‘“السجائر” تصعد على سُلّم الدولار .. وسوريون بين الإقلاع واللف اليدوي’
18 كانون الثاني (يناير - جانفي)، 2017
أدى ارتفاع أسعار السجائر في سوريا إلى تغيّر في عادات المدخّنين، فمنهم من اتجه نحو تدخين أنواعٍ جديدة ظهرت بشكلٍ مفاجئ في السوق، كتعويضٍ عن الأنواع الأساسية التي قفزت أسعارها. فيما لجأ مدخّنون آخرون إلى الإقلاع عن السجائر في وقت اعتمد فيه قسم آخر على “الدخان الملفوف يدوياً” نظراً لنقاوته وسعره الرخيص.
في إحصائية يتيمة صدرت عن “المؤسّسة العامة للتبغ” في سوريا، تبيّن أن “نحو 5 مليون مدخّن سوري ينفقون ما لا يقل عن 600 مليون دولار سنوياً ثمناً للدخّان”.
وبيّنت المؤسّسة نهاية العام الماضي أنها تتوقّع من المزارعين في سوريا أن يسلّموها ما بين 4.5 إلى 5 آلاف طن خلال عام عام 2017.
جنون الأسعار وأنواع جديدة
يُعتبر الدخّان من أكثر أنواع السلع التي يرتبط ثمنها بشكلٍ مباشر بسعر صرف الدولار، ففي أي دولة ينخفض سعر عملتها العالمية مقابل الدولار تشهد ارتفاعاً في أسعار الدخان، وهو ما حدث في سوريا، إذ أن انخفاض قيمة العملة المحلية حوالي 11 ضعفاً مقابل الدولار رفعَ أسعار السجائر نحو 11 ضعفاً أيضاً.
وقال مصعب، وهو تاجر سجائر بالمفرّق لـ “صدى الشام”: “إن السجائر الفاخرة التي ارتفع سعرها بشكلٍ كبير بات الطلب عليها قليلاً”، واستطرد أن نوع Marlboro الذي تجاوز سعره 1200 ليرة أصبح الطلب عليه معدوماً، في حين ارتفع سعر Winston إلى 750 ليرة للعبوة الواحدة بعد أن كان ثمنها 60 ليرة، أما الدخان من نوع Gauloises واسع الانتشار في سوريا فارتفع ثمنه إلى 500 ليرة بعد أن كان لا يتجاوز 35 ليرة.
وأضاف أن السجائر التي ظهرت حديثاً في السوق حقّقت مبيعات كبيرة بسبب رخص أسعارها، مقارنة بأسعار السجائر الأخرى، لافتاً إلى أن السوق السورية شهدت وجود سجائر أسعارها يتراوح بين 150 – 200 ليرة وكانت مرغوبة لدى الجميع.
سجائر ملفوفة
وعلاوة على اللجوء إلى الأنواع الرخيصة، اتجه بعض المدخنين في سوريا، إلى العودة لشراء التبغ بالكيلو غرام، وشراء ورق “شام” الخاص بلف السجائر، والمعدّات الاخرى وذلك لصنع السجائر يدوياً، وهي عادة كانت قديمة لدى الكثير من السورين لكنها اندثرت، وما لبثت أن عادت نتيجة اعتمادها كأحد الحلول الأساسية لأزمة ارتفاع سعر الدخان.
يبلغ ثمن الكيلو الواحد من التبغ الخام المُباع على بسطات شارع الثورة في العاصمة دمشق ما بين 1200 – 2000 ليرة، وبإمكان هذا الكيلو صنع كميات هائلة من السجائر بشكلٍ يدوي.
إضافةً لذلك، انتشرت آلة جديدة في أسواق العاصة تُدعى شعبيّاً “الدكّاكة” وهي آلة يُمكن وضع التبغ وورق الدخان داخلها، وبمجرد الضغط عليها ضغطة كاملة فإنها تتولّى عملية دك التبع داخل الورق لتقوم بلفّه وإخراجها سيجارة كاملة، وفق ما يشرح أحد بائعي هذه الآلات.
وأضاف أنه ظهرت في الأسواق “فلاتر جاهزة” وهي القطعة الإسفنجية التي تستخدم للتدخين من خلالها، ويمكن وضعها داخل آلة “الدكّاكة” لتظهر سيجارة كاملة كتلك التي يتم شرائها داخل العبوة الجاهزة.
غير أن نكهة السيجارة تتغيّر، على ما يوضّح عمار، وهو شاب سوري جرّب تقريباً كافة أنواع السجائر الجديدة بما فيها اللجوء إلى صنعها يومياً، حيث امتدح الشاب هذا النوع الأخير واصفاً إياه بالـ “نظيف” وقال: “لا نعرف تماماً بماذا يتم حشو السجائر الجاهزة، لكنها في الغالب غير نظيفة، أما عندما تشتري التبغ وتقوم بتنقيته جيّداً فإنك تعلم ماذا تشرب”، لكنه استدرك مشيراً إلى الوقت الطويل الذي تستغرقه عملية إعداد السجائر، ولا سيما عندما تنفَذ فجأة ولا يكون لدى المدخّن وقت لصنعها.
مقلعون عن التدخين
فضّل عصام رسلان، وهو شاب سوري يعيش في ريف إدلب، الإقلاع عن التدخين بعد أن بلغ سعر العبوة الواحدة من دخّانه المفضّل 450 ليرة.
يقول عصام البالغ من العمر 29 عاماً لـ “صدى الشام”: “بدأت بالتدخين قبل نحو 11 عاماً، وكنت أشتري العبوة الواحدة بـ 30 ليرة، واستمريت بالتدخين حتى بدأت الأسعار ترتفع بشكلٍ تدريجي”.
ويضيف: “تابعت التدخين حتى وصل سعر العبوة الواحدة إلى 250 ليرة، وبعد استمرار ارتفاع ثمنها قرّرت الإقلاع عن التدخين لهدفٍ ماديٍ بحت”.
الأمر ذاته فعله شاب سوري يعيش في العاصمة دمشق ورفض ذكر اسمه، يقول الشاب لـ “صدى الشام”: “عندما وجدت أن راتبي البالغ 45 ألف ليرة سيذهب قسمٌ كبيرٌ منه لدفع مصاريف السجائر، بدأت افكّر جدّياً بالإقلاع عنه.
يعمل الشاب في مصنع للأدوات المنزلية قرب دمشق، ويعيش مع عائلته البالغ عددها ثلاثة أشخاص، حيث يوضّح أن الراتب الشهري لا يكاد يكفي لإعالة أسرته ودفع أجور المنزل ومصاريف الحياة الأخرى، فقرّر الإقلاع عن التدخين.
ويتابع: “وجدت صعوبة كبيرة في بداية الأمر ولم أتحمل الاستمرار دون تدخين السجائر، لكني أتذكر دوماً أن عائلتي بحاجة لهذه الأموال ولم يعد هناك دخل كافٍ لمصاريف السجائر لذا واصلتُ إقلاعي عنها حتى أصبح أمراً عادياً بالنسبة لي”.
[sociallocker] صدى الشام[/sociallocker]