ما بعد “تغريبة” حلب… الصدمة تُقعد الناشطات


آلاء عوض

لم تكن هناء قصّاب، مديرة جمعية “نساء سورية”، متفائلة كثيرًا بعد خروجها من أحياء حلب الشرقية، فقد تركت هناك أحلامها وبضعًا من قلبها، إلا أن حظّها كان جيدًا، فقد استطاعت أن تجد منزلًا من غرفتين، يأويها وعائلتها المكونة من 12 فردًا في مدينة دارة عزة من ريف حلب الغربي، وتعيش اليوم حالًا من الصدمة، تجعلها عاجزة عن تصديق ما حصل.

دفعها الحزن المهيمن عليها إلى تعليق نشاط عمل الجمعية التي نشطت عدة أعوام في المجالات الإغاثية وشؤون المرأة، وقالت لـ (جيرون): “لم أعد قادرة على العمل؛ بسبب القهر الذي يلازمني، وحالي الصحية المتدهورة، وتفاقمها اضعافًا مضاعفة في أثناء رحلة الإجلاء. لم أكن أتصوّر أن أترك حلب، لم أستوعب التهجير، ومجمل هذه الأحوال دفعتني إلى إيقاف كل فاعليات ونشاط الجمعية موقتًا”.

عن النسوة اللواتي كنّ فاعلات في الجمعية، أفادت قصاب “بعض المنتسبات سافرن إلى تركيا، وبعضهن الآخر إلى إدلب، نعم تشردنا جميعنا، ولكننا على الرغم من ذلك نتواصل، ونحاول لملمة حزمة من الأمل؛ علّها تُنسينا الوجع”.

وأضافت قائلة: “أحاول التواصل مع صديقاتي ونساءٍ كنّ يرتدن الجمعية، فأكتشف من بحة أصواتهن مقدار الألم والتعب والحالة النفسية المزرية التي يعشنها، ويزيد من قتامة الوضع، أنهن يعانين فقرًا مدقعًا، ونقصًا في جميع المستلزمات”.

لافتة إلى أنه “لا يوجد عمل للرجال؛ ما يضع النساء أمام محنة جديدة في الأماكن الجديدة التي هُجّروا إليها، حيث انعدام فرص العمل، والغلاء الفاحش في أسعار السلع؛ فقد تتجاوز أجرة المنزل الصغير في الداخل السوري 100 دولار أميركي”.

أما عن النساء في المخيمات، فقالت: “ذهبت مرة؛ فوجدتهن غارقات في الوحل بلا معيل، ولا تجد الأمهات طعامًا لأطفالهن، ولا ملامح لدعم أو إغاثة”. وعدّت المنظمات الإغاثية مقصرة مع أهالي حلب المهجرين، وغير مبالية بمآسيهم.

عُرفت هناء قصّاب الملقّبة بأم قصي، منذ بداية الثورة بشجاعتها وصلابتها وثباتها مع الحق، ولم تتوانَ يومًا عن دعم المحتاجين ومساندتهم، سواءً من خلال نشاط جمعيتها (نساء سورية) أو بطرق فردية، ولكن ما وقع لها أوهن عزيمتها وأقعدها، وهي اليوم لا تكاد تصدق أنها هُجّرت من أرضها التي باتت محتلة بحسب تعبيرها، وقالت: “أتمنى أن أنام واستيقظ لأجد نفسي في حلب”.




المصدر