مع هبوط سعر صرف الليرة التركية .. لاجئون سوريون في مواجهة ارتفاع الأسعار


أحدث الهبوط الحاد في سعر صرف الليرة التركية تخوفاً في أوساط اللاجئين السوريين، وخصوصاً الفقراء منهم، حيث بدأت الأسواق التركية تشهد ارتفاعاً ملحوظاً في أسعار السلع الغذائية بالدرجة الأولى، خلافاً للفترات السابقة التي لم تتأثر فيها الأسعار بالرغم من تدني قيمة الليرة.

وبعيداً عن الأسباب والعوامل التي أدت إلى تدهور قيمة العملة فقد سجلت أسعار بعض السلع مثل الزيوت والحبوب والقهوة والموالح والشاي والبيض ارتفاعاً خلال الأيام الأخيرة تقدر نسبته بحوالي 15%، على ما ذكر الصحفي صهيب مشاعل لـ”صدى الشام”.

وبيّن مشاعل المُطّلع على وضع الأسواق التركية في مدينة غازي عينتاب أن عدداً من المواد ارتفعت أسعارها بشكل جنوني، وأوضح “أن السعر الحالي لعبوة الزيت النباتي سعة 5 ليتر وصل إلى 27 ليرة تركية، في حين كان سعرها قبل أشهر 18 ليرة تركية”، وأضاف “لكن هنالك سلع حافظت على أسعارها السابقة، منها اللحوم والفواكه والخضروات”.

وطبقاً لمشاعل، فإن السوري هو المتضرر الأكبر من ارتفاع الأسعار في تركيا، موضحاً “يعاني العمال السوريون أساساً من تدني الأجور، ومن أوضاع اقتصادية متردية، خلافاً لأقرانهم الأتراك المسجلين لدى دوائر العمل الرسمية”، مضيفاً، “يكفي اللاجئ السوري ما يتكبده من إيجارات وفواتير شهرية مرتفعة”.

وتشير التوقعات إلى أن مؤشر التدهور المتسارع الحاصل في قيمة الليرة التركية، الذي بدأ مع بداية العام الحالي سيتجه للهبوط بوتيرة أكثر، ويستدلون على توقعاتهم تلك، بخسائر الليرة الكبيرة مع بداية العام الحالي، إذ فقدت الليرة التركية نحو 9% من قيمتها أمام الدولار في غضون أقل من نصف شهر من العام الجديد، بينما خسرت الليرة التركية نحو 17% من قيمتها على مدار العام 2016، الأمر الذي دفع بمهتمين في شؤون اللاجئين السوريين في تركيا إلى إطلاق تحذيرات من تأثيرات ذلك على حياة نحو ثلاثة ملايين لاجئ يعيشون في تركيا.
وفي هذا السياق، أبدى نائب المدير التنفيذي للمنتدى الاقتصادي السوري “رامي شراق” عدم ارتياحه للتضخم الحاصل في تركيا، مشيراً إلى حجم الضرر الذي سيحدثه الأمر في حياة غالبية اللاجئين السوريين في تركيا.
ولفت شراق في تصريح لـ”صدى الشام” إلى رفع السلطات التركية مؤخراً للحد الأدنى لأجور العاملين من 1300 إلى 1404 ليرة تركية، أي بزيادة نحو 7% عن الحد الأدنى الذي كان معمولاً به في تركيا.

ورأى أن هذا الإجراء الذي اتخذته تركيا بغية التخفيف عن مواطنيها في ظل الأعباء الاقتصادية الناجمة عن تدني سعر صرف الليرة التركية لا ينطبق إلا على فئة صغيرة من شريحة العمال السوريين، مبيناً أن “هذا الرفع من قيمة الأجر سيشمل العمال السوريين الحاصلين على تصاريح عمل”، مستدركاً “وهؤلاء هم قلة”.

وقال شراق “يجب أن يؤخذ تدني سعر صرف الليرة التركية بعين الاعتبار من قبل أرباب العمل الأتراك، وبالتالي يجب أن يحصل العامل السوري على زيادة في الأجور حتى يحافظ على مستوى معيشة مقبول”.
وفي حال عدم مبادرة أرباب العمل الأتراك إلى زيادة الأجور فإن الحل- من وجهة نظر شراق- لا بد وأن يمر عبر المطالبة بالحصول على إذن عمل، “لأنه الضامن الوحيد الذي يحول دون ضياع حقوق العمال السوريين في تركيا”.
وضمن رؤيته للحل حثّ الصحفي صهيب مشاعل أرباب العمل السوريين في تركيا على المبادرة بزيادة أجور العاملين السوريين والأتراك في مؤسساتهم على حد سواء، حتى يكونوا مثالاً يحتذى لأقرانهم الأتراك.
وقال: ” قد يكون طلبي هذا مثالياً، لكن يجب على صاحب رأس المال السوري أن يضع نصب عينيه ما يعانيه اللاجئ السوري من أوضاع اقتصادية متردية”.
وبدوره رأى شراق أن للمستثمرين السوريين دور كبير في هذا الجانب، وقال “لا يجب ألا يترك المستثمر السوري ذريعة لرب العمل التركي، وعليه أن يبادر من تلقاء نفسه بزيادة الأجور للعاملين لديه”.
وعن متوسط أجور العمالة السورية في تركيا نوه شراق إلى نتائج دراسة ميدانية كان قد أعدها في نهاية العام الماضي بعنوان “واقع المشاريع السورية الصغيرة والمتوسطة في مدينة غازي عينتاب”، موضحاً أن الحد الأدنى للأجور لا يتجاوز حاجز الـ 800 ليرة تركية فقط.

بعض السلع مثل الزيوت والحبوب والقهوة والموالح والشاي والبيض شهدت ارتفاعاً خلال الأيام الأخيرة تقدر نسبته بحوالي 15%

وعلى الرغم مما سبق، يبدو أن المساعدات المالية التي قدمت لنسبة كبيرة من اللاجئين السوريين، والمتمثلة ببطاقة الهلال الأحمر وغيرها من المساعدات، قد شكلت مصدرًا داعمًا لكثير من السوريين، ومنهم ربة المنزل عبير فحاّم، التي قالت لـ”صدى الشام”: “صحيح أن الأسعار ارتفعت، لكن هذه المساعدات المالية ساهمت في تحسين مستوى معيشتنا هنا”. وأضافت فحّام التي حصلت على كرت شهري بقيمة 700 ليرة تركية، “مهما بلغت نسبة الارتفاع فلن تفوق هذا المبلغ”.
إلا أن هذه المساعدات لن تغطي كل اللاجئين السوريين، وستكون أولوية الحصول عليها للاجئين الأكثر فقراً.
وكان الاتحاد الأوروبي قد بدأ مع بداية العام الحالي خطة تحت مسمى “برنامج المساعدة على الانسجام الاجتماعي” تقضي بتوزيع بطاقات نقدية على اللاجئين السوريين في تركيا، قيمتها 100 ليرة تركية عن كل فرد.
وبحسب تصريحات إعلامية أوروبية، فإن عدد السوريين المستفيدين من الدعم الأوروبي، سيصل لميلون لاجئ، ممن يعيشون خارج المخيمات.



صدى الشام