عملية الضخ يتحكم بها وصول الوقود و”نوعيته” .. دوامة مشكلات تتسبب بانقطاع المياه عن مدينة إدلب


 

عادت المياه إلى مدينة إدلب قبل أيام بعد انقطاع دام قرابة شهر وهي المدة الأطول التي تنقطع فيها المياه منذ تحرير مدينة إدلب إلى الآن، مما أدى لاستياء عام بين صفوف المدنيين الذين لجؤوا إلى الصهاريج.

“صدى الشام” التقت المدير العام في مديرية المياه بإدلب المهندس “وائل غفير” لمعرفة أسباب انقطاع المياه، وكيف تم إصلاحها، والحلول البديلة لتوفيرها بشكل دائم؟

 

 دعم قليل وأعطال فنية

يوضح ” غفير” ما طرأ على وضع المياه بالقول: ” في كل مرة نتجاوز الأضرار والأعطال التي توقف ضخ المياه إلى مدينة إدلب وبعض القرى المحيطة بها بأسرع وقت، إلا أننا في هذه المرة خرجت الأمور من سيطرتنا لعدة أسباب بعضها لوجستي من قبل الجهة الداعمة وآخر فني ناتج عن الأعطال الميكانيكية، مما أطال مدة الانقطاع لتتوجه إلينا الاتهامات من السكان بأننا نسرق الوقود أو نتقصد توقيف الضخ. وظهورنا إعلاميًا بوقت الأزمة لا يفيد لأننا لا نريد أن نتكلم من غير عمل يرون نتيجته فوراً”.

وكان قد تأخر تزويد مديرية المياه بالوقود 15 يوماً عما هو معتاد، وبعد ذلك استأنفت منظمة “غول” دعمها كما يوضح غفير:” لكننا تفاجأنا بأن الكمية سيئة النوعية وهذا بدوره عطّل المولدتين الكهربائيتين ليستمر عملنا بالإصلاح 8 أيام، وفي هذا الوقت رافقنا مشرفون من غول فقرروا استبدال الكمية المعطاة لنا إلا أن المولدات لم تقلع أبدًا مجددًا لرداءة الوقود المستبدَل، وأخذت عملية الإصلاح 3 أيام، عندها قررنا استبدال الكمية ذاتها من إدارة إدلب فكانت نوعية الوقود أفضل من سابقتها نوعًا ما، عقب ذلك بدأنا بالضخ للمدينة”.

وأكد “غفير” أنهم لهذه اللحظة يستبدلون الوقود الذي تمنحه لهم منظمة “غول” بغيره من إدارة إدلب، وهم يطالبونهم بأن تستمر هذه العملية بشكل دائم ليضمنوا نسبيًا عدم انقطاع المياه كما حصل بالماضي.

وعن آلية توزيع المياه إلى أحياء مدينة إدلب أضاف “غفير” أن المدينة مقسمة إلى 8 قطاعات كل قطاع يضم 4 أو 5 أحياء رئيسية وفرعية تصلها المياه ليوم واحد ولمدة 9 ساعات. ويتم الضخ من المحطة الأساسية لحين وصولها للأحياء.

ولفت غفير إلى عدم وصول المياه لبعض المناطق وذلك لأن معظم خطوط المدينة قديمة وغير محكمة الإغلاق ما يساهم بتسرب المياه بكثرة لأماكن تعتبر منخفضة ويتسبب بتوقفها عند حد معين يجعلها لا تصل لمن يليها هذا من جهة، بالإضافة لانتشار محركات المياه الحديثة (السنترفيش، الدينمو) من جهة أخرى والتي تؤدي إلى وصول المياه للمنازل في الطوابق الأولى أكثر من العليا، لذلك كانت ممنوعة سابقًا وفق نظام إداري محددة حتى تتوزع المياه بضغط واحد.

 

أزمة تفرز مشكلة

تزامنت أزمة انقطاع المياه مع مشكلة قلة الصهاريج المنتشرة في مدينة إدلب وغلاء أسعارها فوصلت إلى 3 آلاف ل.س لألف ليتر من الماء أحياناً.

وحول دورهم كمديرية في هذه المشكلة وهل يمثلون الجهة الرقابية المسؤولة قال غفير:” نحن لا نمتلك سوى 4 صهاريج مياه تابعة لمديريتنا ونعرف مصدر تعبئتها للمياه (بئر العيادات الشاملة) وهي بالطبع صالحة للشرب ونقوم ببيع المياه أحيانًا منه بأسعار رمزية للعديد من الصهاريج الخاصة، أما البقية فلسنا مسؤولين عنها ولا عن أسعار بيعها للماء، ونتمنى من إدارة إدلب تحديد سعر واحد لكل الصهاريج الخاصة، ومراقبة مصادر المياه صحيًا حفاظًا على صحة السكان، مع العلم أن هذه كانت قبل التحرير تقع على عاتق مديرية الصحة (تحليل المياه)، ومديرية التموين (مراقبة الأسعار).

 

ما الحل؟

ولفت “غفير” إلى أهم الصعوبات التي تواجههم داخل المديرية ومنها تقلص حجم المساعدات المادية من قبل المنظمات وانتقالها بالعمل لأماكن خارج المحافظة، فضلاً عن صعوبة تأمين الموارد المالية اللازمة لمشاريع المياه ونفقاتها اليومية من إدارة إدلب كونها كبيرة نسبيًا، بالإضافة لنقص المواد اللازمة، والقصف المتكرر الذي تتعرض له المنطقة وبالتالي يُخشى على الشبكات ومحطات المياه التي تعاني يوميًا من أعطال بسيطة أو كبيرة يتم إصلاحها مباشرة، دون أن ننسى مشكلة نقص الوقود اللازم لتشغيل الآبار الحالية والمحطات.

أما الحلول التي يمكن أن تخفف من مشاكل المياه داخل المدينة فرتّبها “غفير” وفقًا للأولوية واضعاً إمداد المدينة بالكهرباء في المقدمة وبالتالي ضخ المياه عن طريقها يوميًا وبكميات كبيرة تبلغ 50 ألف م مكعب مقارنة مع ضخ 6 آلاف م مكعب يوميًا بالديزل.

وثاني هذه الحلول هو استبدال المولدتين الحاليتين. وثالثها حفر آبار جديدة  بكل قطاعات المدينة وتغذيتها بالوقود بحال تعطل المحطات كليًا، لتضاف إلى تلك التي تم استحداثها بعد التحرير والبالغ عددها 19.

 

 إنجازات رغم نقص الكوادر والمعدات

أما عن أهم ما حققته التي قامت بها مديرية المياه في مدينة إدلب بالآونة الأخيرة قال “غفير”: “أنشأنا شبكة طوارئ ومناهل مياه بحي بستان غنوم مع تنفيذ خزاني مياه إكسفام سعة (120، 90م مكعب) لحيي وادي النسيم والمعلمين، ناهيك عن تنفيذ خط المياه في حي الناعورة، فضلًا عن إصلاح المضخة الغاطسة في محطة العيادات الشاملة وبئرها”.

وأشار غفير إلى قيامهم بعشرات الأعمال الخاصة بوضع المياه في مدينة إدلب بعد أشهر قليلة من خروجها عن سيطرة نظام الأسد وكان أهمها إصلاح بعض المضخات الأفقية في محطتي سيجر والعرشاني، واستبدال شبكات كاملة مثل شبكة حي الشيخ ثلث، وتنفيذ أكثر من 30 ك متر شبكات بأنحاء المدينة، وتركيب خزانات إكسفام المعدنية ومتابعة أضرارها المتكررة بسبب القصف وغيره.

 

 

وفي مواجهة مشكلات المياه فإن ما يحسب لمديرية المياه بمدينة إدلب أنها تضم عاملين خبراء في إدارة شؤونها وعلى دراية ممتازة بخطوط الشبكة والدراسات المائية وتنفيذ الشبكات والخزانات، ومعظم العاملين بها حاليًا هم من القدامى، بالإضافة للعلاقات الجيدة مع المنظمات الإنسانية والعاملين في المحطات الرئيسية مثل (سيجر، العرشاني، المسطومة، أريحا).

لكن وبالمقابل فهناك عراقيل تقلل من الخدمات المُقدمة ومنها قلة الكوادر فيما لو تم اعتماد المركزية لباقي مشاريع المحافظة والتي كانت تتبع للمديرية سابقًا، والأهم من ذلك ضعف التمويل المادي لمشاريع المياه وأعمالها وخاصة تأمين الوقود بدل الكهرباء وتأمين الزيت، وقلة عدد الآليات والسيارات والمعدات والتجهيزات في المديرية.

وكان قد بدأ ضخّ المياه لمدينة إدلب بعد خروجها عن سيطرة نظام الأسد بأشهر قليلة من خلال تشغيل المحطات بواسطة خطّ الكهرباء الإنساني الذي تم جلبه إلى المحافظة من مناطق النظام، وتم بواسطته تشغيل محطات المياه والأفران والمنشآت الخدمية، وعاد للتوقف بسبب الأوضاع الأمنية السيئة والتي أسفرت عن انقطاعه وتوقفه فكان اللجوء لضخها عبر الديزل والمولدات الكهربائية منذ ذلك الوقت إلى الآن.



صدى الشام