واشنطن بوست: “تسع قضايا في السياسة الخارجية على إدارة ترامب أن تواجهها”


أحمد عيشة

في الوقت الذي يستعد فيه دونالد ترامب لتولي المنصب، أصبحت الدولة الإسلامية في موقفٍ دفاعيّ في ثلاثة بلدان، وكانت قد تلاشت من بلد آخر، حيث يرى مسؤولون عسكريون ودبلوماسيون أنَّ هزيمة تكتيكية للمسلحين، على الأقل في معاقلهم الرئيسية، ليست إلّا مسألةَ وقتٍ، لكن، تبقى مشكلة عشرات الآلاف من المقاتلين؛ إذ تبدي الجماعة -فعلًا- علاماتٍ على إعادة تشكيل نفسها مرةً أخرى بصفتها حركةٍ إرهابية قوية.

في حين وعد ترامب بـ حملةٍ أكثر فعاليةٍ ضد الدولة الإسلامية من سلفه (أوباما)، فإنه ليس من الواضح بعد ما هي الخطوات الجديدة التي قد يتخذها من دون آثارٍ جانبية خطِرة، مثل تعميق الخلاف مع تركيا، الحليف في الناتو، أو تكبيد الولايات المتحدة خسائر كبرى أو كثيرًا من الضحايا المدنيين.

ميسي ريان، مراسل الأمن القومي

قبل أن تكون “حربًا جيدةً” للرئيس أوباما، كان الهجوم المضاد للرئيس جورج بوش ردًّا على هجمات 11 سبتمبر 2001. هذا الشهر، وبعد أكثر من 15 عامًا من وصول القوات الأميركية إلى أفغانستان، سيتسلّم ترامب أطول حربٍ للولايات المتحدة، كونه القائد الأعلى الذي لم يذكر خططه للصراع.

سيتحمل ترامب المسؤولية عن تورط الولايات المتحدة في أفغانستان في وقتٍ تمددت فيه طالبان التي ينتعش وجودها من جديدٍ في جميع أنحاء البلاد، والحكومة المركزية قادرةٌ على تأمين ثلثي السكان فقط، حيث تعاني القوات المحلية مما وصفه مسؤولون أميركيون من خسائر بشريةٍ “لا يمكن تحملّها”.

يثير صمت ترامب حول أفغانستان، كمرشحٍ وباعتباره الرئيس المنتخب، تساؤلاتٍ حول ما إذا كانت وكيف يمكن للولايات المتحدة أن تواصل مهمتها الطويلة لردع الإرهاب وبناء القوات المحلية.

ميسي ريان، مراسل الأمن القومي

أجرت كوريا الشمالية تجربةً نووية خامسة في أيلول/ سبتمبر، وقال زعيمها كيم جونغ أون في الأول من كانون الثاني/ يناير إنَّ بلاده في “المرحلة الأخيرة” من التحضيرات لتجربةِ إطلاق صاروخٍ طويل المدى قادرٍ على حمل رؤوس نووية يصل إلى أراضي الولايات المتحدة، وردًّا على ذلك، غرَّد الرئيس المنتخب دونالد ترامب إنَّ اختبار الصاروخ “لن يَحدثَ”، وألقى باللوم على الصين لرفضها المساعدة في كبح جماح بيونج يانج.

بدأت محادثات نزع السلاح النووي السداسية بشأن كوريا الشمالية، التي تضم الأطراف الإقليمية والولايات المتحدة، في عام 2003، ولكن تم تعليقها بسبب قضايا التفتيش في عام 2008، وكانت الولايات المتحدة قد قالت إنَّها لن تستأنفها حتى تتخلى بيونغ يانغ عن برنامجها للأسلحة النووية، وفرضت العقوبات الدولية التي تقودها أميركا على كوريا الشمالية في أواخر العام الماضي. ترامب -دعا بدلًا من ذلك كيم بأنه “مهووس” وقال إنَّه سيجتمع معه على وجبة “هامبرغر” – يمكن أن يواجه مبكرًا أزمةً مع إدارته.

كارين دو يونغ، كبير مراسلي الأمن القومي

لا يزال الصراع الانفصالي الذي تدعمه روسيا يغلي في شرقي أوكرانيا، حيث تخشى الحكومة الموالية للغرب في كييف من أنَّ إدارة دونالد ترامب ستستخدمها كأداةٍ للمساومة لتحسين العلاقات مع موسكو، الأمر الذي يسعى إليه الرئيس المنتخب، كانت التعليقات في أثناء حملته وبعد الانتخابات غير واضحةٍ، كما ألمح ترامب أيضًا بأنَّه أقلُّ اهتمامًا من إدارة أوباما وحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا، بـ إجبار روسيا على التخلي عن شبه جزيرة القرم الأوكرانية على البحر الأسود، التي احتلتها وضمتها روسيا في عام 2014.

وقد شككك ترامب في العقوبات المفروضة على روسيا بسبب أوكرانيا بِعَدّها ضارةً للشركات الأميركية في حين أُعيدَ تفعيل العقوبات الأميركية والاوروبية، على الأقل خلال النصف الأول من عام 2017، ومن المرجح لإضعاف العزيمة الأوروبية إذ تبين أنَّ الإدارة الجديدة مترددة في إبقائها (العقوبات) قسريًّا.

من المرجح أن تحدث معركة ترامب الأولى حول أوكرانيا في الكونغرس الأميركي، حيث هناك معارضةٌ قوية من الحزبين لتصرفات روسيا هناك.

كارين دو يونغ، كبير مراسلي الأمن القومي

يواجه دونالد ترامب قوةً إقليمية صاعدة في تزايد، وعلى استعدادٍ لأن تتحدّى القوات الأميركية والقوة الاقتصادية في منطقة المحيط الهادئ. تحدث ترامب بتشدد حول الصين خلال حملته الانتخابية، محمّلًا البلاد سبب فقدان الوظائف الأميركية وملقيًا الاتهامات بتلاعب غير منصف بالعملة أو بالممارسات التجارية المعادية، ولكن الصدمة هي عندما حطَّم ترامب عقودًا من السوابق والأعراف عبر التحدث مباشرةً مع زعيم تايوان التي تعدّها الصين إقليمًا تابعًا لها.

هدّد الاتصال في الشهر الماضي، بإعادة فتح معركةٍ أيديولوجية ساكنة إلى حدٍّ كبير، حول تقرير المصير والديمقراطية في النظام الشيوعي. كان بعض أعضاء القيادة الصينية الواثقون من تفهم مقاربة ترامب ذي العقلية التجارية، قد شككوا فيما إذا كانوا يتعاملون مع أيديولوجيةٍ جمهورية من المدرسة القديمة، حيث استخدم مجموعةً من صقور التجارة، مشيرًا الى أنَّه قد يكون توَّاقًا إلى حرب تجارية، ولكن، كان اختيار ترامب حاكم ولاية أيوا، تيري برانستاد، سفيرًا في بكين، بعدِّه رسول سلام.

أني جياران، مراسل دبلوماسي

لقد تمركز التحالف بين الولايات المتحدة وأوروبا -الذي كان على مدى عقود حجر الزاوية للأمن العالمي- طويلًا حول القيم والمصالح المشتركة، ولكن مع صعود دونالد ترامب في واشنطن، يخشى كثيرون في أوروبا من فجوةٍ في القيم واسعة باتساع المحيط الأطلسي.

تتعارض تصريحات ترامب بشأن تغير المناخ والتعذيب وهجرة المسلمين وسيادة القانون وتعزيز الديمقراطية وحرية الصحافة والانتشار النووي ومجموعة كاملة من القضايا الأخرى، مع المعتقدات التي يراها عدد من القادة الأوروبيين أساسيةً للهوية الغربية.

منذ انتخابات ترامب، فقد حاول المسؤولون الأوروبيون إخفاء تلك الخلافات، مشيرين إلى المصالح المشتركة بين كلا جانبي الأطلسي، ولكن ذلك قد لا يكون كافيًا، ولا بدَّ من اختبار الصلات التي تربط بين أوروبا والولايات المتحدة.

ومع ذلك، فإنَّ رغبة أوروبا في تحدي ترامب قد تكون محدودةً بسبب الصراعات الخاصة في القارة، حيث تنقسم أوروبا داخليًا بطريقةٍ لم تشهدها منذ سقوط جدار برلين، ويدرك القادة تمامًا أنَّ موجة الشعبوية التي جلبت ترامب إلى السلطة ترسو على شواطئها، كذلك.

غريف ويته، رئيس مكتب لندن.

سيتعرض الاتفاق النووي الايراني -الذي تم التوصل إليه في عام 2015- لإجهادٍ شديد خلال فترة رئاسة دونالد ترامب، حيث قال ترامب مراتٍ إنَّه يريد “إلغاءه”، الأمر الذي من شأنه أن يلقى معارضةً شعبية كبيرة من الحلفاء الأوروبيين الذين تفاوضوا أيضًا حول الاتفاق، كما قال ترامب مراتٍ أخرى، إنَّه سيحاول إعادة التفاوض، حيث لم يُظهر الإيرانيون أيّ رغبةٍ في ذلك.

على أقلّ تقدير، من المرجح أن تكون إدارة ترامب أكثر صداميةً مع الجمهورية الإسلامية من إدارة أوباما، التي كانت أولويتها الحفاظ على الاتفاق مستمرًا على قيد الحياة.

لقد حرَّض ترامب على تبني سياسة عدم التسامح تجاه خرق القيود المتفق عليها حول الماء الثقيل أو اليورانيوم، بما في ذلك القيود الموقّتة.

حتى الآن، لم تقم الولايات المتحدة بصفقة كبيرة حول الانتهاكات إذ عدّتها قليلةً وعرضية ويمكن تصحيحها بسرعة. يمكن أن يوافق الكونغرس على عقوباتٍ جديدة في قضايا غير نووية، من مثل انتهاكات حقوق الإنسان واختبار الصواريخ ودعم الإرهاب، لكن إيران ستحمّل الولايات المتحدة، وليس هي، المسؤولية في حال انهيار اتفاق نووي.

قد تتصاعد المواجهة وتؤثر المساعي لوضع حدٍ للحرب ضد الدولة الإسلامية في سورية، حيث تدعم روسيا وإيران الحكومة، وتخلق شروخًا مع الحلفاء الذين يظنون أنَّ التواصل مع إيران يساعد في إضعاف العناصر المتطرفة فيها (إيران).

كارول موريللو، مراسل دبلوماسي

لقد وعد دونالد ترامب بتغييراتٍ كبيرة في سياسة الولايات المتحدة تجاه إسرائيل والفلسطينيين. ورمزًا إلى هذا التحول، فقد تعهدّ ترامب بنقل السفارة الأميركية في إسرائيل من تل أبيب -حيث لكل دولةٍ سفارتها- إلى القدس، حيث تقع المكاتب الحكومية الإسرائيلية، وكان أسلافه قد قدموا نفس التعهد خلال الحملة الانتخابية، ولكنهم بعد تولي المنصب، نصحهم المستشارون بالتخلي عن الفكرة.

من المرجح أن تسببَّ هذه الخطوة تداعياتٍ دبلوماسية في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وربما تسبب العنف، ويمكن أن تقضي على فرص الولايات المتحدة بالادّعاء بأنها “وسيط نزيه” في أيّ مفاوضات مستقبلية لأنه سيتم الاقرار بأنَّ القدس إسرائيلية، ولا يمكن للفلسطينيين نسيان مطالبتهم بأنَّ جزءًا من المدينة عاصمةٌ لهم، أيضًا، وسيمارس الكونغرس أيضًا الضغط، حيث يقول بعض الأعضاء إنهم سيقترحون تجميد الأموال المخصّصة للأمم المتحدة ما لم يلغِ مجلس الأمن قرار كانون الأول/ ديسمبر الذي يدين المستوطنات.

وتعُدّ كل إدارةٍ منذ الحرب العربية الاسرائيلية 1967، المستوطنات عقبةً في طريق السلام. وقد عيَّن ترامب سفيرًا، هو ديفيد فريدمان، الذي يؤيد حق إسرائيل في بناء المستوطنات وضمّ بعضٍ من الضفة الغربية.

كارول موريللو، مراسل دبلوماسي

سيرث دونالد ترامب علاقةً بين الولايات المتحدة والمكسيك مرتبطة تمامًا بثقافته الشخصية؛ ففي حين كان هناك دائمًا حذرٌ في كيفية رؤية المكسيكيين لجارتهم الشمالية؛ فإن المسارات التي لا حصرَ لها التي تربطهم مع تلك الدول -المليارات في التجارة والسياح يطيرون ذهابًا وإيابًا والكفاح ضد أباطرة المخدرات- قد ساهمت بعلاقةٍ عاليةَ الأداء.

يمكن لترامب أن يغيَّر كل ذلك، فمن الشتائم في حملته الانتخابية المبكرة، داعيًا المهاجرين المكسيكيين بالمغتصبين والمجرمين، وتهديداته ببناء جدارٍ على طول الحدود وترحيل الملايين، ومعاقبة المصدرين الأميركيين الذين يستثمرون في المكسيك، فقد وضع ترامب المكسيك في حالة تأهبٍ قصوى.

لا أحدَ في المكسيك يعرف ما هي السياسات التي سيتبعها ترامب، ولكن آلية الدفاع عن النفس تتفعّل، فقد شرع وزير الخارجية الجديد بمعالجة العلاقة مع ترامب. فالرئيس أنريكي بينيا نييتو ومسؤولون كبار آخرون أيدوا في انتظام أهمية المكسيك بالنسبة إلى الولايات المتحدة، معزّزين الرسالة بأنَّ مقترحات ترامب ستضر الولايات المتحدة، وبينما تقول المكسيك إنها جاهزة للتعامل مع صانع الصفقة، لكن ما يسود الآن هو خوفٌ قديمٌ عاديّ.

جوشوا بارتلو، مدير مكتب مكسيكو سيتي

اسم المقالة الأصلي9 foreign policy issues the Trump administration will have to face
الكاتبميسي ريان، كارين دو يونغ وآخرون، Messy Ryan , Karen De Young & Others
مكان وتاريخ النشرواشنطن بوست، The Washington Post،11/01/2017
رابط المقالةhttps://www.washingtonpost.com/graphics/world/trump-foreign-policy-challenges/?hpid=hp_no-name_graphic-story-b%3Ahomepage%2Fstory
ترجمةأحمد عيشة




المصدر