاً وفق ما أوضحه مسؤول الفريق بسبب “العدد الكبير للمحتاجين”.

وتعتبر إعادة ترميم المخيمات واستبدال الخيم المهترئة وإيصال محروقات للتدفئة في مقدمة الأولويات هذه الأيام للنازحين، فيما يقترح البعض إعادة تجميع المخيمات في مناطق صالحة للسكن لمنع تكرار هذه الكارثة مستقبلاً.

 



صدى الشام