هدوء شتوي في الموسم الأدبي الفرنسي


انطلق الموسم الأدبي الفرنسي الشتوي محرَّراً من قيود الجوائز التي عادة ما تثقل كاهل الشرين والكُتّاب في موسم الخريف، وتغرقه في منافسة تلعب فيها الحسابات ودسائس الكواليس دوراً أكثر حسماً مما تلعبه طبيعة النصوص وجودتها. ويشهد هذا الموسم صدور 517 رواية، منها 66 عملاً روائياً أولاً، و337 رواية فرنسية، مقابل 180 رواية مترجمة عن اللغات الأجنبية ومنها العربية.
وإذا كان الموسم الأدبي الشتوي الذي انطلق بداية الشهر الجاري هو المناسبة المفضّلة للكتّاب الكبار والمكرّسين مثل دانيال بيناك وفيليب دجيان وميشال ويلبيك وباتريك بيسون وغيرهم، فإنه فسح المجال هذا العام للتعريف بالرواية الأفريقية الجديدة ولتقديم عدّة اصدارات لمجموعة من الكتّاب العرب.
ومن الروايات العربية المترجمة في هذا الموسم “جبل الزمرد” للكاتبة المصرية منصورة عزّ الدين وترجمة ستيفاني ديجولس عن “دار أكت سود” وكانت طبعتها العربية صدرت عام 2014 عن “دار التنوير” وحازت على جائزة “أفضل رواية عربية” في “معرض الشارقة للكتاب”. واستلهمت عزّ الدين في هذه الرواية، وهي عملها الثالث بعد “متاهة مريم” و”وراء الفردوس” عوالم ألف ليلة وليلة من خلال شخصية “بستان” الايرانية وفي الخلفية ثورة يناير المصرية وأحداثها.

وبعد صدوره بعدّة لغات أجنبية تصدّر بالفرنسية عن دار “سوي” مجموعة قصصية بعنوان “معرض الجثث” للكاتب والمخرج السينمائي العراقي المقيم في فنلندا حسن بلاسم. وتصوّر هذه القصص الصادمة ومن أبرزها “مجنون ساحة الحرية” جحيم الحياة وعبثية الموت في العراق ومآسي الهاربين من الحرب بأسلوب تغلب عليه السخرية السوداء والأجواء السوريالية. وقد لاقت هذه المجموعة نجاحاً لافتاً في طبعتها الإنكليزية. وكانت طبعتها العربية صدرت العام الماضي عن “منشورات المتوسط” في ميلانو.
وعن دار “سوي” تصدر للكاتب الجزائري سمير قسيمي ترجمة لروايته “حبّ في خريف مائل”، وقد تحوّل عنوانها بالفرنسية إلى “الحب في المنعطف”، وهي رواية صادرة عام 2014 عن دار “ضفاف” اللبنانية و”منشورات الاختلاف” الجزائرية. تسرد الرواية وقائع لقاء جمع بالصدفة بين عجوزين جزائريين، نورالدين بوخالفة وقاسم أمير، اللذين يتجوّلان في شوارع العاصمة ومقاهيها ويناقشان الأسئلة الوجودية الكبرى كالحبّ والموت والإيمان. وهذه هي الرواية الأولى التي تترجم للفرنسية لقسيمي الفائز مؤخراً بـ”جائزة آسيا جبار” للرواية والذي راكم سبع روايات آخرها “كتاب الماشاء” الصادرة عن دار المدى العراقية.
وعن نفس الدار صدر للباحث اللبناني جلبير الأشقر كتاب “انتكاسة الانتفاضة العربية، أعراضٌ مَرَضية” ويقدّم فيه قراءة ماركسية للانتفاضات التي عمّت المنطقة العربية وجذورها الاقتصادية والسياسية ومآلاتها المختلفة في تونس ومصر واليمن والبحرين وسوريا والدور الأمريكي في احتواءها. ويعتبر الأشقر أن الانتفاضات العربية المجهضة هي حلقة في “سيرورة ثورية” ستقود على المدى الطويل إلى تغييرات اجتماعية وسياسية جذرية.
كما أصدرت “غاليمار” ترجمة لرواية الكاتب الليبي البريطاني هشام جاب الله مطر “العودة” التي يواصل فيها سيرة البحث اليائس عن أثر والده جاب الله مطر، وهو دبلوماسي ليبي منشق اختطفته مخابرات النظام السابق من شوارع القاهرة، ويرجّح أن يكون توفي معتقلاً سياسياً في طرابلس. ويسرد مطر في هذه الرواية حكاية عودته إلى ليبيا للمرة الأولى منذ 33 عاماً بحثاً عن والده مع تناول موثّق للأحداث السياسية المعقّدة التي أفضت إلى الثورة.
وعن دار “سوي” صدرت للكاتب الفرانكفوني المغربي، عبد الله الطايع، رواية جديدة بعنوان “الذي يستحقّ الحبّ عن جدارة” وهي سرد موجع من خلال رسائل متبادلة بين شخصية أحمد، وهو أربعيني مثلي يقطن بباريس ووالدته المتوفاة منذ خمس سنوات، ويسترجع فيها الظروف العائلية المزرية خلال طفولته والتعرّض للاضطهاد الجنسي والاغتصاب. والطايع، من مواليد مدينة سلا المغربية عام 1973 وهو أوّل كاتب مغربي يشهر “مثليته الجنسية” وهي حجر الزاوية في أعماله الروائية والسردية وكانت “دار الآداب” اللبنانية أصدرت له ترجمة رواية “يوم الملك” عام 2012.
ومن أبرز الإصدارات المترجمة في الشهور الأخيرة؛ “لا سكاكين في مطبخ هذه المدينة” للكاتب السوري خالد خليفة، و”طشّاري” للكاتبة العراقية إنعام كجه جي الفائزة بجائزة “معهد العالم العربي” للرواية 2016، و”مسيح دارفور” للكاتب السوداني عبد العزيز بركة ساكن، و”في حضرة الغياب” لـ محمود درويش.



صدى الشام