تفاصيل عن اجتماعات المعارضة السورية في أنقرة لبحث مفاوضات أستانا.. هذا ما جرى


مراد القوتلي - خاص السورية نت

حسمت معظم الفصائل الكبرى في المعارضة السورية موقفها من المشاركة في مفاوضات أستانا المزمع عقدها في 23 يناير/ كانون الثاني الجاري والتي ستضم وفدين، أحدهما عن المعارضة السورية برئاسة محمد علوش رئيس الهيئة السياسية في "جيش الإسلام"، والآخر عن نظام بشار الأسد ويرأسه مندوب النظام في الأمم المتحدة، بشار الجعفري.

وجاءت هذه الموافقة بعد عدة اجتماعات عقدتها فصائل المعارضة مع الجانب التركي في أنقرة الأسبوع الفائت، ووفقاً لمصدر مطلع على ما دار في تلك الاجتماعات وتحدث لـ"السورية نت" عن بعض كواليسها، فإن معظم من حضروها من ممثلي الفصائل وافقوا في النهاية على الذهاب، بعدما عرضوا أمام الجانب التركي تخوفاتهم، والضمانات التي يبحثون عنها.

ولا تزال 5 فصائل لم تحسم موقفها بعد في الذهاب إلى أستانا، وهي "أحرار الشام، ومجموعة جيش إدلب، وحركة نور الدين الزنكي (التي لم تحضر اجتماعات أنقرة)، وجيش المجاهدين، وثوار الشام".

ووفقاً للمصدر - الذي فضل عدم الكشف عن اسمه - فإن اجتماعات جرت في أنقرة بين ممثلين عن حركة "أحرار الشام" ومسؤولين أتراك، تتمحور حول موقف الحركة من مفاوضات أستانا.

واليوم الأربعاء، حسمت الحركة موقفها في عدم الذهاب إلى مفاوضات أستانا لأسباب أبرزها عدم تحقق وقف إطلاق النار، واستمرار القصف من قبل روسيا التي تعتبر طرفاً ضامناً للاتفاق، وأشارت الحركة إلى أنها لا "تخون" الفصائل التي ستذهب إلى أستانا لأن الخلاف الدائر حوله يعتبر "سائغاً"، وفقاً لبيان نشرته الحركة.

كما علمت "السورية نت" أن تجمع ألوية "صقور الشام" وافق هو الآخر على إرسال ممثل عنه إلى أستانا.

الموقف التركي

وحضر اجتماعات أنقرة إلى جانب فصائل المعارضة، مسؤولون أتراك من الخارجية، والدفاع، والمخابرات، بالإضافة إلى وجود مندوب قطري.

ووصف المصدر المطلع المشاورات التي جرت بالاجتماعات بأنها كانت شفافة وموضوعية إلى درجة كبيرة، وأنه كان لقاءاً ودياً أخوياً، نافياً ما أثير على وسائل التواصل الاجتماعي عن ضغوط تركية على الفصائل لـ"إجبارها" على الذهاب إلى مفاوضات أستانا.

وقال المصدر إن الجانب التركي أكد مراراً خلال الاجتماعات أن أنقرة مستمرة في دعمها للمعارضة السورية حتى النهاية، وهو ما أكده أيضاً المندوب القطري في حديثه للفصائل.  

المسؤولون الأتراك قدموا رؤيتهم بشكل واضح وصريح حيال الملف السوري بشكل عام، ومفاوضات أستانا بشكل خاص، وشرحوا للفصائل الحاضرة النقاط الإيجابية التي يمكن الاستفادة منها في حال التوصل إلى اتفاق يثبت وقف إطلاق النار في سوريا، كـ إعادة رص الصفوف، وحقن المزيد من دماء المدنيين الذين يتعرضون للقصف.

وأشار المسؤولون الأتراك أيضاً إلى أن ذهاب الفصائل إلى أستانا يعني في المحصلة أنهم أصبحوا طرفاً أساسياً في العملية السياسية السورية، وباعتراف دولي وخصوصاً من روسيا. وكانت وجهة نظرهم أن الذهاب إلى أستانا ينهي حجة النظام في أن فصائل المعارضة "إرهابية" كما كان يصفها على مدار السنوات الست الماضية، معتقدين بأن وجود المعارضة في أستانا قد يزيد من أصدقائها.

كما أبدى الجانب التركي تفهمه لحق الفصائل في الرد على أي خرق محتمل من نظام بشار الأسد على اتفاق وقف إطلاق النار، وحق الفصائل في طلب ما تشاء بمفاوضات أستانا.

ووفقاً لما حصلت عليه "السورية نت" فإن الجانب التركي يرى في وقف إطلاق النار فرصة لقطع الطريق على النظام في مواصلة حربه ضد السوريين. وفي هذا السياق، قال أحد المسؤولين الأتراك في الاجتماعات، إن "بشار الأسد في العناية المشددة، والدم الذي يتغذى عليه هو الحرب، فإذا استطعنا أن نوقف الحرب، انتهى النظام".

ويتولد لدى الأتراك قناعة في أن نظام الأسد وإيران لن يوافقان البتة على اتفاق ينهي إطلاق النار، في حين أن روسيا تدعم هذا الخيار لرغبتها في وضح حد لتدخلها المستمر منذ نهاية سبتمبر/ أيلول الماضي في سوريا، وإنهاء هذا التدخل بطريقة "تراها موسكو مشرفة".

ووفقاً لما تحدث به المصدر لـ"السورية نت" فإن الجانب التركي كان شديد التأكيد على ضرورة ابتعاد فصائل المعارضة عن "تنظيم القاعدة" في إشارة إلى "جبهة فتح الشام" التي رغم إعلانها في يوليو/ تموز 2016 عن فك ارتباطها بـ"القاعدة" إلا أن دولاً غربية لا تزال تعتبرها على صلة في التنظيم المصنف على أنه إرهابي.

وكان المسؤولين الأتراك قد شددوا أيضاً في الاجتماعات على ضرورة توحيد المعارضة لفصائلها كأن تشكل جيشاً وطنياً موحداً تقاتل تحت رايته لكسب موقع أقوى على الأرض وفي المفاوضات.

وبالإضافة إلى ذلك، أكد المسؤولون الأتراك على أن هدف عملية "درع الفرات" إعادة الأرض للسوريين، وأن الأولوية لدى أنقرة الحفاظ على سوريا أرضاً وشعباً، وأنه لا يمكن الاستمرار في الأوضاع الحالية.

وقال المصدر إنه في اليوم الثاني من الاجتماعات حضر وفد أوروبي إلى أنقرة واستمع إلى آراء فصائل المعارضة حول موقفها من مفاوضات أستانا.

موقف المعارضة

وبدا خلال المناقشات التي جرت بالاجتماعات قناعة الفصائل في أن نظام بشار الأسد لن ينفذ أي اتفاق لوقف إطلاق النار، ما جعلها تعتقد أن إجراء المفاوضات في أستانا لن يخرج بنتائج مرجوة يلتزم بها النظام، لكون أهم بند سيجري مناقشته في المفاوضات تثبيت وقف إطلاق النار الذي بدأ تنفيذه 30 ديسمبر/ كانون الأول الماضي والذي يتعرض يومياً لخروقات من النظام وحلفائه.

وكانت هواجس المعارضة تتمحور أيضاً حول ضرورة وجود ضامن لتطبيق وقف إطلاق النار. وأوضح المصدر الذي تحدث لـ"السورية نت" أن الفصائل التي تعارض أستانا تتخذ موقفها من منطلقين، بعضها ترى أنها كانت مهمشة، وأنها سئمت من مجرد حضور الاجتماعات والتوقيع على ما يخرج عنها، في حين لم يتخذ بعضها الآخر قراراً حول أستانا نظراً لوجود خلافات داخل قيادي الفصيل العسكري نفسه.

وستركز فصائل المعارضة المشاركة في مفاوضات أستانا على نقاط رئيسية، أبرزها تثبيت وقف إطلاق النار، وضمان عدم تقدم النظام عسكرياً إلى مناطقها، كما ستطالب في أن تكون العملية السياسية والحل قائمين على أساس بيان جنيف.

وفي سؤال لـ"السورية نت" إلى المصدر حول سبب استبعاد المعارضة السياسية عن مفاوضات أستانا، واقتصارها بشكل رئيسي على الفصائل، أشار المصدر إلى أن هذا الاتجاه سببه افتقار المعارضة السياسية إلى النفوذ، وعدم تحقيقها إنجازات على المستويين الداخلي والسياسي، فضلاً عن عدم وجود تقارب كبير بينها وبين فصائل المعارضة، وهذا ما يمكن اعتباره مدخلاً لفهم الإصرار الروسي على الاتفاق مع القوى الفاعلة داخل الأراضي السورية.

ما المتوقع في أستانا؟

لا تعول المعارضة السورية كثيراً على نجاح هذا المؤتمر، وتقول إن السبب في ذلك يعود إلى عدم استعداد النظام وميليشياته وإيران للالتزام بالاتفاقيات التي تنهي المواجهات والحرب.

ووفقاً للمعلومات فإن أطرافاً أوروبية تسعى لإفشال الهدنة، انطلاقاً من عدم رضاها حول التقارب التركي - الروسي ولكون  أنقرة أحد الضامنين لهذا الاتفاق، فضلاً عن أن الولايات المتحدة ليست راضية عن المحادثات، وذكر المصدر أن الفجوة بين واشنطن وموسكو حول أستانا كبيرة جداً، وهو ما يشكل تحدياً آخر أمام نجاح مفاوضات أستانا.

ومن المتوقع  أن أنه في حال مشاركة الولايات المتحدة في أستانا فإن تمثيلها سيكون استخباراتياً أكثر منه دبلوماسي لمعرفة ما سيجري.

وأمس الإثنين، قال وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، إن بلاده تتوقع مشاركة الإدارة الأمريكية الجديدة في محادثات أستانا، معرباً عن أمله بأن تشارك الإدارة الجديدة  (بقيادة الرئيس المنتخب دونالد ترامب)، في مفاوضات أستانا، مشيرًا أنه من "الصواب" دعوة ممثلين عن الإدارة الأمريكية الجديدة.

وبدا أن أنقرة تعتقد في أن المستفيد من الحرب في سوريا النظام وإيران، بالإضافة إلى تنظيم "الدولة الإسلامية"، والقوات الكردية التي تعد ذراعاً سوريا لـ"حزب العمال الكردستاني" المصنف على قائمة الإرهاب لدى أنقرة، وتنظر الأخيرة إلى الحزب على أنه يمضي في سياسة تقسيم سوريا.

ويشار إلى أن "السورية نت" حصلت على معلومات تفيد بأنه حتى الآن لم توضع قائمة نهائية في أسماء الأشخاص الذين سيشاركون في وفد المعارضة بمفاوضات أستانا.




المصدر